وصلتني رسالة من شاب وهاتفتني أخته بعد ذلك.. وكانت رسالة مهمة ورأيت ان نتحدث عنها هنا لأنها متعلقة بمرض اصاب ويصيب فئة من اولادنا وبناتنا ولا نتحدث عنه الا وكأنه من فعل الحان والسحر.. ومحاط بأساطير لا تمت في صلة للواقع.. وهو مجرد مرض من الأمراض ولا يعدو غير ذلك ونحن نعني هنا مرض الصرع والرسالة هذا نصها:
(الاستاذه حكيمة: انا شاب مصاب بمرض الصرع وانا ولله الحمد لا اخاف منه, ولا تأتيني نوباته الا بفترات متباعدة جدا, ولكن الذي يشغل تفكيري بالوساوس هو الجانب, النفسي المتعلق بحياتي في الحاضر والمستقبل.. واود ان يتسع صدرك لتساؤلاتي التي اسألها كل يوم لنفسي, بل كل ساعة ودقيقة.. وهذه التساؤلات: هل انا صرت شخصا مخيفا.. لا يقتربني الناس؟ هل انا سأكون عبئا على أهلي من حيث خوفهم علي ومتابعتهم لحالتي؟ هل سأتمكن من ادارة حياة طبيعية فأتزوج, واشرف على ابنائي واذهب لعملي.. واقود السيارة؟ هل انا عاجز بالفعل وهل اصنف من فئة المعاقين؟ ثم جاء من قال لي يوما ان مريض الصرع هو الذي تخرج منه صرعاته من وضع نفسي في عقله الباطن فكأن المصاب بالصرع هو الذي يحمل سبب مرضه؟
محمد..
وانا اقول لابني محمد بأن الصرع مرض مثل غيره من الأمراض وليس له اتصال بأي شيء غير مادي او غيبي واترك كل ما تسمعه من اراجيف وخرافات حول هذا المرض.. فهو مرض معروف وشائع ويعرفه الأطباء بعمق وتتقدم الابحاث فيه.. كل يوم.. وصحيح انه لا يوجد حتى الآن عقار ناجع ونهائي لمرض الصرع الا ان هناك أدوية خاصة يصفها الأطباء مقاومة للصرع حسب حالة كل مريض وهي صحيح لا تعالج المرض نهائيا, ولكنها تمنع حدوث نوباته او تقلل منها بشكل كبير.. ونعرف مرضى لم يصابوا بأي نوبة منذ اكثر من خمسة عشر عاما.. فأرجو الا تقلق من هذه الناحية.
ولكني انصح عموما ان تكون هناك حملة لتفهيم الناس عن مرض الصرع وعن مرضاه.. وان يثقف المريض بالذات عن الصرع وعن حالته الخاصة..
ويحتاج مريض الصرع الى القوة والارادة التي تساهم قطعا في اضفاء, السعادة والقدرة الطبيعية في حياته وهذا لن يأتي الا عن طريق زرع الثقة بالنفس في المريض.. وعلى العائلة والاطباء والاصدقاء على السواء ان يشعروا المريض صادقين بأنه محبوب وبأنه مقبول وان لا شيء فيه يمكن ان يوصف بأنه غير عادي. اذن الحصول على الاجوبة الصحيحة ودعم الآخرين مهم جدا لتحسن حالة المريض من الناحية النفسية.. وارجو من المهتمين والمختصين ان يساهموا معنا بالطريقة التي يرونها مناسبة للرقي بهذا الموضوع وخدمة مرضى الصرع في الوقوف طبيعيا امام تيارات الحياة!
**حكيمة
