تستفيد الدول العربية المنتجة للمواد البتروكيماوية وخصوصا المنتجة منها للنفط والغاز الطبيعي من التخفيضات التي يمكن أن تشهدها أسعار المواد البتروكيماوية جراء تطبيق أنظمة الحماية الجمركية والدعم الجمركي . ولم تحدد التوقعات أرقاما ثابتة بالنسبة لهذه الاستفادة نظرا لكون هذه الاستفادة قد تتأثر بشكل كبير بعوامل أخرى ليست في صالح الدول العربية والخليجية كشراء المعدات والتكنولوجيا من الدول المتقدمة بتكلفة عالية اضافة الى ضرورة التكوين الخاص لليد العاملة وتكاليف التمويل. واعتبرت المنظمة العربية للتنمية الصناعية أن هذه العوامل قد تقلص تنافسية الدول العربية في تصدير مواردها، الا أنه نظرا لأن المواد النفطية تدخل بنسبة تناهز 50 بالمائة من تكلفة انتاج المواد البتروكيماوية الأساسية، والامتياز الذي تتوافر عليه الدول العربية والخليجية في هذا الميدان يتوقع الا تمس هذه العوامل لمنافسة الدول العربية على الأقل بالنسبة للمواد البتروكيماوية الأساسية.
وتشيرالمنظمة، إلى ان التحدي الحقيقي الذي يواجه الدول العربية، يكمن في كيفية تعزيز مكانتها في النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يتطلب القيام بمجهودات لتخفيف تكلفة الانتاج، وتحسين الجودة، وتوفير أحسن الخدمات بالنسبة للزبائن علاوة على تأهيل الأنظمة القانونية، والجبائية، وتبسيط خطوات الاستثمار. وحثت الدراسة الدول العربية على أن تستغل المدة الزمنية المتاحة حاليا (2005) لتأهيل، وتطوير الصناعة البتروكيماوية العربية، وتكثيف التعاون العربي في هذا الميدان عبر تنسيق السياسات التسويقية بين المصدرين، وتنسيق السياسات التسويقية بين المصدرين العرب تجاه الأطراف الأجنبية، وتوسيع حماية السوق العربية الداخلية تحت مظلة اتحاد جمركي يضمن لها الاستفادة من المجالات التي يفتحها لها هذا النظام علاوة على ضرورة تنسيق جهود الترويج للمنتجات البتروكيماوية العربية في الأسواق الدولية، وتطوير التعاون مع الشركاء التجاريين الأجانب لضمان أسواق خارجية للمنتجات العربية. وبالنسبة للتجارة العربية البينية دعت المنظمة الى استغلال الفترة الزمنية المتاحة في الجات لايجاد الصيغ العملية لاحلال المنتجات البتروكيماوية العربية محل الواردات المماثلة مع الخارج، وتطوير الصناعة البتروكيماوية الوسيطة، والنهائية وكذا الصناعات التحويلية اللاحقة في الدول العربية ذات كثافة سكانية عالية، وبرؤوس أموال عربية حتى يكثر الطلب على جميع المواد البتروكيماوية في الأسواق العربية وحتى لا تبقى المنتوجات العربية موجهة فقط للتصدير.
واعربت الدراسة عن ضرورة تركيز الجهود حول جعل التشريعات، والهياكل الادارية، والمؤسساتية متجانسة في جميع الدول العربية وفي نفس الوقت مسايرة لمقتضيات التجارة الحرة، وتطوير قطاع الخدمات التجارية العربية خصوصا في مجال البتروكيماويات للتمويل، وضمان الائتمان، وتسويق المدفوعات، والمعلومات بما في ذلك انشاء قاعدة معلومات متطورة يتم تحديثها بشكل دوري ومرتبط بشبكة توفر الخدمات الضرورية للمنتجين والمستهلكين.
