لقاؤنا هذا الخميس مع الكاتب الصحفي جهاد الخازن وهو من امضى ما يقارب نصف القرن في دهاليز الصحافة، فشارك في تأسيس اهم صحيفتين عربيتين هما (الشرق الاوسط) و(الحياة) اللتان تصدران من عاصمة غربية حيثما هو مستقر حاليا في العاصمة البريطانية لندن منذ عشرات السنين.. ويكتفي فقط بزيارات من حين لآخر الى وطنه العربي وبعد العمل لسنوات في صحيفة (الشرق الاوسط) قدم استقالته ليتفرغ لاعادة اصدار صحيفة (الحياة) التي كانت متوقفة لفترة ليست بالقصيرة وخلال هذه الفترة بين تلك الصحيفة وهذه كان يكتب مقالا اسبوعيا في صحيفة (اليوم).
وضيفنا من خريجي الجامعة الامريكية.. ومن المعروف عنه ان له علاقات خاصة مع ابرز قادة العالم واهمهم على الساحة الاعلامية والسياسية.. ومنهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. ومن المتعارف عليه عند ضيفنا انه يخصص فترة من كل عام ليسافر لمقر الامم المتحدة في الولايات المتحدة الامريكية لرؤية اغلب زعماء العالم والتحدث مع صناع القرار العالمي، وفي المقابل يزور عددا اكبر من زعماء العالم العربي من فترة لاخرى للمحافظة على علاقته معهم. ويبررها في هذا اللقاء بأنها لبناء افكار كتاباته من جديد ووضع خطة صحفية جيدة له. المقالب
@ بداية كنت كاتبا في صحيفة (اليوم) كيف جئت لها.. ولماذا غادرت؟
ـ لم تكن بداية او نهاية، وانما كنت في مرتبة بين المرتبتين، فقد استقلت من الكتابة في (الشرق الاوسط) للعمل على اعادة اصدار (الحياة) وهي جريدتي الاصلية، من لندن، وجئت الى (اليوم) عن طريق الامير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ عندما كان نائب امير المنطقة الشرقية، فقد كنت على عشاء معه في لندن عندما قال انه دبر لي (مقلبا).. وحاولت جهدي ان اعرف ما دبر، فلم يصرح بشيء، وعلمت بعد ذلك انه وراء اعلان نشرته (اليوم) عن قرب بدء نشري زاوية يومية فيها، ولبيت طلب الامير على ان اتوقف عند صدور (الحياة) فعلا، وهذا ما حصل.
زوجتي وأولادي
@ حدثنا عن علاقة عائلتك بما تكتبه يوميا وهل لها تأثير في ذلك؟
ـ زوجتي ناقدة حقيقية.. لا يعجبها شيء اكتبه، ولو كانت ربة عملي لمت من الجوع، اما اولادي فهم جميعا يتكلمون العربية بطلاقة الا ان معرفتهم بها قراءة وكتابة محدودة لولادتهم واقامتهم في الخارج. لذلك لا يستطيعون نقدا.
المراهقة
@ يقال انك تعاني مراهقة شيخوخة بدليل انك دائما ما تذكر جمال النساء في مقالاتك.. ما رأيك؟
ـ اصعب شيء في العالم يعبر عنه المثل: (جهل الكبير ما الو تدبير) وارجو عندما اكبر الا اجهل ليصدق في المثل كما صدق معكم يا اخ فيصل.
الحلم
@ علاقتك بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مميزة.. ما الشيء الجميل الذي تصفه به؟
ـ اعرف (ابو عمار) منذ نهاية 1967 وقد كتبت بتفصيل عن تعاملي معه واقول بكلمات بسيطة ان حلمه اقامة دولة فلسطينية مستقلة الا انني اشعر بأنه يخطىء او يضيع الفرص احيانا.
