ينشط كتابنا وسياسيونا و اعضاء احزابنا من العروبيين والاسلاميين في فزعة لا مثيل لها في معاركهم ضد قوى الشر العالمي يزودون عن حمى العروبة والاسلام في دولنا العربية تلك الحمى المنتهكة من قبل القوى الامبريالية الصهيونية الاستعمارية الاستكبارية الطاغوتية المشركة الكافرة وهمهم بالطبع ذلك الانسان العربي المراد خنوعه واخضاعه و اذلاله, ذلك الانسان المتآمر عليه من تلك القوى الاجنبية, وهم يشكرون على تلك "الفزعة" وذلك الاهتمام بالانسان العربي المغلوب على امره.
انما الغريب في هذه الفزعة انها مركزة فقط على المناطق التي بها شبه وجود او بها وجود مؤكد لقوى اجنبية يلقون على كاهله سوء احوال العربي ويحملونه مسئولية تدهور الامن, اما باقي المناطق العربية المنكوبة فغائبة تماما عن اهتمامهم وكأن قاطنها لا علاقة له بالعروبة ولا بالاسلام و لا يحتاج لفزعة او لرعاية, , رغم ان دماءهم مازالت ساخنة على ارصفة الطرقات, فأي عروبة انتقائية تلك التي تهتم بالضحية وفقا لجنسية القاتل لا جنسية القتيل!!
في هذه الايام يضع الاخوة السودانيون يدهم على قلوبهم ويصلون مسلمون ومسيحيون شماليون وجنوبيون من اجل نجاح مباحثات السلام الجارية منذ ما يقارب الاسبوعين على اعلى مستوى بين طرفي النزاع في كينيا, ذلك النزاع الذي قضى على الاخضر واليابس بين اهل البيت السوداني الواحد مات فيها مئات الالاف ان لم يكن ملايين, و هي حرب غابت عن اهتمام الاخوان المسيسين العرب او اهتمام الاصوليين الاسلاميين, لانها ببساطة حرب اهلية لا تستفز مشاعرنا العروبية الاصلية, والدماء التي جرت بها دماء عادية لا تستحق الثأر والفزعة فالقاتل هنا منا وفينا والمتقاتلون منا وفينا فلا بشرة بيضاء بينهما تستفز عروبتنا وتستنهضها!!
والى الشمال من السودان العزيز هناك الجزائر الذي يضع يده على قلبه هو الآخر داعيا باستمرار نجاح الهدنة (النسبية) بين الجماعات الاسلامية و السلطة حيث تراجع عدد القتلى من 300 في الشهر الى 100 فقط وفقا لتقرير امنيستي الاخير الصادر قبل يوم, فقد نجح قانون الوئام في تهدئة الوضع الى حد كبير رغم عدم نجاحه في انهائه وحسمه, انما 100 قتيل في الشهر يعد انجازا جزائريا!! الا ان التقرير لم ينجح في احصاء عدد الضحايا من النساء الجزائريات العربيات اللاتي يتعرضن للخطف و الاغتصاب الى يومنا هذا لان التبليغ عنها قليل!
وغاب هنا الاهتمام العروبي ونسيت الجزائر بلد المليون شهيد لا لشيء فلم تتغير السحنة الجزائرية و لم يتبدل انتماؤها, انما المليون شهيد هذه المرة ماتوا على يد اخوتهم الجزائريين, ولهذا لا احد يذكرهم ولا احد يفزع لهم ولا احد يتحدث عن كرامتهم وحقهم في العيش, اما جماعاتنا الاسلامية فقالت ان كل القتل تم بيد السلطة والجماعات منها براء, في حين جاء تقرير منظمة العفو يحمل كلا الطرفين تدهور مستوى الامن!
وهكذا اعزائي لم يعد امام الاخوة العرب الذين يعانون اهمال اشقائهم وعدم اكتراثهم بمآسيهم وبدمائهم التي غطت الحقول والوديان والصحاري الا دعوة قوى اجنبية كي تشترك معهم اما في مباحثات السلام (كما تفعل السودان الآن) او دعوتهم للاشتراك في القتال, عل وعسى تلقى بعضا من الفزعة العربية الاسلامية التي يلاقيها الآخرون!!
*كاتبة بحرينية