عندما يكون لمراكز البحوث بعد نظر يستشرف الغد , ويمتد حلمه الى آفاق جديدة تقدم للمجتمع رؤى مدروسة على بصر علمي , واستبصار بقضايا ذات صلة حيوية , بالمجتمع , عندها يتحقق لمراكز البحوث هدف من أنبل الأهداف وأسماها مما رسمته خطط عملها , وعندما تنهض مراكز البحوث النسائية بالتصدي لقضايا تمس عمل المرأة , والإحاطة بما يكتنف تنمية الكوادر النسائية الوطنية تكون أقدر على تجلية دقائق الأمور من معوقات ومثبطات فأهل مكة أدرى بشعابها , وهذا ما نهض به مركز البحوث بمركز الدراسات الجامعية للبنات ـ جامعة الملك سعود وذلك في إطار ندوة علمية عقدت في يومي 25 و26 من ربيع الأول (الحالي) 1424 هـ برعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة الفيصل التي افتتحت أعمال الندوة وتابعت بحوثها.
وكما عودنا مركز البحوث في جدية طبيعة الموضوعات المطروحة للبحث والدراسة فقد جاء موضوع البحث هذا العام ملامسا لاحتياجات المجتمع في هذا الظرف الخاص للمنحى التاريخي الذي تمر به الأمة , ونسجل لمركز البحوث انه كان سباقا في الوقوف على القضايا الحيوية التي تنسج من موضوعات البحث العلمي واحتياجات المجتمع نسيجا متجانسا تخلص البحث العلمي فيه من أسر برجه العاجي وعمل على توظيف نتائجه في مدارج الميدان العلمي ليتحقق ما تنادي به كل الجامعات العريقة من العمل على دمج أنشطة الجامعة في المجتمع.
تضمن جدول الندوة جلسات أربعا: الاتجاهات الوظيفية لدى الطالبة السعودية في ضوء محددات التوظيف في القطاع الخاص ـ دراسة تطبيقية لطالبات مركز الدراسات الجامعية للبنات ـ جامعة الملك سعود ومديرين في القطاع الخاص قدمت البحث أ. د. نادية أيوب , حيث رصدت الدراسة مدى التوافق او الاختلاف الواقع بين اتجاهات الطالبات والمديرين المسؤولين عن التوظيف في القطاع الخاص وذلك في (405) منشأت خاصة في مدينة الرياض , ونهضت بالتعقيب على البحث كل من د. الهام الدخيل و أ. بسمة التويجري وجاء البحث الثاني معنيا بقضية القيم السلوكية في العمل قدمته د.عزيزة المانع حيث أدارت مقارنة في مفهوم القيم السلوكية وتحققها بين المعلمين والمعلمات في المرحلة الثانوية ولعل من أهم القيم التي اتفق الطرفان على الالتزام بها بدرجات تكاد تكون متقاربة قيمة الولاء والانتماء والانضباط والإخلاص, أما قيمة تنمية الذات وتقدير الطلاب فقد أثبتت الدراسة سبق المعلمين مما أثار كثيرا من التساؤلات التي تناولتها باقتدار كل من المعقبتين علىالبحث د. مشاعل بنت محمد ود. هدى العميل , أما البحث الثالث فقد كان ذا سمة خاصة حيث مس جانبا حساسا في حياة الأسرة , ذلك ما طرحته الباحثة د, حنان عطا الله من قضايا في بحثها: (عمل المرأة وأثره في اتخاذ القرار في الحياة الزوجية) , ومما انتهى إليه البحث من نتائج غير مسبوقة أن الدلالات الإحصائية بين عمل المرأة وقدرتها على اتخاذ القرار في الحياة الزوجية تفاوتت فيما يتصل بقضية خاصة كتعليم الأولاد , وقرارات القضايا الاجتماعية الأخرى فالقضية الأولى تفوقت فيها المرأة العاملة على غير العاملة , والعجب تساوي الفئتين في القضية الثانية مما يقدم مؤشرا على اختلاف واقع تأثير المرأة العاملة في اتخاذ القرار في الأسرة السعودية مقارنة بما هو عليه الحال في المجتمعات الغربية , وعللت الباحثة هذه الإشكالية لحداثة عمل المرأة في المجتمع السعودي واضافت عليه المعقبتان د. سعاد عتباني ود. سهام الصويغ أما البحث الرابع فقد قدمته د. هند آل الشيخ حيث تناولت واقع ودور المنشآت الصغيرة في خلق فرص وظيفية للمرأة واستضاف المركز عن طريق الدائرة التلفزيونية تعقيبات اثنين من الاساتذة هما د. عبد الله الشدادي ود. عماد شبلاق.
لقد جاء موضوع الندوة ملبيا مطلبا اجتماعيا وظيفيا أعد له اعدادا جيدا من حيث التنظيم وتفريغ قضايا البحث , وتصدى له باقتدار بالغ فريق العمل في مركز البحوث من مجلس ادارة ولجان مختلفة بقيادة تميزت بانتهاج الدقة والتزام الرقة والهدوء في التعامل والعمل , تلكم كانت الاستاذة الرائعة الدكتورة نورة الشملان مديرة مركز البحوث التي ما فتئت منذ عرفناها تبهرنا بملكاتها في التنظيم فكانت ربانا يقود السفينة في أعتى الأمواج المتلاطمة والسير بها الى الهدف المنشود ولا يغفل عن أدق التفاصيل التي تخدم الباحثات والحضور معا.شكرا للباحثات وللحضور اللاتي صمدن حتى الجلسات المتأخرة فقد أثار موضوع الندوة شهية الحضور للحوار والجدل مما أثرى المناقشات بأفكار وطروحات ذات جدة تشي بأمل واعد نرجو له التحقق الذي سيتوقف على صدق النوايا وعزم الإدارة , وتضافر الجهود , وتعميق الثقة بأبناء الوطن وفهم قدراتهم المتباينة وإعداد الدورات التدريبية وموارد التطوير الذاتي التي تدفع بالكوادر الوطنية إلى اكتساب الخبرات المتنامية وتحديثها باستمرار.