احتفلت المملكة امس الاربعاء 8 من يناير 2003م باليوم العربي لمحو الامية.. ويأتي احتفال المملكة بهذا اليوم مشاركة منها لدول العالم العربي.. حيث تعتبر المملكة من الدول السباقة في هذا المجال وقد قطعت شوطا كبيرا وخطت خطوات ملموسة سواء من حيث انتشار مدارس محو الامية في كافة المدن والقرى والهجر او من حيث ازدياد اعداد الراغبين والراغبات في التعلم واللحاق بقطار التعليم والتنوير.
وفي هذا الصدد دعت ادارة محو الامية بشئون تعليم البنات الى بذل الكثير من الجهود للقضاء على الامية, وتكثيف التوعية اللازمة لمن فاتهن قطار التعليم ودعوتهن للالتحاق بالمدارس المخصصة لذلك والمنتشرة في كافة مدن وقرى المملكة, وكذلك حث الامهات على الاستفادة من جميع الفرص المتاحة لهن للتزود بالعلم والمعرفة.
وفي مراكز محو الامية يتم التعريف بهذا اليوم وتشجيع الدارسات على الاستمرار في التعلم وبيان فائدة العلم ومدى استفادة المتعلم نفسه, كما يتم تذليل كافة العقبات التي تقف حائلا دون ذلك.
كما يتم اعداد بعض المنشورات التي تساعد المتعلمات على المذاكرة.. كذلك عمل مقارنات عملية لبعض احوال الدراسات قبل التعليم وبعده من حيث التحاقهن بمدارس محو الامية.. اضافة الى تكثيف التوعية بمضار الامية على الفرد وعلى المجتمع.. والدعوة الى الاستفادة القصوى من كافة الامكانات التي وفرتها الدولة في هذا المجال.
حيث تجاوز عدد خريجات مدارس محو الامية 140 الف خريجة ويعتبر هذا الرقم مشجعا جدا خاصة في ظل الاهتمام البالغ الذي تبديه الدولة بهذا القطاع الهام وايجاد الحوافز التشجيعية للدارسات بهدف حثهن على الالتحاق بهذه المدارس ومواصلة الدراسة والاستمرار فيها حتى نهاية المرحلة, حيث يتم صرف مكافأة مقطوعة مقدارها 1000 ريال لمن تكمل مرحلة الدراسة كاملة.
وقد حظي تعليم الكبيرات بمزيد من التطور في مختلف مراحله الدراسية, حيث اصبحت مراحل التدريس ثلاث سنوات بدلا من اربع تحت مسمى المرحلة الاولى لمحو الامية وتعليم الكبيرات, وكذلك المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة, وقد بدأ تنفيذ هذه المراحل منذ عام 1419هـ للسنة الاولى وعام 1420هـ للسنة الثانية وعام 1421هـ للمرحلة الثالثة.
ونتيجة لهذه الجهود, فقد استحقت بلادنا تقدير المنظمات الدولية والاقليمية التي تعنى بمجالات التربية والثقافة والعلوم وحصلت المملكة على جزائز لمحو الامية تشجيعا وتكريما للجهود التي تبذلها الهيئات الحكومية والجمعيات الاهلية والافراد في مجال محو الامية وتعليم الكبار.. اذ منحت خمس جوائز دولية للمملكة ممثلة في عدة جهات حكومية وهذه الجوائز هي:
1ـ الادارة العامة للثقافة والتعليم بوزارة الدفاع والطيران حصلت في عام 1996م على جائزة الملك سيجونغ لمحو الامية من منظمة اليونسكو.
2ـ الامانة العامة لتعليم الكبار بوزارة المعارف حصلت في عام 1996م على جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في مجال محو الامية الحضاري.
3 ـ الرئاسة العامة لتعليم البنات حصلت على جائزة (نوما) لمحو الامية في عام 1998م من منظمة اليونسكو.
4 ـ الرئاسة العامة لتعليم البنات حصلت في عام 1998م على جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في مجال محو الامية الحضاري.
5 ـ الادارة العامة للشؤون الثقافية والتعليمية بالحرس الوطني حصلت على جائزة تعليم الكبار في عام 1999م من المجلس العالمي لتعليم الكبار ومقره كندا.
وفي هذا السياق اشارت تقارير الامانة العامة لتعليم الكبار بوزارة المعارف الى انخفاض الامية بين الذكور في المملكة, حيث بلغت نسبة الانخفاض 8.42% وارجعت التقارير سبب ذلك الانخفاض الى البرامج والنشاطات المتنوعة التي وضعتها الوزارة لمكافحة الامية, موضحة ان اجمالي عدد الدارسين في هذا المجال قد بلغ 7974 دارسا بمراكز محو الامية ومدارس تعليم الكبار اما عدد المدارس فقد بلغ حوالي 1356 مدرسة ضمت اكثر من 3201 فصل مدرسي.
