DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

محمد عبد الواحد

محمد عبد الواحد

محمد عبد الواحد
أخبار متعلقة
 
أيوب التهامي.. ولد بوجه واحد.. وبقي له وجه طوال حياته.. لا يكذب ولا يدلس.. ولا يعرف النفاق.. وعانى ايوب وتعب.. واستعصت عليه حتى الارض التي ولد عليها فلم تعد تنبت زرعا ولا دخنا ولا قمحا.. ولا حتى البرسيم الذي تأكله البهائم.. لقد جفت الارض.. كما جفت مروءة الرجال.. الذين هجروها وغادروا الى المدن الكبيرة وتركوا الفلاحة.. ومثل كل الناس رحل ايوب تاركا خلفه.. تلك الحقول الجرداء.. التي كانت خضراء.. في تهامة وقد مارس كثيرا عملية الارتداد الى الخلف حتى مهر في مراتع خصبة كان تواقا الى الاستجابة الى ذلك النداء الصباحي الذي كان يوقظه صبيا للخروج الى الحقل ليطل برأسه مثل سنابل القمح المتراصة كخوذات الجنود على امتداد البصر.. كان كل شيء هناك يرفع رأسه.. الزرع والانسان وهو لم يكف قط.. عن التفكير في العودة الى قريته الصغيرة.. لقد عاش في المدينة.. وبقي يدور فيها وتدور فيه ويرى انه وجه لا يتآلف.. مع تلك المرايا فهو تارة يستطيل وتارة ينبسط بالعرض.. وتارة يصبح مدببا ولم يعد يعرف ملامحه.. ولا يمكنه ان يستنكر او يحتج.. او يصرخ في وجه اللصوص.. والمرتشين والأفاقين في الارض.. وعندما جرب مرة واحدة.. اخراج لسانه ابتسموا في وجهه.. وضربوه على جبينه كما يقول الانجليز.. جوعوه وهو عقاب اشد من القتل.. فالموت بفم جائع اكثر مشقة في زمن يموت فيه الكثير من الناس من التخمة والشبع ومع كل هذا.. فهاهو يموت.. ولا يموت.. وينسكب من شرايينه التي تغلي ولكن دونما جدوى.. لقد قارن وفكر طويلا.. بين الجفاف.. والخصوبة فلا هذه ولا تلك فطنت لأهمية وجوده كأنسان يملك الحق في الحرية والتأمل والكلام والعيش بكرامة دونما الحاجة الى الذل والمهانة.. واستجداء المطر.. في ارض الجفاف.. او استجداء الشبع في زمن الخصوبة.. وهو ذا يموت ولا يسأل عنه احد.