صادف يوم الثلاثاء الماضي الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر 2003م الذكرى الثالثة والسبعين لتأسيس المملكة العربية السعودية والذي يمثل تاريخه اليوم الوطني لبلادنا. يأتي اليوم الوطني في هذا العام وكياننا العظيم بخير. نعم بخير لان اسس هذا الكيان التي وضعها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه لا تزال تفضي قدما الى معالم متحركة ليس فقط للحفاظ على هذا الكيان بل لما يوفر له في الزمان والمكان امكانية مواجهة التحديات والاستجابة لضرورة الانتقال من مرحلة الى اخرى من خلال التواؤم مع غنى الحياة وتطور الكون. اليوم الوطني هو يوم التعبير عن مشاعر الوحدة الوطنية على مستوى الدولة والشعب. في هذه الذكرى يستعرض الناس افرادا وجماعات موقفهم في هذا الوطن ومدى ما يتمتعون به من حقوق وواجبات على مدى مسيرته في الماضي متلمسين مدى مصداقية الوعود والمؤشرات لتحسين اوضاعهم الجسدية والمادية والتعليمية والصحية والحرية في العيش بكرامة عندما يتعلق الامر بقوتهم او بأفكارهم او عقائدهم. الدولة ممثلة بالادارة السياسية مدعوة لان تقدم في هذا اليوم اضافة الى ما تقتضيه المناسبة من مظاهر احتفالية لتحفيز مشاعر الاعتداد بما تم انجازه - مدعوة - لان تقدم رؤيتها للواقع وبرامجها للسير قدما في طريق تلبية احتياجات الناس وتطوير البلد.
يمكن القول ان اليوم الوطني يمر هذا العام وبلادنا تشهد تحركا شعبيا وحكوميا واسعا لصياغة مخارج مدروسة تمهد للانتقال السلمي الى مرحلة جديدة تعزز مشاعر الوحدة الوطنية وتجعل بلادنا شعبا ودولة عضوا فاعلا في القرية الكونية. لقد افضت الاسس الخلاقة التي وضعها الملك المؤسس الى تلك المعالم التي التقطتها الادارة السياسية واعلنت تبنيها لهذه المعالم ودشنت عهد الثقافة الجديدة القائمة على الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر طريقا للاصلاح. اليوم الوطني لبلادنا يأتي هذا العام مختلفا، الاعتداد بالوطن لم يعد مظهرا احتفاليا فقط بل مسئولية لا تخص الدولة وحدها بل تخص كل الناس. اليوم الوطني يقول لكل واحد منا جاء دورك. جاء دورك للمساهمة في فعل كل ما يجلب الخير وكل ما يبعد الشر عن بلادنا بغض النظر - وهذا هو الجديد - عن تطابق رؤياك مع رؤى الآخرين.
الشرط الوحيد او المعيار الفاصل هو الاعتراف بمكونات هذا الوطن والاخذ بمبدأ التفاعل السلمي بين الادارة السياسية والناس والاعتداد فقط بأننا سعوديون نحمل نفس الهوية على مستوى المشاعر والحقوق. في ذكرى التأسيس تتلاقى اليوم رغبة وارادة الادارة السياسية مع رغبات الناس والرغبتان تنسجمان وضرورات التطور المجتمعي، والمسئولية الجماعية تقتضي تسهيل عمل القوانين الداخلية لعملية التطور . ان فرصة المساهمة في الحفاظ على الكيان ومنجزاته وتطوير ادائه مواتية اكثر من اي وقت مضى. نحن لسنا بدعا في هذا الكون فكل بلدان العالم تمر بمشاكل وازمات والعبرة تكون دائما في امكانية الحوار والتفاهم للوصول الى اكبر قدر من الجهد المشترك بين الدولة وقوى المجتمع الحية للخروج من المشكلة.
اليوم تبدو فرصة الاستفادة من هذه العبرة ممكنة اكثر من اي وقت مضى (لمناقشة كل الازمات والمعضلات من اجل الحفاظ على ما ضحى من اجله اجدادنا بكل غال ونفيس في معالجة يجب ان تكون كل القنوات فيها مفتوحة من اجل حلول عملية لمعضلاتنا الراهنة على ألا تكون مقيدة بأي شرط او عائق الا بشرط واحد هو تماسك الكيان وقيمة الانسان).
كما يؤكد ذلك الدكتور تركي الحمد في حديثه عن المناسبة.