واوضحت التقارير ان وزارة المعارف قامت خلال 35 عاما الماضية بـ(88) حملة في مواقع مختلفة من المملكة بهدف محو الامية بين البدو الرحل وسكان المناطق النائية كما اشارت الى ان ثلاث حملات منها قدمت خدماتها لاكثر من 10 الاف مواطن في ثلاث مدن وهي بيشة وعقيق ومكة المكرمة, كما قدمت الوزارة مشروع مجتمع بلا امية لهدف تسريع الاحتفال بمحو امية آخر شخص في المملكة.
ويندرج تحت هذا المشروع عدة مشروعات اولها مشروع وزارة بلا امية ويهدف الى محو امية منسوبي القطاعات الحكومية.
وقامت بتطبيق المشروع كتجربة اولى في وزارة المعارف حيث تم تطبيقه على الاميين في ادارات التعليم وجميع المدارس في المناطق والمحافظات من الخدم والسائقين والحراس لمدة عامين دارسيين وقد شمل المشروع اكثر من 4980 اميا في الوزارة.
وهناك العديد من المشاريع التي تنفذها بعض الجهات في المملكة كمشروع الامن لعام بلا امية والذي يهدف الى محو الامية في قطاع الامن العام بالمملكة, وقد استفاد منه اكثر من 700 امي في ادارات الامن العام المختلفة, اضافة الى مشروع المدينة المنورة بلا امية وهدفه الوصول الى الاميين في اماكن تواجدهم وسيتم تنفيذه خلال العامين الحالي والقادم.
ويتوقع بعض التربويين انه في حال ما اذا استمرت الجهود الحالية بنفس الزخم والاقبال من المواطنين, فان جهود المملكة ستحقق اهدافها في القضاء على الامية بشكل كامل في البلاد في غضون السنوات العشر القادمة.
61 مليون امي
ورغم ان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الاليسكو قد اعترفت بان الجهود المبذولة لمحو الامية لا تتناسب مع الزيادة السكانية في البلدان العربية الا انها قدرت عدد الاميين في الاقطار العربية بحوالي 61 مليونا في الفئة العمرية من 15 ـ 45 سنة, وذلك بنسبة 48% من عدد السكان, وفي ضوء التقديرات التي اجريت هذه السنة نجد ان الواقع الفعلي لاعداد الاميين العرب لنفس الفئة ارتفع الى حوالي 68 مليونا, وذلك بنسبة 38.5% بمعنى آخر فان نسبة الامية قد انخفضت بمقدار 10.2% على حين ارتفع العدد المطلق للاميين خلال السنوات العشر الاخيرة.
واشارت وثيقة الاليسكو الى ان نسبة الامية تختلف بين بلد عربي وآخر, ففي حين نجد انها تبلغ حاليا 56% في اليمن و62.3% في موريتانيا فانها في حدود 11.1% في الكويت و12.6% في الادرن والامارات.
وقد استهدفت الارقام الفئة العمرية من 45.15 سنة وانخفاض العدد الحقيقي للاميين يتأثر بعاملين هما: انخفاض نسبة الولادات في بعض الاقطار العربية, وما يسمى الانخفاض الطبيعي لخروج من يبلغ سن السادسة والاربعين من الفئة العمرية التي تعنى بها هذه الاحصائية دون قدوم اميين جدد, وذلك بنسبة تساوي 31.1 سنويا, مما يحقق انخفاضا مقداره 3.32%.
وقالت ان عدد الامين العرب سيبلغ عام 2010م حوالي 42 مليونا, وهم الرقم الذي تهتم به الخطة العربية لمحو الامية وتعليم الكبار التي تستوعبهم في حدود السنوات العشر القادمة لنحتفل ربما في تلك السنة بانتهاء عصر الامية العربية.
الحلم والتكلفة
وتشير خطة الاليسكو الىا ن سنة 2004 سيتم استيعاب نصف الاميين العرب, ويواصل الانخفاض التدريجي الى ان يتم الاستيعاب الكامل في 2010, وتصبح لدينا اماكن خالية لاتجد من يشغلها في صفوف محو الامية بكل الاقطار العربية, كما جاء في وثيقة المنظمة.
ولان لكل مشروع تكلفته المادية فان تكلفة الدارس الواحد من الكبار تختلف حسب الاقطار العربية, ففي حين نجد اقل تكلفة في موريتانيا 9.5 دولار للدارس, تليها السودان وجيبوتي 10 دولارات فانها ترتفع الى 791 دولارا في الكويت.
وتبلغ تكلفة الخطة الشاملة لمحو الامية في الوطن العربي خلال السنوات العشر ما قدره 441 مليار دولار بالاسعار الجارية.