اوضح محللون انه يتعين على اليابان تقليص فائض حسابها الجاري الذي يتراكم بمعدل قياسي يبلغ نحو 150 مليار دولار سنويا للسيطرة على الين بدلا من انفاق ثروة لمحاولة رفع قيمة الدولار.
وتسعى الحكومة باستماتة لخفض قيمة الين لحماية الصادرات لكن سياستها الحالية التي تشتري بمقتضاها كميات هائلة من الدولارات لخفض قيمة الين لها نتائج عكسية لانها في الواقع تضيف الى فائض الحساب الجاري الياباني مما يؤدي الى مزيد من الضغوط لرفع قيمة الين.
وقال اكيو ميكوني مؤسس شركة ميكوني ليمتد وهي شركة مستقلة للتصنيف الائتماني في ظل الاعتقاد الخاطيء ان تشجيع الصادرات هو السبيل الوحيد للخروج من الانكماش تتدخل اليابان بقوة للحفاظ على قيمة الدولار. وتابع قائلا: في الواقع ان تراجع قيمة الين وتراكم الفائض المترتب عليه يزيد من الانكماش. ففي فترة النمو المرتفع كان فائض الحساب الجاري الياباني والارباح المقومة بالدولار رمزا للرخاء ومنحا البلاد تصنيفا ائتمانيا دوليا مرتفعا.
وكان الاحتفاظ بالدولار امرا جيدا حينئذ. وتكون مهمة الحكومة في ذلك السياق هي دعم الدولار والحفاظ على الفائض الياباني.
لكن ميكوني يرى ان اليابان وقعت آنئذ ضحية للسياسة نفسها. فالانكماش كان نتيجة وظاهرة نجمت عن تراجع تدفق الاموال الى الداخل.
وقال ميكوني: اذا جرى تحويل الفائض الذي نحققه بالدولارات الى الين وجرى انفاقه في الداخل لما واجهنا مشاكل. لكن الجزء الاكبر من الفائض يستثمر في اماكن أخرى وتحديدا في الولايات المتحدة خوفا من ضعف الدولار.
وقال ميكوني نظرا لاننا لا نعيد الاموال التي كسبناها من بيع السلع في الخارج فاننا نعاني نقصا في الاموال في الداخل. ولم يعد الاحتفاظ بالدولار امرا جيدا سواء لليابان او للولايات المتحدة.
وقال ميكوني ان اليابان لا تصدر سلعا للولايات المتحدة فحسب وانما تعطي كذلك للشعب الامريكي الاموال لشرائها. وسمح هذا النظام للمستهلك الامريكي بالاستمرار في الانفاق في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة عجزا هائلا في الحساب الجاري عاما بعد عام مما يولد ضغوطا نزولية شديدة على الدولار.
وفي هذا الوقت جرت تغطية تقلص التدفقات النقدية بممارسة ضغوط رسمية على البنوك للاقراض بقدر فاق قدرة الاقتصاد على النمو في الثمانينات ثم بقدر هائل من الانفاق الحكومي في التسعينات.
لكن اليابان تواجه الآن انكماشا بعد ان استنفدت تلك البدائل مع عدم استعداد البنوك للاقراض بسبب ضخامة حجم ديونها المتعثرة ولان أسعار الفائدة بلغت صفرا بالفعل وحاجة الحكومة لتقليص دين عام يعادل أكثر من 140 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي.
كما تضطلع الحكومة الآن بدرجة كبيرة بمسؤولية اعادة تدوير الفائض التي كانت دور القطاع الخاص حتى وقت قريب.
وخلال تلك العملية تراكم لدى اليابان أضخم رصيد من احتياطيات النقد الاجنبي في العالم وبلغ 569ر644 مليار دولار معظمها في الخزانة الامريكية.
وحتى نهاية سبتمبر كان القطاع الخاص الياباني يحتفظ بأصول في الخارج حجمها 63ر178 تريليون ين 1665 مليار دولار في شكل استثمارات في محافظ أوراق مالية.
وأنفقت اليابان التي تحارب وحدها للدفاع عن الدولار المعتل نحو 18 تريليون ين 168 مليار دولار باسعار صرف اليوم الجمعة على التدخل في اسواق العملات على مدى 11 شهرا المنتهية في نهاية نوفمبر.
وكان لهذا الانفاق تأثير ضئيل. واقترب سعر الدولار اليوم الجمعة من مستوى 107 ينات مقتربا من أدنى مستوياته في ثلاث سنوات التي سجلها مؤخرا عند 74ر106 ين.
ويشعر كثير من المحللين ان الدولار سيتراجع في وقت قريب الى مستوى مئة ين ليواصل انخفاضه لاحقا في ظل ثقل العوامل النزولية التي تؤثر على الدولار من عجز الحساب الجاري الامريكي وعجز الموازنة الامريكية والمخاوف الامنية الجغرافية السياسية.
ويقول المحللون ان اليابان تحتاج الى سياسة اصلاح تعبر عن الحقائق الجديدة.
وقال ماساو سوزاكي الاستاذ في جامعة سينشو بطوكيو هناك حاجة لمواجهة الاختلالات الخارجية التي تشكل جوهر عدم استقرار سوق العملات. وأضاف ان كلا من الولايات المتحدة واليابان طبقتا للاسف سياسات غير سليمة.
فالولايات المتحدة تعتقد ان مواجهة عجز ضخم ليس مشكلة طالما انه يمول وتعتقد اليابان ان الحفاظ على فائضها الضخم ليس مشكلة طالما يعاد تدويره.