برعاية فخامة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، افتتحت أمس الاثنين اعمال الدورة الحادية والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب، في مقر الأمانة العامة للمجلس في تونس، حيث يترأس وفد المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية والرئيس الفخري للمجلس.وبدئ حفل الافتتاح بالقرآن الكريم، ثم تلا معالي وزير الداخلية والتنمية المحلية التونسي الهادي مهني كلمة الرئيس زين العابدين التي جاء فيها ان جدول الأعمال يتضمن موضوعات تتصل بالمشاغل الأمنية مما يؤكد على ضرورة تكثيف مجالات التشاور والتعاون.ونبه الى ما يكتسيه ملف الارهاب في الظروف الاقليمية والدولية من اولوية في الاهتمامات لا سيما بالنظر الى ما خلفته احداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 من تداعيات خطيرة على الامن والاستقرار والتفاهم في العالم بشكل عام وفي المنطقة العربية بشكل خاص.
ودعا فخامته الى التفكير في وضع مشروع اتفاقية عربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود العربية بالتعاون مع مجلس وزراء العدل العرب.
واعرب عن اعتقاده بان مستقبل الامن والاستقرار والتنمية في العالم يبقى رهنا بتكريس الحوار الشامل بين كل الثقافات والحضارات والاديان وتكريس التفاهم والتسامح بين كافة الدول والشعوب.
كما أعرب عن تقديره لما يؤديه صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز من خدمات جليلة في توجيه شؤون المجلس بفضل ما يتحلى به من حصافة وحكمة.
اثر ذلك ألقى سمو وزير الداخلية السعودي كلمة، مما جاء فيها:
تعلمون جميعا ان مسؤولية الامن في دولنا العربية هي في الحقيقة مسؤولية عظيمة.. عظيمة لعظم اثارها على حياة الناس ومعايشهم واستقرارهم وهذه المسؤولية اخذة في التعاظم يوما بعد يوم .. متأثرة بكل ما يطرأ على الفكر الانسانى من تغيرات ادت الى اتساع مفهوم الامن ومسؤولياته.. وهو المفهوم الذي اصبح يتجاوز مسئولية الردع وادواته الى مسئولية الارتداع ووسائله .. وبذلك بات الامن يشمل جوانب وابعادا جديدة لم تكن في الحسبان انها مسؤوليات جديدة املتها ظروف العصر ومتغيراته واحداثه وتداعياته لتصبح المسؤولية الامنية العربية مسؤولية بناء ذات .. وحماية وجود .. وصيانة فكر ليس من خطر خارجي فحسب ولكن من تهديد داخلي قوامه افكار شتى بعضها انفصل عن هويته وابتعد عن قيم مجتمعه وتنكر لاصالته متاثرا بما لدى الاخر ومطالبا باعتماده وبعضها متطرف لا يتورع اصحابه من استحلال الدماء المعصومة وترويع الامنين وتدمير الممتلكات ليصبح العنف الارهابي من اعتى المهددات واشدها خطر وبلاء ورعبا على امننا العربي حيث يعمل اصحاب هذا الفكر المنحرف في الظلام ويحترفون مباغتة الناس بما يحرمهم صفو يقظتهم ولذة نومهم وبما يستبيح كرامتهم ويعمل على نشر الرعب بين الامنين واصحاب هذا الفكر يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية كما وصفهم سيد المرسلين محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة والتسليم حيث قال: ياتي في اخر الزمان قوم حدثاء الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يتجاوز ايمانهم حناجرهم فاينما لقيتموهم فاقتلوهم فان قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.
.. ان هذه الافكار الخارجة تمثل بكل اسف تهديدا خطيرا لامننا العربي ولا يمكن ان تكون مواجهتها فقط ببيانات تشجبها او تحرمها دون تقليل من هذه البيانات في ايضاح المواقف.
