شدد الدكتور عبدالرحمن البراك، وزير الخدمة المدنية على أن بقاء القيادات في العمل الحكومي مرهون بإنجازاتهم التي يقدمونها، وأن العلاقة في أعمالهم تعد تعاقدية وليست لائحية، كما أفصح عن وجود برنامج سياسات عامة خاصه بالإدارات الحكومية، ومشروع آخر يتعلق ببرنامج أعد في معهد الإدارة العامة، لتدريب قيادات حكومية قادرة على إدارة برامج التنمية والتنافسية.
وأشار إلى أن توجه كل خطط الإصلاح في دول العالم تأتي باستخدام التقنية وتقديم الخدمة الشاملة والمساءلة للأجهزة الحكومية، وبالنسبة إلى المنافسة قال: «تمثل تحدياً لوزارة الخدمة المدنية، إذ نتنافس مع أنفسنا، ونتنافس مع طموحات المواطن، ومع الأجهزة الحكومية الأخرى، وكذلك الدول الأخرى، والمنافسة هي تحدّ يومي نسعى من خلاله إلى تلبية متطلبات التنمية، وهذه الأمور نضعها في الحسبان».
جاء ذلك خلال حديثه في الجلسة الافتتاحية لأعمال منتدى التنافسية الدولي الثامن الذي تحتضنه مدينة الرياض، وبدأ أعماله أمس، حيث بين الدكتور البراك، أن الخدمات التي تقدمها الوزارة ولا سيما التقنية منها، لها دورها في تسهيل الإجراءات الحكومية، مؤكداً أن ذلك أسهم في بناء اقتصادات قادرة على المنافسة، وأضاف: «هناك دور مهم للقطاع الحكومي، والجميع يدرك دور الأجهزة الحكومية في دفع عجلة التنمية، وهناك محاولات كثيرة للتغيير».
وأضاف: «في وزارة الخدمة المدنية انطلقنا من هذا التوجه، وننظر إلى الخدمات بأن لا تخدم المواطن فحسب بل يكون المواطن شريكاً في الخدمة، وأن يتم تقديم كل الخدمات له بتميز، وهناك أربعة محاور رئيسة في هذا الجانب، هي: الشراكة مع القطاع الخاص، الخصخصة، ثبات الإنفاق الحكومي، والاستثمار في التقنية».
واستطرد بقوله: «عندما نُسأل: ماذا قدمنا في هذا الجانب؟ أشير إلى بعض المشاريع التي يحتضنها مجلس الخدمة المدنية ومعهد الإدارة العامة، ودورها في تبسيط الإجراءات الحكومية؛ لما لذلك من دور أساسي في الاقتصاديات المفتوحة، وهذا المشروع في مراحله النهائية عبر العمل مع بيوت خبرة معينة، وهناك جانب مهم آخر وهو المساءلة، لافتاً بقوله: «نحن ندرك أن القطاع الحكومي هو صاحب سياسات وقرارات».
من جهته، كشف الدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة، عن نقاشات تجري حالياً مع مجموعة من الدول لفتح الأسواق بشكل أفضل لانطلاق هيكلة الصادرات السعودية للعمل بكفاءة، مشيراً إلى أن الوزارة شاركت العام الماضي في 13 معرضاً دولياً لدعم هذا التوجه.
وأفصح أيضاً وزير التجارة والصناعة، عن اهتمام حكومي بتوفير المزيد من الفرص فيما يخص الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، مبيناً أن الدولة تدعم التجارب الجيدة في القطاع الخاص، منها ما يتعلق بمجالات «تحلية المياه والكهرباء والموانئ»، التي ساعدت على رفع كفاءة العمليات الإنتاجية بالقطاع الخاص.
وفيما يخص تغيير الهيكلة في الفترة المقبلة نظير انخفاض عوائد النفط، قال وزير التجارة والصناعة: «من المؤكد أن النفط مصدر مهم للمملكة، وعلى الجانب الآخر هناك حضور مهم للقطاع الخاص في دعم الاقتصاد، وهناك نمو في الصادرات، كما أن لدينا احتياطات كبيرة».
وأدار الجلسة التي حملت عنوان: «تنافسية القطاع الحكومي والمملكة العربية السعودية.. بوابة إلى العالم»، اللورد بيتر ماندلسون، وفي بداية الجلسة أشاد بالتطورات التي تشهدها المملكة كل عام بشكل متسارع، مشيراً إلى وجود عدة عوامل تنافسية في المملكة، من موقع جغرافي استراتيجي، واقتصاد قوي، إضافة إلى دور الحكومة السعودية في دعم هذا التوجه وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، ثم عُرض مقطع فيديو تطرق إلى دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني.
