تحدث صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية خلال الإيجاز الصحفي الدوري لوزارة الخارجية أمس بفندق قصر المؤتمرات في جدة عن مواقف المملكة تجاه القضايا الراهنة وآخر التطورات في المنطقة ثم أجاب على أسئلة مندوبي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
واستهل سموه الإيجاز الصحفي بالبيان التالي:
تتابع المملكة العربية السعودية بقلق شديد تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقرار السلطة الإسرائيلية المحتلة الأخير بإبعاد الرئيس ياسر عرفات خارج الأراضي الفلسطينية.. وترى المملكة أن هذا القرار يعتبر إجراءا عدوانيا جديدا وخطيرا في سياسة التصعيد الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني كما انه يعتبر تحديا واضحا وصريحا للشرعية الدولية فضلا عن أن هذا الإجراء يعد استهتارا بالإرادة الدولية الجادة والهادفة إلى تحقيق السلام في المنطقة في إطار مبادرة خارطة الطريق.
وقد اتصل صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني بالإدارة الأمريكية فور إعلان إسرائيل عن هذا القرار الجائر حيث عبر سموه عن خطورة هذا الإجراء ونبه إلى نتائجه المؤدية إلى تفجير الأوضاع في المنطقة وعلى الأخص في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها عملية السلام نتيجة لسياسة الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة.
وقد أكد سمو ولي العهد على أن هذا الإجراء يشكل صفعة جديدة في وجه عملية السلام وجهود اللجنة الرباعية الدولية والولايات المتحدة لتطبيق خارطة الطريق وقد يشكل المسمار الأخير في نعش عملية السلام.
وعليه فان المملكة العربية السعودية إذ تضم صوتها إلى أعضاء المجتمع الدولي في التنديد بهذا القرار فإنها في نفس الوقت تدعو المجتمع الدولي كافة ممثلا في اللجنة الرباعية والولايات المتحدة راعية السلام إلى التحرك السريع والحاسم لمواجهة هذه السياسات الإسرائيلية الرامية إلى استباحة الأراضي الفلسطينية ومصادرة إرادة الشعب الفلسطيني الشرعية والدستورية.
أما فيما يتعلق بالحالة في العراق.. فبعد أن لمسنا تجاوب الجامعة العربية مع جهود الأمم المتحدة في هذا الإطار فان ذلك يؤكد الحرص على وحدة العراق وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية.
ونأمل أن يؤدي تضافر الجهود المشتركة بين كل من الأمم المتحدة والجامعة العربية والحكومة الانتقالية العراقية إلى الوصول للنتائج المأمولة في سرعة استتباب الوضع في العراق بإنشاء الحكومة الدستورية الموسعة ذات السيادة والتي تضمن المساواة بين جميع أفراد الشعب العراقي بصرف النظر عن الانتماءات القومية أو العرقية أو الدينية.
بعد ذلك أجاب صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية على سؤال عن تفسير بعض المراقبين لزيارة سمو ولى العهد إلى موسكو بأنها ردة فعل سعودية على تأثر العلاقات السعودية الأمريكية وان آخرين فسروها على أنها تنطلق من سياسة المملكة الخارجية لإيجاد قنوات جديدة للتحالف المستقبلي بقوله إن زيارة سمو ولى العهد لروسيا كان معدا لها منذ وقت طويل وأن روسيا بلد كبير وله شأنه في الأوضاع الدولية ومستقبله يكاد يكون من مستقبل الدول التي تبشر بالازدهار مؤكدا سموه أن هناك مصالح مشتركة بين البلدين.
وأضاف سموه قائلا لا اعتقد انه يمكن النظر للعلاقات مع روسيا بأنها بسبب علاقات مع دولة أخرى وروسيا وحدها تكفى أن تكون الهدف والمغزى لأي علاقات لتنمية المصالح المشتركة بين البلدين وليس من طبع المملكة أن تستعمل هذا النوع من المناورات لتعدل كفة بترجيح كفة أخرى ونحن نبني علاقات ونأمل أن تكون علاقات جيدة مع كل الدول خاصة الدول التي لنا مصالح مشتركة بها ومنها روسيا الاتحادية.
