تولدت لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ وقت مبكر قناعات بأهمية قوة الاقتصاد الوطني، باعتباره احد الركائز الاساسية للدولة.
ويتميز الملك سلمان بن عبدالعزيز بسمات وخصال، أبرزها القدرة على القيادة والخبـرة الواسعة في مختلف الأمور، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية أم اجتماعية، خاصة أنه تولى ولاية العهد في زمن أصبحت فيه المملكة ذات مكانة عربية وإقليمية ودولية في الاقتصاد تتوازى مع ثقلها الكبيـر في الاضطلاع بالكثير من ملفات سياسية واقتصادية دقيقة تتطلب شخصاً في قامة سلمان بن عبدالعزيز، كونه أحد الذين ساهموا في التواصل مع إخوانه العرب والمسلمين عبـر توليه العديد من المبادرات واللجان التـي كانت تهتم بقضاياهم.
ولدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رؤية عميقة بأهمية الاقتصاد ويؤكد ذلك مقولته «إننا نعيش في مرحلة تفرض الكثير من التحديات مما يتطلب نظرة موضوعية شاملة لتطوير آليات الاقتصاد وهو تطوير يجب أن يكون مبنياً على الدراسة والأسس العلمية الصحيحة».
حكمته تجلت في قمة العشرين
وحينما قاد وفد المملكة الى المشاركة في قمة مجموعة العشرين التاسعة التي عقدت بمدينة برزبن بأستراليا، استطاع الملك سلمان بن عبدالعزيز برؤيته الحكيمة أن يضع المملكة في واجهة اهتمامات دول العالم لجهة ثقلها الاقتصادي وتأثيرها على اقتصاديات دول العالم.
وقال الملك سلمان في كلمته أمام القمة «إن الاقتصاد اليوم بات هو اللغة التي تفهمها الشعوب وأنه بات في أحيان كثيرة أهم من السياسة نفسها رغم تأثر كل منهما بالآخر، وطرح أمثلة عديدة حول الأهمية التي بات الرأي الاقتصادي فيها أيضاً مهما في بناء حضارات الشعوب وتحقيق النهضات التنموية المستدامة، والتي تحقق في محصلة الاستقرار السياسي والرفاه الاجتماعي للشعوب».
وأضاف الملك سلمان بن عبدالعزيز «إن الأنظمة السياسية وشكلها في العالم اليوم لم تعد الركيزة الأساسية والوحيدة لتعزيز الأمن الاجتماعي والسياسي للدول بل أصبح الشكل الاقتصادي والمسيرة التنموية شريكاً أساسياً للمحافظة على تلك الأنظمة، وهي رؤية تنم عن بعد نظر من الملك سلمان لما آل وسيؤول إليه التأثير الاقتصادي في حياة الأمم».
وتناول السبل والسياسات المرتبطة بتحقيق النمو العالمي؛ حيث أوضح أن ضعف وتيرة تعافي الاقتصادِ العالمي وازديادَ حدِّةِ المخاطرِ يتطلَّب مواصلة تنفيذ السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكليَّة الداعمة للنمو وإيجاد فُرص العمل، واستكمال تنفيذ إصلاح التشريعات الماليَة، للحدِّ من المخاطر التي قد تُؤثر على الاستقرار المالي العالمي، مؤكدا على الارتباط الوثيق بين النمو الاقتصادي والسّلم العالمي بما يحتم علي جميع الدول التعاون والعمل لمُعالجة القضايا التي تُمثل مصدر تهديد لهذا السّلم، مشيراً إلى النزاع العربي الإسرائيلي والأزمة السورية التي أسهمت في انتشار العنف والإرهاب، داعياً المُجتمع الدولي للتعاونِ والعمل لمُساعدة دول المنطقة في إيجاد المعالجات المناسبة لهذه القضايا الملحة.