بعد ذلك تحدث الدكتور عبدالرحمن الجضعي الرئيس التنفيذي لشركة «علم»، عن دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دعم تنافسية الاقتصاد السعودي، ودور استخدام التقنية الحديثة في تعزيز هذه التنافسية، ضارباً المثل ببعض البرامج والتجارب الوطنية الناجحة في وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية.
وأشار إلى أن شركة علم تعتمد الشراكة مع القطاع الحكومي بهدف رفع الفعالية والإنتاجية، وهذا الهدف لديهم في التنافسية هو أن تضيف الشركات للقطاع الحكومي مجموعة ما لديها من مزايا، ومن ذلك تغيير مفهوم المراجع للقطاع الحكومي ليصبح الضيف أو العميل.
وأضاف: «أما بشأن استخدام التقنية، فهناك مجموعة من الأمثلة التي قدمت فيها بعض الأنظمة الإلكترونية، وعلى سبيل المثال وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية، قدم نظام حافز الذي سجل خمسة ملايين باحث عن العمل، منهم مليون باحث بشكل دقيق، وهذا إنجاز كبير جداً وفر على البلد الكثير الكثير».
واستطرد قائلاً: «يتمثل هذا الإنجاز في الكثير من الفوائد، منها أن القطاع الحكومي أصبح متفرغاً أكثر لأعماله؛ فمع تحويل الخدمات من الجانب اليدوي إلى الإلكتروني تنخفض الحاجة إلى الذهاب إلى القطاع بنسبة 80%، الأمر الذي يمنح القطاع الحكومي القدرة على التحكم والتفرغ لأعماله وإجراء الدراسات، وبذلك وفرنا المزيد من الرحلات بمختلف وسائل النقل، وخفضنا تكاليف الطباعة على الورق».
وأشار إلى أن أهم فائدة تحققت هي إسعاد المواطن الذي أصبح يرضى عن الخدمة والعمل والحكومة، وهو المستفيد الأول»، مضيفاً بقوله: «هذا التطور في تقنية المعلومات أصبح مطلباً، ونحن في شركة علم نرى أن المواطن يطلب التقنية والحكومة تقدم التقنية الأفضل، وهناك تحديات، ونحن ننظر إلى المعلومات على أنها ثروة، وأن هناك تهديداً في كيفية تعاملنا مع هذه المعلومات، ويأتي التهديد من الخصوصية، وكيفية ضمان خصوصية الفرد والمؤسسات.
وفي ختام كلمات المشاركين بالجلسة تحدث نيكا جيلاوري رئيس وزراء جورجيا الأسبق، عن تجربة دولته في التعامل مع قضية التنافسية، وقال: «استطاعت جورجيا خلال فترة وجيزة أن تؤسس بيئة أعمال جيدة، وكان هذا بمنزلة التحول الضروري لتهيئة بيئة الأعمال المناسبة، وذلك بتحسين الأداء وطريقة الحياة والأسلوب المناسب للعيش».
وأشار إلى أن جورجيا تعد الآن من أولى الدول في مجال الإصلاحات، وعندما أعدنا النظر في الأنظمة وحاولنا تحسينها وبحثنا عن الطرق الصحيحة لإنعاش الاستثمار وضعنا قانوناً حكومياً واحداً، وكانت وزارة المالية تطلب الكثير من المستندات الورقية من مصلحة الإحصاءات، أما الآن فحصرنا ذلك في جهة واحدة يتمكن من خلالها المستثمر من تسجيل شركته.
وأضاف: «بحسب الأنظمة الجديدة، فإذا قمت بتقديم طلب لترخيص ولم تحصل على رد لمدة أسبوعين فهذا يعني الموافقة، ويدلل ذلك على تخفيض التكلفة والوقت، وأنا لا أعرف الوضع في المملكة، ولكن كان هذا إنجازا عظيما لجورجيا، وكان من السهل على الناس أن يستوعبوا ذلك، فقد أصبح الأمر مبسطا وسهلا، وحتى القطاع الخاص لا يصدق أن هذه الإجراءات كلها يمكن أن تنجز في لحظة، والآن أصبح المبدأ الحكومي الأساسي يدفع إلى تحقيق رضا العميل ودفع القطاع الخاص لتنفيذ أعماله».
د. محمد الجاسر ود. فهد المبارك في حديث جانبي
المنتدى شهد حضور العديد من كبار الشخصيات بالمملكة وكافة أنحاء العالم