DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

بغال بلير تسير ببطء لنهايتها

بغال بلير تسير ببطء لنهايتها

بغال بلير تسير ببطء لنهايتها
بغال بلير تسير ببطء لنهايتها
أخبار متعلقة
 
عندما نهجن حمار مع حصان نحصل على بغل . والبغل حيوان مفيد وفريد من نوعه وبالرغم من انه يكتسب بعض الصفات من كلا والديه فانه يظل حيوان عقيم . الفرق الاساسي بين البغل وأبويه ان هذا البغل لا يستطيع ان يتكاثر , فهو كائن حي يملك الحياة ولكنه لا يستطيع منحها . فبعض الاشياء الجوهرية مفقودة في هذا المخلوق المفيد. كما حكم على هذا المسخ بأن يقوم طوال حياته الشاقة بأعمال المخلوقات الاخرى بحيث لا يتبقى له أي شيء خاص به وحده. هناك ما هو اسوأ من مأساة هذا البغل وهو انضمام توني بلير لرفاقه من زعماء الطريق الثالث في قمتهم الدولية في لندن نهاية هذا الاسبوع مما يدفعنا للتساؤل عن ما اذا كان رؤساء وزرائنا ابتداء من مارجريت تاتشر وانتهاء بميتشيل يشاركون باقى المخلوقات في سوء الحظ . هل من الممكن الزعم بأن حزب العمال اليوم يحتفظ بنفس مبادئه الاساسية ام انه عاجز عن انتاج مبادئ جديدة ؟ لقد تفاخر بلير بسياساته وما تحرزه من تقدم ووصف بانه مدلل لأنه اصبح الاكثر شعبية عالميا بتوحيده افضل عناصر اليسار واليمين وهو ما اطلق عليه اسم (الطريق الثالث) ومثلما هو الحال مع البغال فقد كان لطريق بلير الثالث الكثير من الفوائد للعديد من الناس ولكنا ايضا مثل البغال لا تستطيع ان يكون لها امتدادا في المستقبل . الدليل انه بعد 6 سنوات من رئاسة بلير للوزراء لم تتحقق الانجازات السياسية الرائعة ولا المناخ السياسي المثالي الذي وعد به . وكل ما استطعنا الحصول عليه هو مخلوق عجيب مركب من اتجاهات مختلفة ومتناقضة . ورغم ان هذه المحاولة حاولت الجمع بين المتضادين الا ان النتيجة لم تتصف بصفات أي منهما. مثل هذا النظام من الممكن ان يخدم الانتخابات العامة او حتى قد يكون مفيدا لتفادي بعض اخطاء اليسار او اليمين ولكنه في النهاية لا يستطيع ان يخلق الا حكومة لا تتعدى كفاءتها الـ50% . والمشكلة الرئيسية في هذا النظام هي اننا عندما اردنا استخدامه لخلق اجيال سياسية جديدة بأفكار جديدة اثبت هذا النظام بحق انه نظام عقيم . فهذا الطريق الثالث ليس لديه القدرة على خلق رجال ونساء وافكار جديدة . و اذا تأملنا اشخاصا مثل جيف هون وفاليري اموس وشارلي فالكونير وباتريشيا هيويت واندرو سميث سنجد ان القليل منهم يتمتع بالبشاشة والكثير منهم يتصف باللطف ولكنهم في النهاية جميعا وزراء يمكن الاعتماد عليهم . وبالرغم من ذلك فأيا منهم لا يمكن ان يكون شرارة بدء لشيء عظيم . السبب ان هناك شيئا يفتقده هؤلاء , انهم ليسوا البداية بل انهم النهاية وانهم يعرفون ذلك عن ظهر قلب وحتى لغتهم المبتذلة تفضحهم احيانا . وبعد ان تأملنا الاشخاص قليلا دعونا نتأمل الافكار نفسها . تلك المبادرة غير المحددة المعالم التي صيغت لتشعل حماس الاشتراكيين بدون اثارة قلق الرأسماليين. العهود, والوعود, والاهداف, والتصريحات البناءة والرؤى.. تلك الأشياء لا تضيف ابدا معنى او شكلا لأي شيء. بالاضافة الى كورس الكلمات المساعدة مثل الجديد , والتجديد , والبعث والنهضة والعهد الجديد. و لا نعرف لماذا يصر بلير على التركيز في مفرداته على الرؤى والتجديد؟ مثلما يحدث في الاعلانات التي تستهلك كل المرادفات لكلمة الامانة. ويضرب حزب العمال الجديد على وتر ( الفكر الجديد ) في كل فرصة تتاح لأن هذا تحديدا هو ما يحتاجه هذا الحزب بشدة. انهم يتحدثون باستمرار عن القيم والرؤى و هم لا يملكون أيا منهما. (نحن نكون بأفضل حالاتنا عندما نتمتع بالجرأة) هكذا تحدث توني بلير وكررها مرتين في اجتماع حزبه وكأنه يسأل عن الطريقه التي تجعله جريئا . ولا عجب في ان من حوله اخذوا يهزأون من ممثل للحكومة لأن ادارتهم افتقدت بوضوح لهذا النموذج . واني اتساءل ان كانت مارجريت تاتشر تعرف من هو الممثل الحقيقي للحكومة رغم انها كانت واحدة من هؤلاء . لذلك فنحن كتاب المقالات نكدح زناد افكارنا ونتساءل دوما ما اذا كان الوقت قد حان بعد لأنانعلم بأن حلم كل حركة سياسية