استعادت قوات مشتركة من البشمركة الكردية والجيش العراقي يساندها مسلحون من العشائر السيطرة على أربع بلدات ومقر عسكري بعد معارك مع داعش. فيما يسعى جنود اميركيون ومن دول التحالف ضد تنظيم داعش للإسراع في تدريب خمسة آلاف عنصر امني عراقي كل ستة اسابيع.
وشنت القوات المشتركة هجوما واسعا على مواقع التنظيم في المنطقة، مما دفع مقاتليه للانسحاب باتجاه جنوب مدينة الموصل.
من جانبها، أفادت وكالة الأناضول بأن وحدات من البشمركة وقوات الجيش هاجمت مواقع التنظيم بين قضاء مخمور وناحية الكوير التابعة له من ثلاثة محاور، وقصفت بالمدافع قريتي سلطان عبدالله وتل حرم في المنطقة، بينما أمّن طيران التحالف الدولي غطاء جويا لها.
ونقلت الوكالة عن قائد قوات البشمركة في قضاء مخمور سيروان بارزاني قوله: إن القرى والمناطق التي تمت استعادتها من التنظيم كانت تشكل خطرا على مواقع قواته، وقد تمت استعادة السيطرة عليها وفق خطة عسكرية أُعدت للهجوم مسبقا.
وفي السياق ذاته، نقلت الوكالة عن ضابط برتبة نقيب في قوات البشمركة قوله: إن قواته تصدت لهجوم شنّه مقاتلو تنظيم داعش على سد الموصل (شمالي العراق)، والذي يعد أكبر سد في البلاد، حيث أدت المعارك بين الطرفين إلى مقتل وإصابة نحو ثلاثين من مسلحي التنظيم.
ميدانيا، ايضا سقط العشرات من عناصر الجيش العراقي وما يعرف بـالحشد الشعبي بين قتيل وجريح في اشتباكات عنيفة ضد داعش بمحيط مدينة الفلوجة.
وقالت المصادر: إن مقاتلي داعش هاجموا منطقة الهياكل (جنوب شرق الفلوجة)، واشتبكوا بكافة الأسلحة مع الجيش العراقي والحشد الشعبي، وأوقعوا العديد منهم بين قتيل وجريح، كما دمروا أبراج مراقبة وثكنات وعربات وآليات عسكرية.
تدريبات
يأتي هذا في قت يسعى جنود اميركيون ومن دول التحالف ضد تنظيم داعش للاسراع في تدريب خمسة آلاف عنصر امني عراقي كل ستة اسابيع، لإكسابهم "المهارات الدنيا" لاستعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف.
وتقود واشنطن تحالفا ينفذ غارات جوية منذ اغسطس ضد التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه اثر هجوم شنه في يونيو.
كما يعمل التحالف على تقديم التدريب والاستشارة للقوات العراقية لا سيما الجيش الذي انهارت العديد من قطاعاته في وجه الهجوم.
وبدأ الجنود الاميركيون في الايام الماضية تدريب العناصر العراقية، في المرحلة الاولى من برنامج سيتوسع تدريجيا ليشمل خمس قواعد عسكرية في العراق، احداها في اقليم كردستان (شمال).
ويقول اللواء في الجيش الاميركي دانا بيتارد لوكالة فرانس برس، في قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد حيث تقام عمليات تدريب: "بحلول منتصف فبراير، ستكون الدفعة الاولى قد تخرجت". ويضيف: "سيكون هناك خمسة آلاف عنصر اضافي، كل ما بين ستة الى ثمانية اسابيع". ويوضح ان التدريب سيركز على "المبادئ الدنيا المطلوبة لشن هجمات مضادة"، مشيرا الى ان "المهم هو انه سينتج قوة قتالية (...) ومقاتلين واثقين وقادرين".
وأنفقت الولايات المتحدة خلال وجودها العسكري في العراق بين 2003 و2011، مليارات الدولارات على تدريب الجيش العراقي وتجهيزه. الا ان العديد من القطاعات العسكرية انهارت بشكل كبير في وجه هجوم داعش، لا سيما في الموصل كبرى مدن شمال البلاد. وفر العديد من الضباط والجنود من قواعدهم، تاركين آلياتهم واسلحتهم صيدا سهلا للتنظيم.