وعن ردة الفعل الخليجية والعربية تجاه مجلس الحكم الانتقالي في العراق غير الواضحة إلى الآن وان كان يرى سموه إمكانية وجود تمثيل على مستوى دبلوماسي لهذا المجلس الانتقالي على مستوى الدول الخليجية والعربية قال سموه أنه لا يرى هذا الغموض حيث أن الموقف العربي واضح ومنطلق من قرار مجلس الأمن والذي اعترف بمجلس الحكم الانتقالى في العراق وقرار مجلس الجامعة واضح في هذا الإطار مبينا سمو الأمير سعود الفيصل في الوقت ذاته أن العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية ولا يمكن أن يحجب عن الممارسة في هذه الجامعة لأنها بيت العرب الكبير.
وقال سمو وزير الخارجية أن الخيار هو هل تضفي الشرعية الكاملة لهذه الحكومة والتي لم تضفها لا الأمم المتحدة ولا حتى قوات التحالف الموجودة في العراق.. وكان القبول على أساس الجهد المفروض على المجلس والحكومة الانتقالية بذله للوصول لحكومة مستقلة التي هي لها حق السيادة في العراق.
وحول ما تعرض له سموه من محاولة اعتداء من قبل ليبيين في القاهرة قال سمو وزير الخارجية هذا الموضوع تحت التحقيق في مصر وهو عدوان على الشقيقة مصر بقدر ما هو عدوان على فرد من أفراد الدول العربية معربا سموه عن أمله في أن لا يكون هناك أي ارتباط أو أي مداخلات في الموضوع.
وعن المشروع السعودي لتطوير ميثاق جامعة الدول العربية أوضح سمو الأمير سعود الفيصل أن الأفكار كانت مطروحة من قبل المملكة وعرضت في الاجتماع الثلاثي المصري السوري السعودي واتفقت الدول الثلاث على صيغة ستقدمها للدول العربية لنقلها لقيادتها حتى تبحث في اجتماع المجلس التحضيري لقمة القاهرة.
وردا على سؤال عن الدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الخارجية في الرد على الشائعات والأكاذيب قال سموه اعتقد لم تكن إجراءاتها سرية في هذا00 أعلنت رغبتها في كشف الأوراق وأعلنت أنها لا تخشى الحقائق وأنها لا تريد من يتستر عليها وأنها تعمل وفق مصالحها في السلم والأمن الدوليين وتاريخها في محاربة الإرهاب ناصع ليس من وقت قريب ولكن منذ وقت بعيد.
وأضاف سموه قائلا نحن لا نستطيع إلا أن نوضح موقفنا لأولى الألباب ومن يريد أن يتفهم منهم سيتفهم أما من له قصد أو له مأرب من إلصاق التهم غير الحقيقية بالمملكة فهذا سيستمر في نهجه والمملكة لا تستطيع إلا أنها توضح الرؤية الحقيقية لها أما الواجب الآخر فهو على الدول الأخرى أن لا تتجاوب مع الأكاذيب.
وفى سؤال عن الحملة الدولية لمراقبة وضع انتشار الأسلحة النووية في العالم وعدم وجود أي محاولة جادة من الدول العربية أو أي دولة لمحاسبة إسرائيل وإخضاعها لميثاق السلام أجاب سموه قائلا هذا غير صحيح فالدول العربية في كل المنتديات الدولية تدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وتطلب مباشرة إخضاع إسرائيل للتفتيش الدولي والمراقبة الدولية فكل الإجراءات القانونية والسائرة مع الأعراف الدولية تتخذها الدول العربية.
وعن محاولات تدخل إسرائيل في الشأن العراقي ودخول شركاتها في إعادة اعمار العراق ومناقشة وزراء الخارجية العرب لهذا الشأن أوضح سمو وزير الخارجية أن العراق عضو مؤقت في مجلس الجامعة العربية إلى أن تظهر الحكومة الشرعية معربا عن اعتقاده بأن هذا الأمر يقع تحت مسؤولية الحكومة الانتقالية.
