حرص مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة, منذ وقت مبكر على تطوير الخدمات التقنية التي تعنى بالمصحف الشريف ليستفيد منها القراء والدارسون والمهتمون من المسلمين من مختلف دول العالم، حيث أطلق المجمع 13 موقعاً متخصصاً للقرآن الكريم على شبكة الإنترنت بسبع لغات عالمية. كما دعمت المكتبة العربية بموقع إلكتروني متخصّص في الخطوط الحاسوبيةِ التي تخدِم نَصَّ المصحف الشريف بمختلف رواياته, واحتياجات النص العربي .
وخطا المجمع خطوات واسعة نحو تطبيق الحكومة الإلكترونية في أعماله، فتم ربط مختلف إداراته وأقسامه بشبكة داخلية (إنترانت) وأعد أنظمة حاسوبية لمختلف أعماله . كما تكونت في المجمع لجان مختصة للنهوض بالأعمال العلمية والفنية المتصلة بتشغيل الموقع الإلكتروني العام، حيث أنجزت جميع مواد الموقع بست لغات تشمل العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والأردية والإندونيسية والهوسا . تحقيقاً للأهداف التي أنشئ المجمع من أجلها وتلبية لازدياد حاجة للعالم الإسلامي إلى المصحف الشريف، وترجمة معانيه إلى مختلف اللغات التي يتحدث بها المسلمون، والعناية بمختلف علومه، إلى جانب خدمة السنة والسيرة النبوية المطهرة، واضطلاعاً من المملكة بدورها الرائد في خدمة الإسلام والمسلمين .
وقد توالى اهتمام مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالخدمات التقنية الحاسوبية, فأنجز المجمع خطوات أساسية لترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة لتكون الأولى من نوعها في العالم، فدرس مختلف جوانبها، وهيَّأ لذلك الإمكانات العلمية والفنية اللازمة، آخذاً في الاعتبار طبيعة فئة الصم ولغة الإشارة. كما أنهى المجمع تصوير وتسجيل ومونتاج سورة الفاتحة, والعشرين سورة الأخيرة من جزء عم من ترجمة وتفسير معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة، وبعد التأكد من جودة العمل شرع في ترجمة باقي سور جزء عمّ تباعاً .
وبلغ تبويب ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة عن المجمع إلى مختلف اللغات حتى 1435هـ, 66 ترجمة، منها 34 لغة آسيوية، و25 لغة أوروبية، و17 لغة إفريقية، أما عدد إصدارات الترجمات فتزيد على 70 إصداراً، والعمل جارٍ لإنجاز ترجمات أخرى .
وتصل الطاقة الإنتاجية للمجمع إلى 13 مليون نسخة من مختلف الإصدارات سنوياً للوردية الواحدة, وزادت الكميات التي أنتجها المجمع على270 مليون نسخة موزعة بين مصاحف كاملة، وأجزاء، وترجمات، وتسجيلات، وكتبٍ للسنة والسيرة النبوية وغيرها .
وإنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ يحفظه الله ـ بتقديم نسخة من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينـة المنورة لضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام، يواصل المجمع سنوياً توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين على كل حاج عند مغادرته منافذ المملكة، ويقدم أكثر من 1.800.000 نسخة من إنتاجه لهم سنوياً، وزاد عدد النسخ الموزعة على الحجاج حتى موسم 1435هـ على 36 مليون نسخة .
ويعمل بالمجمع حالياً نحو 1700 شخص بين علماء وأساتذة جامعات وفنيين وإداريين، تصل نسبة السعوديين منهم إلى %80 يعملون في مختلف الأقسام الفنية، ويتابع المجمع تطوير مهاراتهم الفنية والإدارية لتتناسب مع احتياجاته. وتعمل الأمانة العامة للمجمع على استمرار زيادة نسبة السعوديين في المجمع آخذة في الاعتبار طبيعة العمل في المجمع وأهمية تدريب الفنيين السعوديين الجدد على العمل فيه من خلال دورات تدريبية منتظمة في مركز التدريب والتأهيل الفني، وتدريب على رأس العمل .
ويبلغ عدد زوار المجمع سنوياً أكثر من 400.000 زائر من مختلف بلدان العالم جاؤوا ليشاهدوا هذا الصرح الإسلامي الشامخ الذي يعدّ من الأعمال الجليلة التي قامت بها المملكة العربية السعودية لخدمة الإسلام والمسلمين. حيث أبدى الزوار إعجابهم بهذا الصرح الإسلامي الشامخ لما شاهدوه ولمسوه من عناية فائقة في طباعة ومراجعة إنتاج المجمع، وحرصوا على تسجيل شكرهم لله - تعالى - ثم للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ على طباعة ونشر كتاب الله بهذه العناية الفائقة وبهذا الانتشار الواسع على النطاق العالمي. ويحرص المجمع على أن يشرح لزواره مختلف مراحل العمل وضوابطه في أقسامه الفنية، وأن يطلعهم على الإمكانات الطباعية المتقدمة المتوافرة فيه . وتتولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الإشراف على المجمع الذي وَضع حجر أساس إنشائه في 16 من شهر محرم 1403 هـ (1982م) الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ وافتتحه في السادس من شهر صفــر 1405هـ (1984م), فأصبح من المعالم المهمة في المدينة المنورة، وحصناً حصيناً لحفظ كتاب الله، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ونشرهما.