الشجاعة لا تتحق في إنسان إلا ووصف بالتميز ! فهي قيمة خلقية عالية ، وفضيلة من أسمى الفضائل
الصادق شجاع لأنه لا يخشى ولايهاب ، فلا يضطر إلى الكذب والكريم شجاع لأنه لا يخاف الفقر ، والحليم شجاع لأنه واثق من نفسه ، فلا يجد في الحلم والعفو منغصة ولا ضعفا .
قد يُظن أن الشجاعة مرتبطة بالقوة البدنية ، وأن من شروطها الضخامة في الجسد والبنية الصلبة ، والقوة العظيمة ، غير أن هذا الظن لا يوافق الحقيقة ؛ لأن الشجاعة خلق باطني ، من أعمال القلوب ، بل أصلها ومنشؤها ثبات القلب وصلابته ، وليس لها اتصال بالأبدان قوة وضعفا.
بمن نقتدي ؟
سمع الناس صوتا في المدينة في إحدى الليالي ففزعوا ، وقام رجال ناحية الصوت ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أقبل من ناحية الصوت وهو يقول : لن تراعوا ، لن تراعوا . إنها الشجاعة النبوية ! قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حقا على كل مسلم أن يقبل رأس عبدالله بن حذافة . أتدرون لماذا قال هذه العبارة ؟ إنها والله الشجاعة ، فقد أمسك الروم بنفر من الصحابة أميرهم عبدالله بن حذافة . فلما قدموا إلى هرقل ، فقال له : إذا تركت دينك ودخلت في ديني ، أعطيتك نصف مالي وزوجتك ابنتي ، فأجابه عبدالله بن حذافة بالرفض ، فأحضرت القدور ، وملئت بالزيت وأشعلت من تحتها النيران ، والصحابي الجليل متمسك بدينه لم يبدِ أي تنازلات ، فلما قدّم نحو القدور بكى ، فسأله الملك : ما يبكيك ـ وقد ظن أنه خائف ـ فقال : فلما رأيت القدور تمنيت أن أقتل ثم أعود ثم أقتل ثم أعود ثم أقتل في سبيل الله ، فلما رأى الملك ثباته وشجاعته طلب منه أن يقبّل رأسه لكي يطلق سراحه ، فوافق عبدالله بن حذافة على أن يعفو عن أصحابه جميعا . فوافق الملك على ذلك . نعم حق على كل شجاع أن نقبل رأسه .
محمد بن عبدالله العامر
مشرف تربوي بإدارة التعليم بالأحساء