الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة في العالم التي عانت الأمرين من ظاهرة الإرهاب، بل عانت منه دول أخرى مثل المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة وغيرهما من دول في الشرق والغرب، وإزاء ذلك فإن الأخطار المحدقة الناجمة عن الارهاب ليست موجهة الى دولة بعينها، ولعل هذه الحقيقة هي التي دفعت واشنطن للدعوة لتحالف دولي ضد ظاهرة الارهاب، وهي دعوة عقلانية تحشد الجهود الدولية لمواجهة أخطار تلك الظاهرة وويلاتها على المجتمعات البشرية كلها، فالتعاون الدولي لمكافحة الارهاب يبدو أنه تحول الى ضرورة ملحة في ضوء تنامي التمدد الارهابي ووصوله الى أخطر مراحله، فالأسرة الدولية انطلاقا من سريان تمدد الظاهرة وانتشارها الأخطبوطي، مطالبة بتحرك عسكري فاعل لمواجهتها واحتوائها وتحجيم تمددها، ولا شك أن الدعوة الأمريكية تبدو وجيهة للغاية في ظل الوضع الدولي البالغ الخطورة مع التصاعد الواضح لنفوذ المتطرفين وأهمية ايقاف عملياتهم الاجرامية ضد المجتمعات البشرية.
وسواء تغذت ظاهرة الارهاب على الفوضى السياسية الناشبة في بعض الدول أو تسلطت على دول آمنة فإن من الضرورة بمكان تشكيل تحالف دولي واسع يكون بإمكانه التصدي لتلك الظاهرة الخطرة، وتقليم أظافر أصحابها، وهنا تبرز أهمية دعوة واشنطن لقيام هذا التحالف الهام، فأخطار التنظيمات الارهابية باتت تهدد سلامة البشر وتقض مضاجع الآمنين، وتحاول النيل من المنجزات الحضارية لمختلف الشعوب، بما يجعل من التحرك الدولي المنشود لمحاصرة تلك الأخطار ضرورة ملحة لا بد من تحقيقها على أرض الواقع من خلال مشاركة دولية فاعلة لا سيما من قبل الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، فالأوضاع السائدة من خلال التمدد الارهابي المتطرف تحتم قيام تحالف دولي من شأنه اخماد ألسنة نيران الارهاب المتأججة في كثير من الأقطار والأمصار، في محاولة لوقف انتشار تلك الظاهرة الشيطانية الخبيثة واجتثاثها من جذورها.
ولعل من المناسب في هذا المقام الإشادة بالدور الفاعل المبذول من قبل قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لاحتواء تلك الظاهرة ومعالجة أخطارها الوخيمة على الأفراد والمجتمعات، وقد اتضحت أهمية هذا الدور الفاعل من خلال انشائه «يحفظه الله» للمركز الدولي لمكافحة الارهاب، وهو مركز ما زال يلعب دورا حيويا وهاما في سبيل احتواء تلك الظاهرة بسلسلة من الدراسات والبحوث التي تستهدف الحيلولة دون انتشار تلك الظاهرة وتوعية المجتمعات البشرية للحد من سيطرة أصحاب تلك الآفة على عقول شباب الأمة وضمائرهم وغسل أدمغتهم بشعارات ضالة ومضللة تستهدف النيل منهم ومن عقيدتهم الاسلامية السمحة التي يحاول أصحاب تلك الظاهرة الخبيثة ارتداء عباءتها، وهي منهم ومن أفاعيلهم الاجرامية بريئة كل البراءة.
وإضافة الى إنشاء هذا المركز الهام فقد وجه خادم الحرمين الشريفين «يحفظه الله» رسالته الشهيرة الى علماء الأمة لممارسة أدوارهم الطبيعية والطليعية لمكافحة آفة الارهاب في كل محفل وعلى كل منبر وفي مختلف المناسبات؛ لتوعية المسلمين وحثهم على مواجهة هذه الكارثة التي ما دخلت مدينة الا قتلت سكانها الآمنين وحرقت دورها وأتت على الأخضر واليابس فيها تمريرا لأفكار شيطانية منحرفة لا علاقة لها بدين أو عرف أو منطق، بل لها علاقة جذرية ومباشرة بالتخريب والتدمير وغسل عقول الشباب وزجهم في أحضان ظاهرتهم الخبيثة التي تؤسس لزرع بذور الفتنة والتطرف والغلو.
وسوف يسجل التاريخ بأحرف من نور لخادم الحرمين الشريفين «يحفظه الله» تلك المواقف الشجاعة والمسؤولة والصلبة تجاه ظاهرة الارهاب والدعوة لاحتوائها واجتثاث جذورها، حتى تنعم المجتمعات البشرية بالأمن والرخاء والسلام ورغد العيش، كما جاء في تضاعيف كتاب رب العزة والجلال وأحاديث خاتم أنبيائه ورسله عليه أفضل الصلوات والتسليمات، فالتعاليم الاسلامية السمحة تنبذ الارهاب والتطرف والغلو وتحفظ للأمة أمنها واستقرارها وسلامة أبنائها استمرارا لحياة مليئة بالأمن والأمان والطمأنينة.