وحول سبل تأهيل الصناعة البتروكيماوية العربية والخليجية أفادت الدراسة انه يجب على كل الدول العربية المنتجة للمواد البتروكيماوية العمل على تطوير صناعتها بالاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة لضمان جودة عالية لمنتجاتها، وفي نفس الوقت القيام بمجهودات لتخفيض تكلفة الانتاج، وترشيد الامكانيات المادية، والبشرية، ونهج سياسة انتاجية وتسويقية فعالة ترتكز على عدة محاور.
اندماجات
وذكرت المنظمة ان المحاور يجب ان تشمل تطوير التنسيق بين المنتجين بتشجيع الاندماج بين المشروعات المتماثلة، والمتكاملة بانشاء قوة تفاوضية مؤثرة، وتشجيع القطاع الخاص، والاستثمار في هذه الصناعة، وتحسين جودة المنتجات والعمل على تخفيض كلفتها بتحسين مردودية الوحدات، وتوسيع قاعدة الصناعات البتروكيماوية بتنويع القائم، والتوسع في انتاج العطريات، والمواد الوسيطة، والنهائية التي تعتمد عليها.
تكتل اقتصادي عربي
وخلصت الدراسة الى ان الدول العربية مطالبة بأن تكون نشطة وحاضرة بقوة حتى يتسنى لها ان تدافع عن مصالحها وتستفيد من الامتيازات التي يمكن ان تحصل عليها خلال المداولات كمنظومة لها مميزات، وخصوصيات وذلك بالعمل التدريجي البيئي على انشاء تكتل اقتصادي عربي خلال الفترة الزمنية المتاحة بالتحرير التدريجي البيني علما بأنه لا شك أن هذا التكتل سيلعب مستقبلا دورا محوريا عندما تدخل مقتضيات التجارة الحرة حيز التنفيذ على الصعيد الدولي، وعلى نطاق واسع سيمثل هذا الاطار الوسيلة الوحيدة لتوفير الحماية الضرورية، وتطوير الصناعة البتروكيماوية، وتثبيتها تدريجيا للمنافسة الدولية الحادة التي سيعرضها السوق.
القطاع الخاص
وعن دور القطاع الخاص في تطوير الصناعات البتروكيماوية لفتت الدراسة الى أن الصناعة البتروكيماوية العربية تتميز بكونها صناعة يلعب فيها القطاع الخاص دورا محدودا نظرا للرسمايل المهمة التي تتطلبها، ونظرا لكونها تعتبر صناعة استراتيجية لكن مع التوجهات التي يعرضها العالم حاليا نحو تحرير التجارة، وعولمة الاقتصاد، وتلاشي الحمايات الجمركية يجب على القطاع الخاص أن يلعب دوره في تطوير الصناعة البتروكيماوية موضحة انه على الحكومات ادخال ا لقطاع الخاص تدريجيا في هذا الميدان بتشجيع الاستثمارات المباشرة أو التخلي عن بعض الحصص التي تمتلكها علما ان الاستثمارات الاجنبية قد تشكل في هذا المجال ضمانا لبعض الأسواق ووسيلة لتحويل التكنولوجيا.
البحث العلمي
وفيما يتعلق بالبحث العلمي في هذه الصناعة بالوطن العربي فقد نصحت المنظمة الصناعية العربية بأهمية تنمية البحث العلمي والتطوير، وتشجيع التعاون بين المختبرات العربية في هذا الميدان وخاصة البحث الاساسي الذي يتطلب جهودا بشرية ومادية كبيرة معتبرا البحث العلمي من الركائز المهمة لضمان التنافسية وتطور الصناعة بصفة عامة على المدى المتوسط، والبعيد لأن الاعتماد على الدول المتقدمة لاقتناء المعدات، والتكنولوجيا المتطورة قد يكون عائقا كبيرا في تطوير صناعة البتروكيماويات العربية مستقبلا. ويحد من القدرة التنافسية التي تتمتع بها حاليا.