ولكن الامر كما تعلمون اكبر واخطر من ان تعالجه عبارات التجريم والتحريم انه بكل وضوح امر يستوجب مواجهة امنية فكرية شاملة وواعية ومستمرة لايقاظ المنفصلين عن هويتهم والتصدي بكل حزم واقتدار للفكر المنحرف عن الدين وثوابت الامة وذلك من خلال عمل اجتماعي شامل متكامل يضمن باذن الله امن وامان واستقرار الامة وبه تصان ارواح الناس وتعصم دماؤهم واموالهم واعراضهم كما امر المولى عز وجل.
بعد ذلك القى معالي الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان كلمة اكد فيها ان هذه الدورة تعقد والمنطقة العربية تمر بظروف دقيقة وتواجه تحديات متزايدة، مشيرا الى الوضع في فلسطين والعراق اللتين وصفهما بالجرحين النازفين في الجسم العربي.
عقب ذلك القى معالي وزير الداخلية والبلديات اللبناني ورئيس الدورة العشرين للمجلس المحامي الياس المر كلمة أشاد فيها بإنجازات المجلس وخاصة في مجال مكافحة الارهاب.
وبعد ذلك تسلم امين اللجنة الشعبية العامة للعدل والامن العام الليبي محمد علي المصراتي رئاسة الدورة الحالية لمجلس وزراء الداخلية العرب وألقى كلمة بهذه المناسبة، ثم عقدت الجلسة الأولى لأعمال الدورة.
وفي تصريح صحفي عقب الجلسة الافتتاحية، توقع سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز نجاح الاجتماع، وردا على سؤال حول الحديث النبوي الشريف عن مواجهة المارقين الذي استشهد به سموه في كلمته، قال: هذا نص الحديث .. يجب ان نواجه هذا الامر بكل حزم وكل قوة ولكن يجب أن نهتم بالناحية الفكرية وتنظيف هذه الادمغة والاذهان من الخطأ الموجود فيها والاساءة لاستعمال الاسلام أو أى حس وطنى فى غير موضعه.
وحول ما اذا كان هذا الخطاب متشددا مقارنة بخطب سموه الداعية للحوار الفكري قال: أنا .. دعيت للحوار الفكري وأكدت على أن الناحية الامنية ليست هي الاولى بل الاولى هو مواجهة هذا الفكر من أصحاب الفكر وأصحاب العلم والمثقفين العرب بحيث أننا نخلص الفكر أو الذهن العربي من الشوائب التى دخلته.
وتطرق سموه لدور أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية في مكافحة الارهاب والفساد والجريمة مشيرا الى أنها تقدم الشيء الكثير من الناحية العلمية.
وحول تقييم سموه للوضع الامني في المملكة العربية السعودية قال سموه الحمد لله .. الوضع الامني جيد والامور مستتبة وهذا لا يمنع ان نفاجأ باشياء قد تكون ممن يريدون أن يعبثوا بالامن ولكننا قادرون ان شاء الله على مواجهتها والشعب السعودي قادر جدا على مواجهة هذه الامور.
وتعليقا على سؤال عن وضع اجراءات خاصة بمناسبة موسم الحج لهذا العام قال سموه: دائما نحن نأخذ اقصى درجات الاجراءات الامنية لكن بما لا يؤثر على الحجاج في تحركاتهم وامنهم وحياتهم اليومية.
وحول ما اذا كان هناك خطورة فى المملكة من تنظيمات موجودة بالفعل قال سموه هي بلا شك انها أعمال مثل ما حصل ولكنها تبرر بأفكار مرفوضة في الحقيقة وللاسف أنها تدعى الاسلام وهى بعيدة جدا عن الاسلام وبالعكس أساءت لتفسير الاسلام في هذا.
وفيما يتعلق بالحوار الوطني الذي يجري في المملكة وهل سيكون مع هذه الجماعات أو بعضها حوار أكد سموه ان هناك حوارا مع مجموعة من المواطنين برعاية صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني برغبة منه بين المثقفين والمفكرين .. ولكن تلك الجماعات ليس معهم حوار أبدا.
وحول وجود اتجاهات أمريكية تشكك في الاستقرار الامني في المملكة قال سموه: للاسف أن يكون هذا موجود من بعض الجهات أو بعض وسائل الاعلام وهذا أعتقد أنه خطأ كبير وليس في صالح حتى الولايات المتحدة.