تربعت أبل على عرش سوق الهواتف الذكية وبعد أن تقلبت موازين المنافسة والترتيب العالمي لمبيعات الهواتف الذكية منذ الربع الرابع من العام الماضي حتى الوقت الحالي، وذلك نتيجة للنزاعات القضائية للاستحواذات والاندماجات وتغير نهج وخطط الإطلاقات في العديد من الشركات التي كانت تسيطر على سوق الهواتف العالمي.
فقد كشفت جارتنر في آخر دراساتها عن سوق الهواتف الذكية عن وصول عدد الهواتف الجوالة التي بيعت للمستخدمين النهائيين خلال العام الماضي إلى 1.9 مليار هاتف، أي بزيادة قدرها 3.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2013، في مقابل أن مبيعات الهواتف الذكية للموزعين حول العالم شهدت زيادة كبيرة خلال العام الماضي حيث وصلت إلى 1.2 مليار هاتف بزيادة بلغت 28.4% مقارنة بعام 2013، وحقق الربع الأخير من العام الماضي نتائج قياسية في نسبة مبيعات الهواتف الذكية بزيادة بلغت 29.9% مقارنة بالربع الأخير من عام 2013، كما وصل عدد الهواتف الذكية التي بيعت في هذا الربع إلى 367.5 مليون هاتف، وقد تقدمت شركة آبل إلى المركز الأول فيه على حساب شركة سامسونج التي تراجعت إلى المركز الثاني للمرة الأولى منذ العام 2011، لتبقى لينوفو في المرتبة الثالثة في سوق الهواتف الذكية.
ويقول خبراء: إن التحولات السريعة في سوق الهواتف الذكية باتت أهم سمات التغير في الصناعة التقنية عالميا، فجميع المؤشرات تدل على شدة المنافسة في هذا السوق بخطوات متقاربة بين الشركات المتربعة على عرشه، فقد أصبح العالم يوميا يسمع عن أجهزة جديدة تعلن وتطرح في الأسواق، وذلك لأن الشركات المصنعة للهواتف تتنافس بسرعة لزيادة حصصها من المستهلكين.
وأكدوا أن الخيارات والميزات في الأسواق العالمية أصبحت متعددة أكثر من السابق وذلك لأن الشركات الأمريكية والأوروبية غيرت نهجها التسويقي واستراتيجياتها، إذ باتت توفر عدد من الخيارات أمام زبائنها عبر إطلاق عدد كبير من الأجهزة قد يتجاوز اربعة هواتف مختلفة في السنة الواحدة بإصدارات ومزايا وأسعار مختلفة، بعد ان كانت لا تقوم بإطلاق أكثر من جهاز أو اثنين على الأغلب خلال العام الواحد وذي مواصفات وأسعار مرتفعة، لتكون شبيهة باستراتيجيات الشركات الآسيوية.
وهذا النهج قد دعم شركة أبل وجعلها تحقق خلال الربع الرابع من العام الماضي أفضل مبيعات لها على الإطلاق، إذ تمكنت من بيع 74.8 مليون هاتف، مما جعلها تتقدم إلى المرتبة الأولى في مبيعات الهواتف الذكية حول العالم، وقد ساهمت الشاشات الكبيرة لهواتف آيفون الجديدة في زيادة الإقبال عليها عالميا كما ساهمت هواتف "iPhone 6" و"iPhone 6 Plus" في دفع مستخدمي أنظمة "iOS" إلى استبدال هواتفهم الذكية، كما أنها وفرت بديلاً للهواتف التي تعمل بأنظمة أندرويد أمام المستخدمين الباحثين عن شاشة أكبر.
وبحسب جارتنر، فقد تدهور أداء سامسونج في سوق الهواتف الذكية بشكل أكبر خلال الربع الرابع من العام 2014، حيث فقدت جزءا من حصتها السوقية، ولا تزال تعاني تراجع مبيعاتها من الهواتف الذكية بعد أن وصلت إلى القمة في الربع الثالث من عام 2013، ويشير هذا التراجع إلى أن أرباح سامسونج من الهواتف من الفئة العليا تتعرض لضغوط شديدة.
أما شركة لينوفو فقد تقدمت خلال الربع الرابع من العام الماضي إلى المرتبة الثالثة في مبيعات الهواتف الذكية حول العالم، وذلك بعد استحوذت لينوفو على هواتف موتورولا، وبلغت حصتها السوقية 6.6%، أي بنسبة نمو سنوية بلغت 47.6%، وقد ارتفعت مبيعات هواتف لينوفو في الصين بنسبة 7.8% خلال الربع الرابع من العام الماضي، إضافة إلى مبيعاتها القوية من الهواتف الذكية في روسيا والهند وأندونيسيا والبرازيل خلال الفترة ذاتها، مما ساعدها على تحقيق نمو بنسبة 26% في مبيعات الهواتف الذكية حول العالم.
كما ساهم انتشار الهواتف الذكية ذات السعر المنخفض في زيادة إقبال المستخدمين عليها كبديل للهواتف التقليدية، مما ساهم في زيادة انتشار أنظمة التشغيل المخصصة لهذه الهواتف في معظم البلدان النامية، حيث يساهم نظام أندرويد بنسبة كبيرة من هذا النمو إذ حقق انتشارا متزايدا بنسبة 2.2 نقطة مئوية خلال العام الماضي، فضلا عن نموه بنسبة 32% خلال العام ذاته، كما ساهمت الشركات الصينية واللاعبون الصغار الآخرون في تعزيز انتشار نظام أندرويد في العام الماضي، في حين استمرّت معاناة الشركات الكبيرة التي تطوّر هواتف تعمل بنظام اندرويد في الحفاظ على ولاء المستخدمين لها ولما تقدّمه، ولم يتغير انتشار الهواتف التي تعمل بنظام ويندوز، إلا أنها حققت نتائج قوية في بعض الأسواق الأوربية وفي قطاع الأعمال خصوصا.
حيث تستمر الشركات الصينية مثل هواوي وشياومي في تحسين مبيعاتها في أسواق عالمية أخرى، لا سيما في فئة الهواتف الذكية المتوسطة أو الابتدائية، إذ لم تعد لاعبا ثانويا في عالم الهواتف الذكية، بل أصبحت تطرح هواتف عالية الجودة وبمزايا متقدّمة تمكّنها من منافسة اللاعبين الكبار في سوق الهواتف الذكية، وسيكون الترويج للعلامة التجارية لهذه الشركات العامل الأساسي في تحديد الشركات الصينية التي ستستطيع تثبيت أقدامها في السوق والوصول بشكل أكبر للسوق العالمية.