قضية مؤلمة أخرى يرويها الشاب «ع. ف» الذي يبلغ من العمر 17 سنة ، ابتعدت قليلاً عن سابقاتها كون المؤثر الأكبر لوجود هذه القضية متابعة "أفلام الأكشن" حيث أنتجت تلك الأفلام شاباً يقع ضمن مجموعة "شلة" احترفوا السطو المسلح على المحلات التجارية ولعب الدور على أكمل وجه ليتقاسموا بعد نجاح مخططاتهم الغلة بينهم كلٌ حسب دوره وجهده . ولعل هذه القضية تنحى منحى آخر كونها انتقلت من الترفيه والتسلية إلى التطبيق وارتكاب الجريمة على أرض الواقع.
فما تفاصيل تلك القضية ؟ ومن بطلها ؟ الذي سرعان ما أصبح ضحية.. ! أفلام الأكشن
يقول الشاب «ع.ف» : أسكن مع أسرتي في أحد أحياء الدمام المتواضعة وكنت في بداية المرحلة المتوسطة عندما كان عمري 13 سنة أتابع بشغف الأفلام التي تعتمد الإثارة والمخاطرة . كما أتابع المسلسلات الخليجية التي تتضمن حلقاتها فصولاً من الإجرام، وكنت أستمتع بتلك المشاهدات وأقضي في متابعتها خصوصاً الأفلام الأجنبية الساعات الطويلة . ولا شك في أن متابعة الأفلام مع زملائي في الحارة لها طعم خاص وطابع مختلف كون تلك الأفلام تتضمن شيئاً من المناظر الإباحية التي كنت مغرماً بمتابعتها حتى داخل غرفتي في المنزل . وبحكم وجودي وزملائي في أحياء متواضعة وأسرنا من ذوات الدخل المنخفض فقد كان المال هو الهاجس الوحيد الذي طالما كنا نفكر في الحصول عليه . كما أننا نُحرم الكثير من أنواع الترفيه بسبب عجزنا عن توفير المال ، ويتابع حديثه قائلاً : من المواقف المحرجة والمؤلمة لنا كشباب أننا إذا ذهبنا إلى المجمعات التجارية الكبرى لا نجد المال الذي يكفينا لشراء الوجبات الراقية من المطاعم الأوروبية .
لذلك كنا نعتمد على سرقة المال من منازلنا في البداية فكل واحد يحضر ما يكفيه للعشاء ومع اكتشاف أمر بعضنا من قبل الوالدين زادت أوضاعنا صعوبة. حيث كان لا بد من توفير المال ولأننا مازلنا على مقاعد الدراسة ولا نستطيع العمل فكانت مسألة توفير المال مستحيلة من وجهة نظرنا . ومن المواقف العالقة في ذهنه في إحدى طلعاته الترفيهية مع زملائه يقول : ذهبنا إلى مطعم يتاح فيه دفع الحساب بعد العشاء ، وقد تعشيت مع زملائي وتعمدت الخروج من المطعم بعد العشاء بداعي دورة المياه ، وكنت مضمراً الهروب من المطعم لعدم توافر المال لدي، وبعد فترة وجدت زملائي قد طبقوا نفس الخطة وخرجنا من المطعم دون أن ندفع المال . السرقة الكبرى
وعن القضية التي جاءت به إلى دار الملاحظة يقول : في فترة سابقة كان مدار حديث الناس الحصول على آيفون 6 ولا شك في أن وجوده في أيدينا يعتبر نقلة نوعية في حياة الواحد منا ، فكيف نحقق ذلك الحلم ونحن لا نملك شراء بطاقة شحن بقيمة عشرة ريالات ؟ من هنا بدأت خطة البحث عن طريقة للحصول على هذه الأجهزة للمفاخرة بها أمام الأقران ثم بيع بعضها للحصول على المال، وكان لي زميل ضمن المجموعة يعرف أحد أصحاب محلات الجوالات ، ويتردد عليه في صيانة بعض الأجهزة وكان يقول لنا : إن محله سهل السرقة والعامل الموجود صغير السن وسريع الخوف لذلك قررنا أن نراقب المحل وبحكم أن محله يحتوي على قسم لصيانة الجوالات فالمحل يفتح أبوابه في وقت مبكر من الصباح . وكان هذا الوقت هو أنسب وقت - من وجهة نظرنا - للسطو على المحل وسرقة ما فيه من أجهزة وبالفعل اجتمعنا قبل تنفيذ الجريمة بيوم لتقاسم الأدوار . فالقوي منا يدخل المحل ويهدد البائع بالسلاح ويقصيه في زاوية ويضربه، واثنان يقومان بتنظيف المحل من الهواتف المحمولة خصوصاً آيفون 6 وواحد يراقب مدخل الباب، والخامس يكون في السيارة جاهزاً للانطلاق بنا فور ركوبنا . ويتابع الشاب شرح فصول الجريمة فيقول : اجتمعنا في صباح ذلك اليوم وذهبنا للإفطار عند تمام الساعة السادسة صباحاً وكل واحد منا يعرف دوره في تنفيذ الخطة .