تحفيز النمو واستدامته
وشدد الملك سلمان بن عبدالعزيز على ترحيبه بتوافق الآراء لترسيخ الثقة في الاقتصاد العالمي، وتحفيز نموه واسْتدامته، وتعزيز جهود إيجاد فرص العمل على النحو الوارد في خُطط العمل المقرة في استراتيجيات النموِّ الشاملة لدول المجموعة. وأكد على ضرورة التنفيذ الكامل للتدابير والسياسات الطموحةِ الفردية والجماعية التي تضَمَّنتها هذه الاستراتيجيات بهدف رفع الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة بأكثر من اثنين في المائة على مدى خمس سنوات، مع مُراعاة المرونة وفقاً للأوضاع الاقتصادية لكل دولة.
وأكد الملك سلمان بن عبدالعزيز حرص المملكة على تعزيز دورها الفاعل في المجموعة، موضحاً اهتمامها بما يطرح في إطارها من قضايا حرصاً منها على نمو الاقتصاد العالمي واستقراره وبما يحقق مصالح الجميع، لافتاً إلى أن المشاركة الفاعلة ذات أهمية كبيرة للمملكة حرصاً منها على مصالح الدول العربية والنامية.
وإبرازاً لحرص المملكة على تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي، أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز على استمرار المملكة في انتهاج سياسة نفطية لتعزيز استقرار سوق النفط العالمية، والأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة. وأكد أن المملكة استثمرت بشكل كبير للاحتفاظ بطاقة انتاجية إضافية لتعزيز استقرار أسواق الطاقة العالمية وبالتالي دعم النمو الاقتصادي العالمي وتعزيز استقراره؛ حيث تصل طاقة انتاج المملكة إلى 12.5 مليون برميل يومياً.
وحظي خطاب الملك سلمان بن عبدالعزيز في قمة العشرين بإشادات متواصلة، حيث قال نبيل بن محمد آل صالح، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أستراليا ونيوزيلاندا، إن ترؤس الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفد المملكة المشارك في قمة دول مجموعة العشرين في مدينة برزبن في أستراليا، أتى تكريساً للمكانة والريادة التي تحظى بها المملكة على المستوى الدولي ودورها الأساسي في صنع القرار الاقتصادي العالمي.
كما رحّب نيل هوكنز، سفير أستراليا لدى المملكة، بزيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لأستراليا في «القمة» وأوضح أن صوت المملكة في مجموعة العشرين يعكس تأثيرها المهم إقليميًا وعالميًا.
واعتبر إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، وزير المالية السعودي، مشاركة الملك سلمان بن عبدالعزيز في قمة العشرين دليلاً على حرص المملكة على الحضور القوي والفاعل في هذه المنظومة المهمة التي تُعد المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي بين دولها الأعضاء الذين يمثلون 85 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75 بالمائة من التجارة العالمية، وثلثي سكان العالم تقريبًا.
مواجهة الازمة المالية العالمية
وأكد الملك سلمان بن عبدالعزيز على أنه رغم حدوث الأزمة المالية التـي اجتاحت العالم في النصف الثاني من عام 2008م، إلا أن المملكة استطاعت تجنب آثارها بفضل السياسات الحكيمة التي تبنتها الحكومة، للتعامل مع الأزمة.
وأولى الملك سلمان الاقتصاد اهتماما خاصا ابان توليه امارة الرياض، حيث ازدهرت التجارة في المنطقة منذ وقت مبكر، واهتم بمشروعات التنمية في المنطقة؛ حيث أعلن أن مشروع بناء مترو في العاصمة السعودية تم استكماله لجهة التصاميم والدراسات، وتم البدء في تنفيذه فور رصد الاعتمادات اللازمة. كما أعلن عن إصدار قرار يقضي بإنشاء برنامج خاص لمتابعة مشاريع منطقة الرياض تحت إشراف مجلس المنطقة يكون مقره بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ومهمته التأكد من حُسن تنفيذ المشاريع الحكومية حسب المواصفات الفنية والفترات الزمنية المحددة لها وكذلك العمل على تكامل المشروعات المقامة وتحديد احتياجات المنطقة المستقبلية من خلال تطبيق البرنامج العلمي للمتابعة الفورية لتنفيذ المشروعات.
