الخدمات في الولايات المتحدة الأمريكية تنطبق عليها مقولة (اطلب تجد)، فكل ما يخطر ببال إنسان ومالا يخطر بباله من الخدمات متوفر، طالما أنه قادر على الدفع.
وأطرف ما سمعته بهذا الصدد هو ما رواه صديق لي زار الولايات المتحدة قبل سنتين، وأنا أرويه على لسانه، يقول: كنت مع زوجتي في رحلة علاج لها في الولايات المتحدة، وقد كانت حاملا في أيامها الأخيرة، وبعد أن جاءها المخاض أدخلتها احد المستشفيات، وقد تمت الولادة ـ بحمد الله ـ بسلام، ووضعت زوجتي مولودة سليمة معافاة، وبعد ثلاثة أيام قضتها في مستشفى الولادة، أخرجتها والمولودة وعدت بهما الىالفندق، الذي نسكن فيه، وقد حدد لنا المستشفى موعد متابعة للطفلة مع احدى عيادات الأطفال الخاصة، وفي يوم الموعد أخذنا الطفلة الى العيادة، وقامت الطبيبة المختصة بفحصها، وتبين ان لديها قصورا في وظائف الكبد، وهوأمر مألوف لدى كثير من الأطفال بعد الولادة، ويسمى لدينا (أبو صفار). وبعد أن تحققت الطبيبة من ذلك حسب الفحص الاكلينيكي والمخبري، سألتني ان كنت أرغب في ادخالها للمستشفى ثانية، أو أن أقوم بعلاجها في المنزل، فقلت لها إني لا أرغب في ادخالها للمستشفى، لعلمي بالكلفة العالية للمستشفيات، ولكني أسكن في فندق، فكان ردها ان الخدمة ممكن أن تقدم في أي مكان، فانفرجت أساريري وفرحت لذلك. فماكان منها إلا أن أمرت الممرضة بأخذ العنوان ورقم الهاتف وأخبرتني بأن مقدمي الخدمة سيقومون بالاتصال بي بعد مالا يزيد على الساعتين، وبالفعل تم ذلك، وبعدها بساعة فقط طرق باب الغرفة، التي أسكن فيهاوفتحته واذا باحدى الممرضات تحييني وتعرفني بنفسها، وقد أحضرت معها حاضنة ومصباحا ضوئيا خاصا ومحرارا الكترونيا ومجموعة من الأوراق. وبعد أن أذنت لها بالدخول، باشرت عملها بتركيب الأجهزة ووضع الطفلة في الحاضنة وشرحت لي كيفية وضعها في الحاضنة، وطلبت مني ومن والدتها القيام بقياس حرارتها كل أربع ساعات وتدوين ذلك في السجل، وأخبرتني بأنها ستقوم بزيارتنا كل صباح لأخذ عينة من الدم لفحصها ومتابعة الحالة. وبالفعل تم ذلك، وبعد ثلاثة أيام اتصلت بنا الطبيبة المعالجة، وطمأنتنا بأن الحالة أصبحت طبيعية، وأننا لم نعد بحاجة للجهاز ويكفي أن نعرض الطفلة للنور الطبيعي لمدة ساعة أو ساعتين كل صباح. وأناعندما أروي هذه القصة انما قصدت التدليل على مستوى الخدمات التي تقدم في المجتمعات المتقدمة، فهم يضعون أمامك الخيار، بعد أن يطلعوك بالتفصيل على الكلفة والتفاصيل المتعلقة بالخدمة. سونحن في المملكة ـ بحمد الله ـ أصبحنا نلحظ تطور الخدمات لدينا بشكل واضح، فقبل عقد من الزمان ـ مثلا ـ لم تكن لدينا خدمة (الليموزين) ولا خدمة توصيل الطلبات المنزلية في المطاعم، ولا خدمة ارسال الطرود البريدية أو نقل السيارات بين المدن... الخ. ولكننا مع ذلك بحاجة الى المزيد من الخدمات، والقطاع الخاص لدينا بحاجة الى الالتفات الى تقديم العديد من الخدمات، التي تدر ربحا كبيرا على مقدميها، خصوصا والكثير منا ـ بحمد الله ـ يعيش بمستوى معيشي ممتاز يؤهله للاستفادة من الكثير مما يقدم من خدمات ويدفع نظير ذلك. واختم حديثي، بما أبداه لي زميلي من ارتياح لقيام احدى الشركات الخاصة بتقديم خدمة نقل العفش بين المدن، من مقرات النقل الجماعي، وقد أشاد هو بحسن التعامل وراتفاع مستوى تلك الخدمة، واستطرد أيضا بالحديث عما وفرته له تلك الخدمة من تلافي عناء شحن عفشه جوا أو اصطحابه معه في سيارته الخاصة، التي بالكاد تتسع لنقل أفراد العائلة. وأضاف أن الخدمة تقدم أيضا بسعر معقول هو في متناول معظم الناس. إذا فشركات القطاع الخاص لدينا مؤهلة لتقديم كثير من الخدمات. التي يسعى لها الناس ويتمنون لو أنها توفرت لهم، وهم في حالة كهذه قادرون على الدفع وبرحابة صدر.
بقي أن أقول ان مانسعى له من خدمات يجب أن يكون على مستوى راق، ويجب أن يقدم من قبل فريق مؤهل من العاملين، وأن تقدم الخدمة مع ابتسامة، كما يفعلون في الغرب. إذ أن مستوى الخدمة لا يقل أهمية عن الخدمة ذاتها.