الخلافات باقية
@ هل استثمرت علاقاتك الدولية المميزة يوما ما لحل الخلافات العربية ـ الغربية؟
ـ هذه الخلافات عجز عن حلها قادة دول، وهي باقية ما بقينا، وان زعمت انني استطيع اجتراح معجزة سيكون ذلك غرورا فاضحا. ولكن اقول انني حاولت كثيرا ان انقل صورة صحيحة ودقيقة عن التفكير العربي الى القادة الاجانب الذين اجريت لهم مقابلات، من الهند الى الولايات المتحدة مرورا بأوروبا.
الدين العام
@ برأيك .. ما المشكلة التي يعانيها لبنان حاليا وما الحلول في نظرك؟
ـ اكبر مشكلة هي الدين العام الداخلي والخارجي، وهناك ارقام مطروحة لا تقل عن 30 بليون دولار، وقد ترتفع الى 40 بليونا، وهذا يعني انها ضعف الناتج القومي السنوي.
قيود الحرية
@ المثقفون يتحدثون عن الشفافية ويتهمون العالم العربي بانه غير ذلك.. فالى أي مدى باعتقادك هم شفافون؟
ـ ثمة قيود على حرية المثقفين العرب، وبعضهم يفرض قيودا على نفسه وقد انتهى كثيرون في السجن مما يعني انهم حاربوا في سبيل مبادئهم.. وفي النهاية الشفافية مربوطة بديمقراطية حقيقية، وهذه غير موجودة في بلادنا.
النفاق موجود
@ لك علاقات مميزة مع كثير من زعماء العرب.. فهل اضطررت للنفاق يوما ما لاستمرار هذه العلاقات؟
ـ لا يحتاج الواحد الى نفاق مع الزعماء العرب، خصوصا اذا كانت العلاقة قائمة ولا يسعى لبنائها. ولكن اعترف بأن العلاقة منعتني مرات كثيرة من انتقاد انظمة وممارسات اما خجلا او لمصلحة العمل.
عمودية
@ كيف ترى علاقة زعماء الوطن العربي.. بمثقفيهم ومفكريهم؟
ـ علاقة عمودية.
المصلحة
@ يلاحظ انك تفرق في مقالاتك حين انتقاد بعض الدول العربية عن الاخرى.. فلماذا؟
ـ مصلحة.. وهي مصلحة العمل لا مصلحتي الشخصية، فمن الخطأ الكبير ان يحارب الصحافي طواحين الهواء، لمجرد ان يقول انه حاربها، ماذا يفيد ان انتقد بلدا عربيا كبيرا، فتمنع جريدتي من دخوله؟ هل مقال واحد يساوي منعا دائما يحرم مواطني ذلك البلد من قراءة صفحات الجريدة الاخرى؟ لا اعتقد واذا كان هناك صحافي يعتقد ذلك فهو يخدع نفسه لأنه لا احد منا اهم من مطبوعته او مصلحتها ومصلحة كل العاملين فيها.
أحلى مدينة
@ أي المدن احب اليك لقضاء إجازتك.. ولماذا؟
ـ سان تروبيه والاسباب مكشوفة.
المساعدون والهاتف
@ الكتابة اليومية مهمة شاقة.. فهل تعتمد على اشخاص يساعدونك فيها؟
ـ عندي مساعدون في مكتبي، وفي مكاتب (الحياة) مع اتصالات قديمة مع دور بحث تعاملت معها وجامعات، كما اهاتف المسؤولين العرب في بلادهم.
الرفيق الصامت
@ من خلال كتاباتك تبين انك شديد الانتقائية للاصدقاء.. فمن الشخص الذي تحب ان تسافر معه ولماذا.. ولأي مكان؟
ـ انا اقرأ واسمع، لذلك افضل رفيق سفر من النوع الصامت. طبعا اذا رافقتني نعومي كامبل، فوجهتنا سان تروبيه (ارجو الا تقرأ زوجتي هذا الرد).
لدينا علتان
@ في رأيك ما اهم ثلاثة امراض تعانيها الصحافة العربية؟
ـ اكتفي بعلتين، نقص الحريات، وهذا واضح، ونقص الاموال، فصحافتنا فقيرة بالمقاييس العالمية، ودخل (نيويورك تايمز) وحدها في السنة هو 2.2 بليون دولار مقابل 1.8 بليون دولار لجميع وسائل الاعلام العربية من المحيط الى الخليج.
