اختتم المؤتمر السنوي الرابع عشر لتعريب العلوم أعماله بالقاهرة تحت شعار «منظومة اللغة وتعريب العلوم» وذلك برئاسة الدكتور عبد الحافظ حلمى رئيس الجمعية المصرية لتعريب العلوم، وأمانة الدكتور محمد الحملاوى أمين عام الجمعية، ومشاركة نخبة من المفكرين المصريين والعرب، وقد شهد المؤتمر مشاركة سعودية فعالة حيث شاركت جامعة الملك سعود ببحث هام بعنوان «سبل تطوير تعريب العلوم: وجهة نظر مركز الترجمة بجامعة الملك سعود» أعده الدكتور محمود منشي رئيس مركز الترجمة بجامعة الملك سعود، كما شهد المؤتمر تسع جلسات عمل نوقش خلالها ستة وثلاثون بحثا علميا تركزت كلها حول موضوع المؤتمر ومحاوره. افتتح المؤتمر بكلمة من الدكتور عبد الحافظ حلمي أكد من خلالها على أهمية تعريب لغة تدريس العلوم وشحذ الهمم لذلك الغرض، مشيرا إلى أن العلم فى وطننا العربي يدرس بلغة لا يفهمها الطلبة, مما يؤدي إلى انتشار السطحية والضحالة والغربة, مشددا على ضرورة التعليم بلسان المتعلم, حتى يؤثر ذلك في وجدانه وتفكيره وأسلوب حياته، وشدد على أن «تعريب التعليم الجامعي ضرورة ملزمة ومنافع مؤكدة», وأضاف أن عليه «اعتراضات مفندة وتسويفات مفتعلة رغم أن صوتها أعلى», مشيرا إلى أن الجمعية لديها خطة سلمتها للمختصين, وبناء عليه يمكن بدء التعريب في كل المؤسسات. أما الدكتور محمد الحملاوى الأمين العام للمؤتمر فقد تساءل عن سبب تقدم كل الحضارات الأخرى إلا الحضارة العربية رغم أنها مؤهلة للنهضة، ورد قائلا: «لأن أبناءها يقولون ما لا يفعلون», واستغاث بالطليعة المثقفة لإنقاذ اللغة من الضياع. أما نائب رئيس مجمع اللغة العربية الدكتور كمال بشر فأكد أن اللغة العربية في مأزق وورطة, محذرا من كوارث التعليم الرسمي والخاص، ومن الجهات الساعية لإفساد اللغة وبينها بعض الفضائيات العربية, ودعا إلى تأسيس جهة مسؤولة تضع خطة تدريجية للتعريب. من جهته أشاد الأمين العام لمجمع اللغة العربية فاروق شوشة بجهد الجمعية المصرية لتعريب العلوم, ولكنه تساءل: «ماذا بعد المؤتمرات والغيبوبة المجتمعية الرسمية ما زالت مستمرة»؟، وقال إن المجمع تقدم بمشروع قانون جديد, سيعرض على مجلس الشعب الأسبوع القادم, لتصبح قرارات المجمع ملزمة وغير مقيدة وتمنحه حق المساءلة والمحاكمة، وأبدى استعداد المجمع للتعاون مع الجمعية المصرية لتعريب العلوم فى الفترة القادمة نظرا للأهداف المشتركة للجهتين فى الحفاظ على اللغة العربية. وألقى الدكتور محمود بن أحمد سليم الدين منشي مدير مركز الترجمة بجامعة الملك سعود كلمة، أكد فيها أنه يعانى من تدريس مادة الكيمياء للطلبة بالجامعة، بسبب عدم تعريب كتب الكيمياء ،وأنه كون عبر مشواره مع التعليم الجامعى فكرة عن الطريقة الأنفع لتعريب العلوم.
وأشار إلى أن هناك اتجاهين الأول للتعريب والآخر للتغريب، مشددا على رفضه لكلا الاتجاهين، بل لابد من التعريب حتى لا نضيع تراثنا، والتغريب أيضا حتى لا نتأخر عن ركب الحضارة المتسارعة، فلابد من أن تكون لغتنا هى الأساس، وأيضا ألا نبتعد عن اللغات الأخرى، فنحافظ على اللغة العربية، ونأخذ من اللغات الأخرى ما يفيدنا على أن تكون العربية هى الأساس. وأضاف الدكتور محمود منشي، أنه يحزن حينما يسمع من يدعي أننا لا نعرف ماذا نريد، مؤكدا أن الحل إذن أن نحدد ما نريده، وألا نكتفي بالمؤتمرات والتوصيات، لأن المشكلة ليست فى مؤتمرات تعقد وتوصيات لا تطبق، بل الأمر يحتاج إلى دعم من المسؤولين الذين يستطيعون إلزام الجميع بتطبيق القرارات والتوصيات، ولابد من إرادة قومية وإسلامية لأننا إذا ابتعدنا عن اللغة العربية فإن هذا معناه ضياع تراثنا. وقد دارت أبحاث المؤتمر كلها وعددها «36» بحثا حول محاور المؤتمر وهى: لغة التعليم والانتماء القومى والهوية القومية ، ولغة التعليم العام والجامعى ، وتجارب حديثة لتعريب العلوم، ولغة التعليم والتنمية إقليمياً وعالمياً، واللغات الأجنبية واللهجات العامية فى التعليم والمجتمع ، وتعليم اللغة القومية واللغة الأجنبية فى الدول المختلفة، والتعاون العربى فى مجال تعريب العلوم، والتقنيات الحديثة وتعريب العلوم ، والمؤسسات المدنية وتعريب العلوم، واللغة العربية وتعريب العلوم : العلاقة والتأثير المتبادل ، والجوانب القانونية والاقتصادية لمنظومة تعريب التعليم، وآليات المتابعة لخطة تفعيل تعريب العلوم. وقد أنهى المؤتمر أعماله بإصدار عدة توصيات ومنها: ضرورة تعريب لغة تدريس العلوم فى الوطن العربي - خلصت البحوث العلمية الرصينة والقرارات الدولية إلى ارتباط اللغة القومية بالهوية، وارتباط لغة التعليم بالتنمية، ويدعون إلى إبراز ذلك فى مختلف المحافل العملية – ناشد المؤتمرون جميع رؤساء الجامعات بالدول العربية اتخاذ جميع الخطوات الضرورية للبدء فورا فى تعريب التعليم الجامعى استنادا للقوانين التى صدرت من جميع الحكومات العربية فى هذا الصدد، وهى توصيات اتحاد الجامعات العربية – حث المؤتمر الجامعات العربية على أن تكون السيادة للغة العربية فى مختلف وجوه النشر العلمى وفى المؤتمرات والندوات، التى تعقد بالبلاد العربية، وعلى قبول البحوث المنشورة باللغة العربية بين الإنتاج العلمى الأصيل لأعضاء هيئة التدريس المتقدمين للترقية – رحب المؤتمر بالمبادرات الطيبة بمعاونة مجمع اللغة العربية للجمعية المصرية لتعريب العلوم فى جهودها للتعريب، وأعلن تأييد الخطوة التشريعية التى تقر مرجعية المجمع اللغوية الملزمة بحكم القانون – أوصى المؤتمر بتشجيع الدراسات الهادفة لتعريب لغة الحاسوب، وبإنتاج وترويج البرمجيات العلمية العربية التى أنتجتها بعض الهيئات العربية بما يحسن آليات التعامل مع الحاسوب – ضرورة تطوير المعجم العربي للإفادة من التطورات الإلكترونية المستحدثة .