تفاعل الكثيرون مع الخبر الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، عن توجه وزارة العمل لتحديد الحد الأدنى لأجور المواطنين في القطاع الخاص بـ ٥٣٠٠ ريال شهرياً، ومن المتوقع أن يتم تطبيقه عقب الانتهاء من المرحلة الأخيرة من برنامج حماية الأجور، والذي بدأت وزارة العمل في تطبيقه خلال الفترة السابقة على مراحل زمنية، حسب أعداد الموظفين في شركات القطاع الخاص. وهذا التوجه يهدف إلى تشجيع الباحثين والباحثات عن عمل، في التوجه للعمل في القطاع الخاص، وتعزيز التوطين فيه.
في هذا المقال، سأقوم بتوضيح هذا الخبر.. في منتدى الحوار الاجتماعي الثاني والذي أقيم قبل أكثر من سنة ونصف، تحت عنوان (سياسات ومستويات الأجور في القطاع الخاص)، كانت إحدى التوصيات، القيام بدراسة مشتركة بين أطراف سوق العمل (وزارة العمل، وأصحاب الأعمال، والباحثين عن عمل)، على أن يتولى الإعداد لهذه الدراسة طرف محايد، وقد تم اختيار مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لتنفيذها، بإشراف ممثلين من أطراف سوق العمل. ومن ثم في منتدى الحوار الاجتماعي الرابع، والذي أقيم قبل شهرين، تم عرض نتيجة التوصية بإقرار حد أدنى لأجور السعوديين في القطاع الخاص بـ ٥٣٠٠ ريال.
لأكثر من مرة، ذكرنا أنه من الصعب تطبيق حد أدنى للأجور كما هو متعارف عليه دولياً، حسب سياسة منظمة العمل الدولية، والذي يلزم تطبيقه على جميع العمالة، بغض النظر عن جنسها أو جنسيتها، إلا في حالة واحدة وهي اختلاف طبيعة العمل، ونلاحظ هنا أن المستفيد الأول من تطبيق هذا القرار هو العامل الأجنبي، حيث إن الغالبية العظمى منهم يتقاضون أجورا متدنية، حسب سجلات التأمينات الاجتماعية، وهذا القرار سيكون له سلبيات عديدة في رفع التكاليف إلزاميا على صاحب العمل، مما يعني الرد عليه بالتوجه لرفع أسعار السلع والخدمات. والأقرب للصحة في هذا الخبر، أن التوجه سيكون برفع الحد الأدنى لاحتساب السعودي كفرد صحيح كامل في برنامج نطاقات؛ إذا كان أجره الشهري ٥٣٠٠ ريال شهرياً.
ارتفاع تكاليف المعيشة سيكون ناتجا حتميا بعد تطبيق هذا القرار، وسيعاني منه الكثير، ومن الصعب التكيف عليه سريعاً، وأكثر من سيعاني منه موظفو القطاع الحكومي في المراتب المتدنية والمتقاعدون. وأحد التوجهات المهمة هنا هو تفعيل قرار العمل الجزئي، ويشمل ذلك تفعيل أكبر للمهن التي من الممكن أن يعمل بها موظفو القطاع الحكومي خارج وقت الدوام الرسمي، وبضوابط مرنة وليست معقدة؛ لأن ذلك سيساهم في زيادة الدخل.
ختاماً، أنا أتمنى أن يكون هناك حد أدنى للأجور بالمعنى الاقتصادي الصحيح، والمهم أن يكون تطبيقه في الوقت الصحيح أيضاً.