وعند تمام الساعة الثامنة والنصف كنا نحوم حول المحل في انتظار أن يفتح العامل باب المحل، وماهي إلا لحظات حتى فتح عامل الصيانة باب المحل وكان معه زميله ، فانتظرنا حتى يذهب زميله لإحضار الفطور كما هي عليه عادتهم كل يوم . وعند خروج العامل من المحل وابتعاده عنا نزلنا من السيارة وتوجهنا للمحل ، فدخلت أنا في البداية وكنت أخفي السلاح في جيبي وكان المحل خاليا من الزبائن ، وما هي إلا ثوان معدودة حتى تبعني زميلاي اللذان يحملان أكياسا داخل ملابسهما . وعلى الفور بادرت العامل بضربه على رأسه بيدي وعندما وجدته خائفاً يبكي لم أواصل ضربه فقد كنت أكتفي بمنعه من الاتصال أو الخروج من المحل ، وكان زميلاي يقومان بجمع الهواتف المحمولة من المحل . وعندما خرجا واطمأننت على ابتعادهما خرجت من المحل وسلكت طريقاً آخر لنلتقي في نقطة قريبة من المحل قد اتفقنا عليها مسبقاً ، ولعدم التوفيق كان الطريق الذي سلكته مليئا بالعمالة، الأمر الذي جعلهم يستغربون هروبي بشكل لافت .
وعندما رأوا عاملاً يلحق بي تسابقوا علي وأمسكوا بي ورغم مقاومتي، إلا أنهم كانوا أكثر ، عندها علمت بأنني سقطت ولا مجال للمقاومة، وقد طلب منهم المجني عليه أن يأخذوا جوالي حتى لا أتمكن من تحذير بقية زملائي الذين سرقوا الجوالات . وبالفعل أخذوا جوالي وتحفظوا عليه، حيث قام أحدهم بإبلاغ الجهات الأمنية عن طريق استيقاف الدوريات الأمنية التي تمر بالقرب منهم، وبالفعل ألقي القبض علي وأركبوني سيارة الدورية وسلموا جوالي - الذي كان لا يصمت من اتصالات زملائي - وذهبوا بي إلى قسم الشرطة تمهيداً لإحضار زملائي .
اعتراف وندم
ويضيف قائلاً : "لم يكن هناك أي مجال للإنكار فقد اعترفت وتم إحضار الضحية وتعرف علي وتم التواصل معه ليتعرف على بقية زملائي، وهذا ما حصل، حيث لم تأت صلاة العصر إلا وكل المشاركين في الجريمة قد ألقي القبض عليهم، حيث إن بعضهم حاول الهروب والبعض الآخر جاء منكراً معرفتي وعلاقته بالقضية . ويضيف من خلال التحقيقات اعترفنا بكافة تفاصيل القضية، وتم نقلنا إلى دار الملاحظة تمهيداً لمحاكمتنا، وهكذا تلاشى الحلم الذي كنا نطمح للوصول إليه ، وعندما سألناه عن الخوف من العقاب ومراقبة الوالدين قال : في حالة الحاجة ينسى الواحد منا كل شيء ولا يفكر إلا في الحصول عليها . أما أسرتي فوالدي يعمل في وظيفة متواضعة ويذهب بعد العصر للبحث عن مصدر آخر للرزق ، ويتركنا في البيت مع إخوتي، ووالدتي حريصة علينا، لكن ليس لديها المال كي توفر ما نطلبه من احتياجات . لذلك كنت أعيش في أسرة تعتمد بشكل أكبر على الأم لأن والدي لا نراه إلا في المساء ، وعندما سألناه عن إحساسه بالذنب قال : لا شك في أن الألم يعتصرني والندم يقطع قلبي والخجل يملأ وجهي خصوصاً أمام والدي الذي كان شديداً جافاً في التعامل معنا ، حريصاً على ألا نشوه سمعة الأسرة ، لكن الحمد لله على كل حال . فأنا أشعر بجوار أساتذتي في الدار بالأمان والراحة لا سيما أنني نادم أشد الندم وعازم على التوبة، مضيفاً أن المناخ في الدار ملائم لأن يتعلم الشاب ويستغل وقته فيما هو مفيد لا سيما البرامج والدورات مثل دورة الكمبيوتر وورش الكهرباء والسباكة والأعمال اليدوية مثل الزخرفة والنحت وغيرها . وهذا ما جعلني أقول : إن الله تعالى اختار لي هذا المكان كي أعقد العزم على تعديل سلوكي ومواصلة دراستي والتخرج في المرحلة الثانوية والالتحاق بالجامعة إيذاناً ببدء حياة جديدة .
مع مسؤول البرامج في إحدى القاعات
منتجات من الموكيت في أيدي النزلاء
أحد المعارض الداخلية التي أقامها النزلاء