وعبر خادم الحرمين الشريفين عن تفاؤله بمستقبل المملكة وتطور أوجه الحياة فيها بفضل الله ثم بفضل القيادات المحنكة على امتداد تاريخ المملكة التي وفرت الأمان لأبناء البلاد وللمقيمين فيها والوافدين إليها جنباً إلى جنب تنفيذ المزيد من المشاريع التنموية الشاملة في كل مدينة وقرية.
وأكد أن المملكة من أكثـر الدول استقراراً وجذباً للاستثمارات لما تقدمه من حوافز وتسهيلات للمستثمرين، لافتاً إلى أنه تمت الموافقة على فتح سوق الأسهم السعودية للاستثمار الأجنبـي، واصفاً إياها بأنها السوق الأكبـر في الشرق الأوسط، ومشيراً إلى أن الناتج المحلي قد تضاعف إلى 540 مليار يورو.
ولاهتمام الملك سلمان بن عبدالعزيز بقوة الاقتصاد الوطني دعا خلال حفل افتتاح منتدى الرياض الاقتصادي الثاني بعنوان (نحو تنمية مستدامة) الذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، إلى دراسة القضايا الاقتصادية الوطنية وتشخيصها والوقوف على معوقات النمو الاقتصادي والاطلاع على التجارب العالمية المشابهة والاستفادة منها واقتراح حلول علمية للمساعدة في اتخاذ القرار الاقتصادي وتعزيز مبدأ الحوار والمشاركة بين قطاعات المجتمع الاقتصادي.
وأكد أن منتدى الرياض الاقتصادي فتح المجال لتبادل الأفكار الاقتصادية من أجل إرساء قواعد فكرية تسهم في تعزيز المبادرات الخلاقة وتساعد على تنمية الوعي بالتحديات التي تتطلب الاستعداد والمواجهة، معربا عن أمله في أن يحقق رجال الأعمال ما تأمله الدولة منهم، وخلال استقباله رئيس وأعضاء مجلس الغرف السعودية، أشاد الملك سلمان بدور رجال الأعمال في دعم الاستثمار وتوظيف الشباب وتنمية مهاراتهم للاستغناء عن العمالة الوافدة.
وقال الملك سلمان بن عبدالعزيز إن «عقد هذا المنتدى وفي هذه المرحلة بالذات يأتي في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى مثل هذه المنتديات ومثل هذه اللقاءات»، ورأى أنهم «يعيشون في مرحلة تفرض الكثيـر من التحديات مما يتطلب نظرة موضوعية شاملة لتطوير آليات الاقتصاد»، وقال إنه «تطوير يجب أن يكون مبنياً على الدراسة والأسس العلمية الصحيحة». وأشار إلى أن «هذا الأمر يزداد أهمية مع دخولهم في منظمة التجارة العالمية» والذي أوضح أنه يتطلب تعاطياً مختلفاً لإدارة دفة الاقتصاد ليضمنوا من خلالها وجود اقتصاد قوي ومنافس، وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية عملت الكثيـر استعدادا لهذه المرحلة وعملت على إيجاد بيئة استثمارية أكثـر نضـجاً ومواءمة للمرحلة المقبلة.
وأعرب الملك سلمان بن عبدالعزيز، عن تقديره للجهود التـي تبذلها مؤسسة النقد العربي السعودي فيما يخدم الاقتصاد الوطني ويوفر بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنـبي، متمنياً للمؤسسة والعاملين بها المزيد من التقدم والتطور.
وحول دور القطاع الخاص في التنمية، أشار الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى أهمية الاستراتيجية الكبـرى لهذا القطاع، كما شدد على أهمية قيام القطاع الخاص بدوره المأمول في التنمية الوطنية بوصفه شريكاً أساسياً فيها، مبـرزاً ما تقدمه الدولة من دعم كبيـر للشركات والمؤسسات الوطنية لتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها في العديد من الأنشطة الاقتصادية التنموية في المملكة، وأكد على أهمية استيعاب الشباب في وظائف القطاع الخاص وأنشطته المختلفة.
.. خلال لقاء مع وزير المالية ومساعده ووكلاء الوزارة
.. حديث مع الرئيس الروسي بوتين خلال قمة العشرين