عظيمة في قائد مثالي هل تحقق الان في توني بلير . وهذا على الاقل يثبت ان العقائد تنبع من المعتقدات. المؤسف اننا لم نكتب هذا المقال لأننا حتى الان لا نؤمن به. ومضت السنين وظهرت علامات الكبر على توني بلير وبدت مارجريت بيكيت متعبة جدا وحتى اليستر دارلينج اكتست حواجبه باللون الرمادي , ومازلنا لم نكتب هذا المقال لأننا لا نؤمن بما فيه. اما الآن ونحن نبدأ في التفكير في الطريق الثالث لحزب العمال فمن المستحيل وصف ايا من الاعضاء حزب العمال بأنه قادر على خلافة الملك . وهذا لا يرجع لسوء الحظ , فما يتصف به نوع المواطنين الذين قد يحملون مصباح بلير للجيل القادم لا علاقة لهذا بسوء الحظ. وفي عطلة نهاية الاسبوع القادمة سيحاول بلير ان يستخدم بقدر ما يستطيع كلمات وتعبيرات جديدة ونداءات حماسية قوية لاعادة احياء الرموز القديمة. ولكنه في النهاية سيفشل 0 المشكلة ليست في التسويق فليس لدينا منتج اساسا لنسوقه . لا يمكن اعادة الحياة لحياة لم تكن موجودة من الاصل . ولا يمكن ان نبعث رسولا لاننا لا نملك أي رسالة . حزب العمال الجديد لم يفقد مؤيديه لأنه لم يكن لديه من يؤيده . لم يكن لهذا الحزب أي عزم او تصميم للوصول الى أي شيء وانما كل ما كان يملكه هو بقايا موروثةمن الخطط القديمة للحزب لتوزيع السلطة والتصدي للتخريب. ان الطريق الثالث ليس فكرة فريدة من نوعها وليس اتجاها جديدا. انه بمثابة بناية غير محددة المعالم تجمع بين طرفين متناقضين في الافكار . الاشتراكيين يمثلون اليسار ومؤيدي تاتشر يمثلون اليمين وكلاهما عانى كثيرا في نهاية القرن الماضي . احدهما خسر معركته للدفاع عن افكاره والاخر فقد ثقة الجماهير . وكان عام 1989 عاما حالكا على كليهما. حانت الساعة , جاء الرجل , هكذا يريدنا بلير ان نؤمن بأنه صنع شيئا جديدا لا ينتمي لا لليمين ولا لليسار ولكنه بغرابة يجمعهما معا . وقد بدى كمدير حلبة سيرك بكل ما يتمتع به من بريق وتألق. ولسوء الحظ فإنه لم يقدم أي شيء . فبعد دق الطبول لم نجد سوى حكومة منقلبة على نفسها وهذا بالطبع ساهم في توتر العلاقة بين اليمين واليسار . ولا يمكن ان يورث طريق بلير الثالث أي شيء للاجيال القادمة لأنة لا يملك شيئا ليورثه. هذا ليس جدلا ضد الاعتدال في السياسة . فهناك فرق بين الاعتدال والاختباء خلف مسمى الاعتدال . ويجب ان يعكس اجتماع الطريق الثالث نهاية هذا الاسبوع معنى الاعتدال. ولا يمكن التعامل مع الجماهير التي تميل للسياسي المعتدل على ان تفكيرها قاصرا او بسيطا. انا لا اعتقد ان سياسيين مثل مايكل هيسيلتين او جيم برير او بيتر ووكر كانوا بلهاء . وتحمس روي هاتر سلاي للاشتراكية لم يمنعه من الاعتدال . مثل هؤلاء الرجال كانوا يوصفون بالمثالية لأنهم كانت لديهم القدرة على ضبط انفسهم عن الميل الى التطرف السياسي. هاج جيتسكيل العمالي اليميني او ديسرييل المحافظ كانا اقوياء ومتحمسين لافكارهم . فمن الممكن ان تكون معتدلا ومليء ايضا بالافكار والمعتقدات التي تؤمن بها. عندما يبدو السياسيون المعتدلون مرتبكين فهذا لأنهم رسموا خطا وسطا في منتصف المسافة تماما بين المتناقضين. ونحن لا نثق بمثل هؤلاء لاننا نعتقد انهم لا ينتمون الى أي من الجانبين بل انهم يعرفون من خلال المتناقضات رغم انهم لا ينتمون لتلك المتناقضات . والطريق الثالث ترك الباب مفتوحا امام النزعات السياسية الاخرى لرسم الخريطة التي تحدد القوى السياسية ثم بعد ذلك تحدد منتصف الطريق بين تلك القوى. اصبح الطريق الثالث مسخا سياسيا لا يستطيع تحقيق أي شيء ( فمثلا المحافظين يعارضون الانضمام لليورو بينما الليبراليون الديمقراطيون يريدون الانضمام له غير مكترثين بالنتائج , ولكن ماذا نريد نحن ؟ ...الخ ) . وهذا نوع من الجدل اذا ارادت احزاب سياسية اخرى ان تشترك فيه فلن نستطيع تصنيفها او تحديد مكان لها لأن جميع الاماكن اختلطت . كل شخص هام ظل مقربا لهذا القائد سقط الى هاوية العار او ترك القضية او انفجر او نسي ما هي المشكلة ايضا او جن عقله. فماذا عن ساحة بلير التي تفسد العقول وتقتل الموهبة وتسحق البشر ؟ اظن ان بلير عندما يتحدث فاننا نسمع جعجعة نابعة من الوسط الفارغ.