مبادرة المملكة
وبينت الدراسة ان من بين جميع الدول العربية هناك المملكة فقط (من خلال سابك) هي التي اعتمدت سياسة البحث العلمي في ميدان البتروكيماويات حيث انشأت مركزا بقيمة 66 مليون دولار في الرياض للبحث، وتطوير الامكانيات التكنولوجية المتوافرة، واخر في هستون بأمريكا فضلا عن انها تخطط لانشاء مراكز أخرى في آسيا، واوروبا والهدف الاساسي من المراكز الموجودة خارج المملكة توفير الخدمات التقنية في عين المكان. وقال ظافر ان مقارنة مع الدول الاخرى تبقى المجهودات العربية في ميدان البحث العلمي في مجال البتروكيماويات على الخصوص متواضعة جدا حيث تقدر الاعتمادات المخصصة لهذا الغرض بأقل من 0.5بالمائة من مجموع المبيعات البتروكيماوية في حين تبلغ هذه النسبة مابين 4بالمائة إلى 5بالمائة في الدول الاخرى علما بأنه لا تكفي الاعتمادات المالية لتطوير البحث العلمي، ومنافسة الدول المتقدمة في هذا الميدان بل يجب تكوين أطر اكفأ، وتشجيع التعاون بين البلدان العربية وتجميع القدرات المتفرقة في كل بلد على حدة للعمل في مشاريع وبحوث مشتركة.
التأثر بالتطورات
وأوضح مدير المنظمة العربية ان صناعة البتروكيماويات في الدول العربية تتجه على الخصوص وتتأثر بالتطورات التي تشهدها السوق العالمية بما فيها الجات وان استفادة هذه الصناعات في المنطقة العربية من تطور الاسعار، ومن العائدات الناتجة عن تخفيف الرسوم الجمركية التي تخص المواد الكيماوية بصفة عامة والانتفاع من تحرير التجارة يبقى مرهونا ببعض العوامل تشمل تطوير هيكل الانتاج، وامكانية، ولوج الأسواق وقدرة تنافسية أكبر التي يمكن ان تنتج عن امتلاك مصادر المواد الأولية.
وحددت الدراسة أهم الترتيبات التي من شأنها أن تؤثر على الصناعة البتروكيماوية بالنسبة للدول العربية وتضم الاجراءات المتعلقة بالدعم، والاجراءات التعويضية، والضوابط الفنية، والمواصفات، واجراءات الاستثمارات، والضوابط الوقائية من الاغراق، ومبدأ الدولة الأولى بالرعاية علاوة على الاجراءات المتعلقة بحماية البيئة.
التطورات المناخية
ونوهت المنظمة العربية للتنمية الصناعية أن عولمة التكاليف البيئية وتطبيق مبدأ (البلد الملوث) في حالة تطبيقه سيكون هذا اعترافا أكيدا للتكاليف (البيئية) المتعلقة بانتاج، واستهلاك مواد الطاقة بما يعني بالنسبة للمستهلك تحمل أسعار أكثر ارتفاعا، وانخفاض الطلب مما سيؤدي أيضا الى التمييز الضرائبي بين المواد الطاقية (الأولية بالنسبة للصناعة البتروكيماوية). وأشارت الدراسة ان التغيرات المناخية ستشكل كذلك تحديا كبيرا بالنسبة للصناعة البتروكيماوية العربية ولقطاع النفط العربي عموما حيث تهدف الاتفاقيات الخاصة بالتغيرات المناخية (كيوتو 1997) الى تثبيت الانبعاثات وانقاصها، مشيرا الى ان العديد من الدول الأوروبية تتأهب لاعداد اجراءات في اطار مقرراتها الوطنية من اجل احترام التعهد الذي اتخذته في كيوتو. واعتبرت الدراسة ان مبدأ الدولة الأولى بالرعاية يضمن ان تتمكن الدول النامية والدول ذات النفوذ الاقتصادي المحدود