الرأي الحقيقي
@ متى تمنيت لو لم تكن كاتبا او صحافيا؟
ـ عندما لا استطيع ان اكتب او انشر رأيي الحقيقي او الكامل.
الصعوبة
@ شاركت في تأسيس صحيفتي (الشرق الاوسط) و(الحياة) ايهما كانت الاصعب مخاضا؟
ـ الصعوبة نفسها، ويعوض عنها دائما النجاح، و(الشرق الاوسط) خطت طريق البث بالاقمار الصناعية، و(الحياة) فتحت باب الطباعة الالكترونية للجميع.
كلاهما
@ وأيهما اشد فراقا لك؟
ـ ارجو الا افارق هذه او تلك.
نطالب بالمزيد
@ يقال ان الصحف العربية المهاجرة تستغل اوضاع المهاجرين العرب وتشغلهم برواتب متدنية.. هل عانيت هذا الامر؟
ـ ليس هذا صحيحا، لان مستوى المعيشة اغلى في لندن وباريس منه في القاهرة او الرياض. وهناك منافسة على الصحافيين الجيدين، والمرتبات معقولة، مع اننا جميعا نطلب المزيد.
الساعات الثمينة
@ هل تلقيت اموالا او هدايا قيمة من زعماء عرب بمناسبة ما؟
ـ اقبل ساعات فقط، فالساعة هدية تقليدية، وقد كتبت عن هذا الموضوع، لانني اصر على الدخول من باب (الاحمر) في المطار وادفع الجمارك صاغرا عن كل ساعة. وهكذا فالهدية تكلفني مالا بدل ان تفيدني، لانني لا احتاج الى اكثر من ساعة واحدة، بل لا احتاج الى ساعة لاننا معشر العرب نعرف الوقت كمجرد قبل الظهر او بعد الظهر.
الذهب والألماس
@ ما اغلى هدية تلقيتها.. وممن؟
ـ اغلى هدية كانت من الشيخ حمد بن خليفة امير قطر وكانت ساعة (بياجيه) من الذهب والالماس.. دفعت جمارك عليها بلغت 2200 جنيه اسـترليني ولا ازال احتفظ بالايصال لذلك لا استطيع ان اتحدث عن الموضوع.
ساعة زوجتي
@ هل اثرت هذه الهدية على كتاباتك الصحفية؟
ـ لو اثرت لكان التأثير سلبيا لانني خسرت 2200 جنيه بسبب هذه الهدية التي استبدلت بها في النهاية ساعة لزوجتي.
المناسبات
@ ما تعريفك لرشوة الصحفي.. وهل دعوة على العشاء او هدايا المناسبات ضمنها؟
ـ لا اعتقد ان المناسبات الاجتماعية رشوة، والهدايا ضمن حدود معينة مقبولة، ولكن عندما تكون (الهدية) نقدا وعدا فهذا حديث آخر.
لا إصلاح
@ لنفترض انك امينا عاما للجامعة العربية.. كيف ستصلح احوال هذه الامة المنكوبة؟
ـ لن اصلحها ولو اعطيت عصا سحرية، واخي عمرو موسى عنده مشاكل ما كانت عنده لو لم يكن الامين العام.
هذا ما أقوله
@ لو التقيت بأحد من هؤلاء ماذا ستقول له:
ـ عثمان العمير أو سمير عطا الله أو رفيق الحريري أو عمرو موسى أو ياسر عرفات أو فيفي عبده.
ـ عثمان العمير.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ سمير عطا الله.. عوافي.
ـ رفيق الحريري.. ارجو ان تستمر في اعمار لبنان.
ـ عمرو موسى.. ربنا يكون في عونك.
ـ ياسر عرفات.. نتقابل في القدس ان شاء الله.
ـ فيفي عبده.. تقبرين عظامي.