ويرى اللواء الاميركي بول فانك ان المسؤولية عن ذلك تعود الى غياب القيادة ونقص التدريب. ويقول: "لماذا هرب الجنود العراقيون؟ اعتقد ان السبب هو عدم ثقتهم بقادتهم (...) لا اعتقد انهم كانوا يثقون كثيرا بالقيادة في الموصل".
وفي سعي لمعالجة ثغرات القيادة، يشمل برنامج التدريب مناهج خاصة للضباط، سيقوم خلالها المدربون الاميركيون "بعرض طريقة اتخاذ القرارات التي نستخدمها في الجيش الاميركي"، بحسب فانك.
التواجد الأمريكي
وبعد انسحاب القوات الاميركية من العراق في العام 2011، تقلصت علاقات التعاون العسكري بينها وبين القوات العراقية. ويقول الجنود الاميركيون ان اقرانهم العراقيين لم يلتزموا ببرنامج التدريب، ما ادى الى تراجع مستوى مهاراتهم المكتسبة.
ويوضح فانك: "مباشرة بعد مغادرتنا، (العراقيون) اصبحوا متهاونين نسبيا، ولم يقوموا بالتدريب او ينفقوا المال المطلوب لذلك. لم يحافظوا على البرامج، وهنا تكمن المشكلة".
وبقيت كتيبة صغيرة من الجنود الاميركيين في العراق بعد العام 2011، تحت سلطة سفارتهم في بغداد. واجرت واشنطن محادثات مع الحكومة العراقية حول الابقاء على تواجد اكبر بعد الانسحاب، كان يمكن له ان يسد الثغرات في مجال التدريب. إلا ان هذه المحادثات انهارت بسبب اصرار ادارة الرئيس باراك اوباما على تمتع الجنود الاميركيين بالحصانة، وهو ما عارضته بغداد.
إلا ان عوامل اضافية عدة اوصلت الى الانهيار الذي حصل في يونيو، منها سياسة الاقصاء التي يتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من قبل خصومه باعتمادها، وتهميش السنة عن الحكم. كما ادى النزاع المستمر في سوريا منذ قرابة اربعة اعوام، الى نمو نفوذ الجهاديين وابرزهم داعش، وتسهيل انتقالهم عبر الحدود واقامة ملاذات آمنة لهم.
ويتواجد حاليا في قاعدة التاجي قرابة 180 جنديا اميركيا، وهو عدد مرشح للارتفاع الى نحو 300، بحسب الضباط الاميركيين.
وسيقوم نحو 15 مدربا اميركيا وعدد مماثل من العراقيين، بالعمل معا على تدريب كل من الكتائب الاربع التي تضم جنودا عراقيين انتسبوا في وقت سابق من 2014 الى الجيش، وخضعوا لتأهيل استمر نحو ثلاثة اشهر.
ويقول كبير الرتباء الاميركي روبرت كيث: "كنت آمل لو كان في امكاني ان احظى بمزيد من الوقت معهم، يا ليت يمكنني تمضية اشهر مع هؤلاء، ليصلوا الى المستوى الذي يحتاجون ان يكونوا عليه".
ويرى كيث ان الجنود العراقيون قادرون على تحقيق المرتجى منهم "اذا عملوا مع قوات التحالف" الذي يضم دولا غربية وعربية.
ويشير المقدم سكوت آلن الى ان برنامج التدريب سيتدرج من التأهيل الفردي، وصولا الى المجموعات العسكرية.
كما يشمل مروحة واسعة من المواضيع، كاستخدام الاسلحة و"التحرك التكتيكي" والقيادة والاخلاقيات، بحسب جنود اميركيين.
ويقول: "نعرف انهم (الجنود العراقيون) سيقاتلون في محيط مدني، وندرك ان عملياتهم ستكون هجومية، لذا ما سندربهم عليه معد وفق هذه المهمات".
ويرى فانك ان على العراقيين الاستفادة من التدريب لأقصى حد. ويوضح: "عليهم ان يستغلوا هذه الفرصة (...) يدركون ان فرصهم باتت على وشك النفاد... حان الوقت ليقفوا على أرجلهم، يتقدموا، وينجزوا الامور".