من الانتفاع من أفضل الأوضاع للتجارة، ونظرا لأن الدول العربية لم تصبح بعد كتلة تجارية موحدة ولم تحقق بعد اتحادا جمركيا فإن تطبيق هذه المقتضيات قد يؤدي الى خفض التمييز بين التجارة البينية العربية التي لا تتجاوز 10بالمائة من مجموع تجارتها، والتجارة الخارجية علما بأن 60بالمائة من التجارة العربية حاليا موجهة للاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، و65بالمائة من مجموع الواردات العربية من نفس الدول. ونصحت المنظمة الدول العربية بايجاد أجود الصيغ لاحلال المنتجات البتروكيماوية العربية محل الواردات المماثلة من الخارج وتعزيز السوق العربية القائمة حاليا وان من شأن ذلك ان يدفع دول الخليج على الخصوص لاسراع وتيرة الاتحاد الجمركية المتفق عليه، والذي يرتقب تطبيقه ابتداء من 2005 علما بأن هذا الاتحاد الجمركي من شأنه أيضا فتح مجالات أوسع مع التكتلات الاقتصادية الأخرى كالاتحاد الأوروبي حيث يمكن انشاء منطقة حرة.
منطقة حرة عربية
ان انشاء منطقة التجارة الحرة العربية يمكن ان يحد من الاضرار التي قد تلحق الدول العربية جراء وجود تكتلات اقتصادية ومن المعروف أنها تقدم في بعض الأحيان تسهيلات تجارية لعدد من الدول المشاركة والمنافسة للدول العربية موضحا أنه لا تنطبق اجراءات الضمانات للحماية من الواردات على المنتجات مع الدول النامية طالما ان نصيبها من واردات المنتج المعنى لا تتجاوز 3بالمائة شرط الا تفوق اجمالية حصة هذه الدول النامية الاعضاء (بنسبة 3بالمائة لكل الدول) و9بالمائة من الواردات من المنتج المعنى.
وكشفت الدراسة ان الدول العربية تجد صعوبات، وعراقيل لتصدير موادها البتروكيماوية للاتحاد الأوروبي رغم ان هذه الصادرات تتم بموجب مقتضيات نظام التفضيلات Gsp ويعفى هذا النظام صادرات الدول العربية من المواد البتروكيماوية من التعريفة الجمركية مع تحديد سقف الصادرات الا ان السعودية لا تستفيد من هذا النظام (انتهاء من 1994) أما الدول العربية الاخرى فلا تستفيد كثيرا من هذا النظام لأن مستوى صادراتها ضعيف بالنسبة لصادرات السعودية علما بأن دول الخليج عموما تعتبر دولا ذات اقتصاد مفتوح تطبق أسعارا جمركية منخفضة حيث ان متوسط التعريفة الجمركية المطبقة على المنتجات الصناعية بما فيها البتروكيماوية 4بالمائة لكن بعض الدول التي التحقت بالجات قدرت تطبيق أسعار جمركية أعلى مماهو عليه الحال في الواقع. وذكرت المنظمة ان الكويت، والبحرين قررت تطبيق أسعار جمركية تتراوح بين 35بالمائة إلى 40بالمائة في البداية في حين قررت كل من قطر، والامارات تطبيق تعريفة جمركية على جميع المنتجات الصناعية بمتوسط 15بالمائة. واعترفت الدراسة بأن الصادرات البتروكيماوية العربية الى أمريكا تواجه كثيرا من العراقيل غير المتعلقة بالاسعار والتي تحد من دخول هذا السوق بصفة مهمة وتشمل المقتضيات المتعلقة بتحديد سقف الصادرات، والقيمة المضافة حيث تحدد أمريكا الكمية التي يمكن لها ان تدخل سوقها والتي لا يمكن لأي بلد يريد ان يصدر لهذه الدولة ان يتعداها.