وفى رد لسموه على سؤال يتعلق بطلب روسيا الانضمام إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وهل لمس سموه حرصا ومتابعة من الحكومة الروسية حول هذا الموضوع وما هو موقف المملكة قال سموه كان هناك طلب قدم لماليزيا لأنها المستضيفة للمؤتمر الإسلامي.. والسؤال حول عضوية دول بها أقليات إسلامية موضوع طرح منذ فترة والى الآن لم يصل المؤتمر إلى أي قرار في هذا الإطار.
وأضاف سموه قائلا عضوية الدول كمراقبين من حيث المبدأ لا تؤثر سلبا على المنطقة أو دولها إلا إذا كان هناك خلافات بين الدولة الطالبة الانضمام.. والمملكة لا ترى لروسيا الاتحادية أي مشاكل قائمة بينها وبين أي دولة إسلامية ولكن هذا الموضوع لا تبت فيه المملكة ولا تبت فيه الدول منفردة وهو مطروح على نقاش المؤتمر القادم بناء على طلب رسمي قدمته روسيا لماليزيا وسنرى عندما يبحث الموضوع.
وعلق سمو وزير الخارجية على سؤال حول استعداد المملكة للموافقة على طلب العراق إرسال ممثل دبلوماسي إلى المملكة قائلا أولا لم يطلب منا ذلك.. والاعتراف له حالات وأمور.. وفى مثل هذه الحالة الدولة العراقية يعترف بها إذا كانت هناك حكومة لها كامل السيادة.. أما إذا كانت هناك حكومة غير كاملة السيادة فهذا وضع آخر.. ولكن الموضوع لم يبت فيه وينتظر دراسة حكومتنا لأي طلب يأتي وحتى الآن لم يأت أي طلب.
وردا على سؤال عن الحملات الإعلامية الإسرائيلية ضد المملكة بسبب دعمها للشعب الفلسطيني قال سموه إن الحكومة السعودية تقدم مساعداتها للسلطة الفلسطينية وهى لا تقدم مساعداتها للمنظمات ولا لغير المنظمات
فالمساعدات تقدم للسلطة الفلسطينية وهذا كان سائدا قبل إنشاء السلطة الفلسطينية عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والآن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني هي السلطة الفلسطينية فمساعداتنا هي لهم.
وحول سؤال عن مدى تفاؤل سموه بان يكون هناك دور محوري للأمم المتحدة في العراق لإخراجه من وضعه السيئ الذي يعيشه أعرب سمو وزير الخارجية عن أمله في أن يحدث ذلك مذكرا في هذا الصدد بإعلان المملكة وقادتها على أعلى المستويات وفى عدة مناسبات وبتأكيد مجلس الوزراء في بياناته الأسبوعية على ذلك لأنه يأمل أن يكون هناك دور محوري للأمم المتحدة في العراق.
وقال سموه الغريب في الأمر انه في كل المناقشات التي دارت في الأمم المتحدة قبل الحرب وحتى الآن ونأمل أن يتغير هذا الآن تم بحث كل شئ تحت الشمس.. ومن ذلك هل للأمم المتحدة دور.. وهل الانفراد في القرار سيؤثر على القانون الدولي.. وماذا سيحدث بالنسبة لمبدأ الملاحقة قبل الإجراء بالنسبة للقانون الدولي.. وما هي التوازنات التي ستكون إذا كان هناك انفراد.
ومضى سموه يقول كل شئ تم بحثه إلا العراق.. يعنى لم نسمع في الحوار الذي دار في أروقة الأمم المتحدة في ذلك الحين لما يحتاجه العراق للخروج من أزمته.. وأملنا في هذا البلد أن الحوار الذي سيتطرق له مجلس الأمن والذي بدأ يتطرق له أن يأخذ في عين الاعتبار ما يحتاجه العراق للخروج من الأزمة وان يسهم كل طرف على ضوء هذا التحليل بما يمكنه الإسهام به لمساعدة العراق للخروج من هذه الأزمة.
وفى سؤال وجه لسموه عن رأيه في الأصوات التي تنادى بإيجاد خارطة طريق أخرى لسوريا أعرب سمو وزير الخارجية عن أمله في أن لا تكون خارطة الطريق قد انتهت مشددا سموه على ضرورة أن يكون السلام شاملا وعادلا للوضع السوري اللبناني مع الوضع الفلسطيني لكي لا يبقى الحل منقوصا.