عزيزي رئيس التحرير
إشارة الى ما كتبه الأخ م مشعل ناصر العقيل لجريدة (اليوم) بتايخ 30 جمادى الآخر الماضي ودعا فيه الى الشدة والصرامة مع المتسببين في الحوادث المرورية التي تحصد الأرواح وتتلف الممتلكات وتطبيق العقوبات الرادعة عليهم ومنها سحب رخصة القيادة والتوقيف والغرامات المالية على ان يكون تطبيق القوانين من قبل محاكم مرورية متخصصة ودون مراعاة للواسطة والمحسوبية..إلخ.
فالواقع ان هذه المشكلة قد خرجت في السنوات الأخيرة عن المألوف وتجاوزت الحدود الطبيعية والمعقولة وصارت حسب الاحصاءات الرسمية تحصد الأنفس بمعدل ثمانية قتلى يوميا الى جانب الاعاقات الدائمة والاصابات المختلفة التي تشغل حيزا كبيرا من مصحاتنا فضلا عن التلفيات والخسائر المالية التي تقدر قيمتها بأكثر من 21 مليار ريال سنويا حسب البيانات الاحصائية ذاتها.
واذا تأملنا في أسباب الحوادث وجدناها كثيرة ومتنوعة لكن يأتي في مقدمتها التهور في القيادة, مفاجآت الطريق وأكثرها من الحيوانات السائبة. انفجار الاطارات القديمة او سيئة التصنيع, قلة الخبرة لدى صغار او كبار السن, وأحوال بعض الطرق اضافة الى سبب هام في نظري باعتباره يزيد من خطورة الحادث عند وقوعه ويزيد من مضاعفاته وهو هشاشة هذه السيارات المصدرة الينا وضعفها بحيث لم تعد تتحمل أقل الصدمات ولم تعد توفر لمن بداخلها أقل الحماية ربما لاعتبارات تتعلق بالمقاييس او المواصفات بالرغم مما يقال من ان هيئة المواصفات والمقاييس السعودية تعتمد المواصفات الفدرالية الأمريكية التي تشترط أعلى مستويات التحمل للصدام عند وقوع حادث للسيارة لكن الواقع لا يؤكد ذلك.
هذه الأسباب وغيرها تظهر ان هناك مسببات لا متسببون وراء الكثير من الحوادث أما الحلول المطروحة لمعالجة هذه المشكلة فانها تتركز بشكل خاص على ضرورة تطبيق العقوبات الرادعة على المتهورين في القيادة باعتبار ان التهور والسرعة في القيادة من أهم أسباب الحوادث الخطيرة والمميتة.
ومن العقوبات التي يتردد ذكرها كثيرا سحب رخصة القيادة ممن تكثر مخالفاتهم وحوادثهم وهو خيار وارد لكن في نظري ينبغي ان يكون الخيار الأخير لأسباب منها:
1ـ كل إنسان في عصرنا الحاضر بحاجة الى هذه السيارة في تنقلاته وأكثر الناس حاجة لها هم قليلو الخبرة كثيرو المخالفات الذين يعيشون في المزارع والأرياف والبوادي ولا خيار لهم سوى تسليم سياراتهم لأبنائهم الصغار او قيادتها بأنفسهم.
2ـ عدم توافر وسائل المواصلات البديلة بالكيفية وبالأسعار المناسبة لأصحاب الامكانات المحدودة.
3ـ حتى في حال توافر بعض وسائل المواصلات العامة فانها في مجتمعنا لن تكون مقبولة كبديل للسيارة الخاصة الهم إلا من بعض أصحاب الظروف الخاصة.
4ـ يوجد في نظام المرور السائد من الجزاءات الأخرى ما يغني عن سحب رخصة القيادة ومن ذلك الغرامات المالية والتوقيف وحجز السيارة ولكنها مع الأسف جزاءات لا تطبق واذا طبقت ففي اضيق الحدود وأسهلها والسبب كثرة التدخلات السلبية من المواطنين الذين لا يريدون للأنظمة ان تأخذ مجراها لا على أنفسهم ولا على اقاربهم وهم من أجل ذلك يحرجون المسؤولين بمحاولاتهم المباشرة وعن طريق الواسطة والضغوط المختلفة وصولا الى التخلص من التزامات المخالفات وتبعاتها.
وعلى هذا فقس بالنسبة للكثير من الأنظمة التي تظل بسبب عدم تعاون المواطنين حبرا على ورق ولا تحقق الأهداف التي وجدت من أجلها.
وعلى العموم فان أنظمة الجزاءات الرادعة ستظل تصطدم بالكثير من العقبات وستظل جدواها نسبية ومحدودة وستظل هناك حاجة ماسة الى ان يشعر كل مستخدم للطريق بمسؤليته تجاه حياته وحياة الآخرين. من خلال التعاون الايجابي مع مسؤولي الأمن بدلا من التعاون عليهم ومن خلال التمسك التام بأصول القيادة السليمة والخضوع للأنظمة والتعليمات التي وضعت لمصلحة الجميع. اما أصحاب الحيوانات السائبة فأعداء حقيقيون لأمن الطرق ينبغي التعامل معهم على هذا الأساس.
محمد حزاب الغفيلي ـ الرس