كشف خبراء في القطاع الصناعي بالمنطقة الشرقية أن الصناعة الوطنية لم تتأثر جراء انخفاض أسعار النفط عالميا.
وقالوا إن هذا الانخفاض سيمنح المصانع الوطنية نموا في الأرباح نتيجة انخفاض أسعار المواد الأولية اللازمة للإنتاج والتي تعتبر من مدخلات النفط مثل البلاستيك وغيره.
وأكد الخبراء أن هذا التراجع في الأسعار سيؤثر فقط على المشاريع العملاقة مثل مشروعات البنية التحتية والكهرباء ومشاريع شركة أرامكو السعودية، مما ينعكس ذلك على المقاولين في عموم المشاريع الضخمة، وكذلك على المصنعين الذين يستوردون المواد الرئيسة لهؤلاء المقاولين، موضحين أن المصانع التي ستنجح وستستفيد من تراجع أسعار النفط في المرحلة القادمة هي التي تملك الحس الإبداعي الصناعي الذي يعرف بالتكنولوجيا المتقدمة، وتعتمد على صناعة (النانو) ذات المادة الصغيرة التي تشتق منها منتجات كثيرة.
استفادة ونمو الصناعة
وقال رئيس مجلس إدارة شركة الزامل للاستثمار الصناعي المهندس خالد الزامل ان انخفاض أسعار البترول له فائدة من ناحية أن الدولة ستشجع الاستمرار بقوة في تنويع مصادر الدخل الذي هو من أساسيات تشجيع الصناعة الوطنية ودعمها خاصة المشاريع المتوسطة والصغيرة للصناعة، إضافة إلى تشجيع التصدير إلى الخارج، وكل هذه عوامل تخفض من اعتماد الدولة على مصدر واحد وهو البترول، أما من ناحية الرؤية طويلة الأجل للمملكة فانه يساعدها في الرؤية المتمثلة بتنويع مصادر الدخل وتوطين وإتاحة الفرص الوظيفية للشباب والشابات بالصناعة الوطنية.
وأشار إلى أن كل الصناعات ستفيد من هذا الانخفاض، ولكن يجب على الدولة أن تمنح الصناعة الوطنية الدعم اللازم والتشجيع من خلال تطبيق جميع أنظمة المشتريات الحكومية بأكملها بحيث يتم شراء المنتجات من المصانع الوطنية، لضمان نمو وتطور جميع القطاعات الصناعية، كما يجب الاستفادة من انخفاض اسعار البترول بتنويع مصادر الدخل وإعطاء القطاع الصناعي القدر الكافي من الاهتمام لأنه من أساسيات استيراتيجية المملكة في تنمية الاقتصاد الوطني، مبينا أن عمليات الإنتاج ستزيد في حال ارتفع معدل الطلب على المنتج الوطني في السوق، وكذلك نمو المشتريات الحكومية.
وأضاف الخبير الصناعي عبدالله الصانع أن انخفاض أسعار النفط لم تؤثر على الصناعات التحويلية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بل بالعكس لها أثر إيجابي لأنها ستوفر في مشتريات مواد الخام التي انخفضت أسعارها مثل البلاستيك والحديد وغيرها من المواد اللازمة للصناعة.
قوة احتياطي المملكة
وأضاف الزامل حتى المواد المستوردة من الخارج بدأت أسعارها تنخفض، وهذا بلا شك يساعد على استفادة الصناعة من الوضع ونموها، وبالتالي تراجع أسعار النفط الخام لم يؤثر سلبا على الصناعة المحلية كما هو معتقد، وإنما تأثيره سيكون على المشاريع العملاقة مثل مشاريع البتروكيماويات المرتبطة بأسعار البترول فعندما تنخفض أسعاره فإن التكاليف تزيد عليها، وكذلك المنافسة تقوى فيما بينها، وفي نفس الوقت تكون عملية اكتمال تنفيذها أبطأ من السابق.
وفيما يخص المتوقع بالنسبة للعميات الإنتاجية واللوجستية، وكذلك الأرباح في سنة 2015م أكد الصانع أن الأرباح ستنخفض في المشاريع الكبيرة جراء ارتفاع التكلفة بالنسبة لها، أما المشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة فلن تواجه أي تأثيرات ونتوقع ارتفاعا محدودا في أرباحها قد لا يتجاوز الـ 5%، مشيرا إلى أن الاقتصاد السعودي لن يتأثر جراء تراجع أسعار النفط عالميا بسبب قوة الاحتياطي الكبير لدى الدولة الذي يدعم استمرار تنفيذ المشاريع.
تعطل مشروعات عملاقة
وأوضح رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية فيصل القريشي قائلا: «بلا شك ان انخفاض وتراجع أسعار النفط لا يؤثر فقط على القطاع الصناعي، وإنما على الاقتصاد عامة خصوصا في الدول التي يشكل البترول نسبة 90% من دخلها» فهناك بعض من المشاريع بالمملكة أعلن عن تأجيلها بعد أن كانت مجدولة في عام 2015م مثل مشروعات عملاقة لشركة أرامكو السعودية، وأخرى سيعلن عن تأجيلها أيضا إذا استمرت الأسعار بالانخفاض، وهذا سيؤثر على المقاولين في عموم المشاريع الضخمة مثل مشاريع البنية التحتية والكهرباء ومشاريع شركة أرامكو، وكذلك على المصنعين الذين يستوردون المواد الرئيسة للمقاولين والمشروع نفسه، مؤكدا أن صورة حجم التأثر غير واضحة حتى الآن، ولكن قد تتضح في منتصف العام الحالي سواء استقر السعر في مستوى الـ 60 دولارا أمريكيا أو زاد عنه.
وبين أن الكثير من مواد الخام مثل الحديد والنحاس تراجعت أسعارها قبل هبوط أسعار النفط بفترة وهذا الأمر زاد المنافسة بين المصانع المحلية، مؤكدا أن الصناعات التي تعتمد على المواد التمويلية والغذائية لن تتأثر وستزيد أرباحها بسبب انخفاض أسعار المواد الخام.
وأشار القريشي إلى أنه من الصعب على المصانع خفض إنتاجها أو الخروج من السوق مباشرة لأن الكثير منها تبحث عن مخارج وأسواق جديدة لمنتجاتها سواء كانت محلية أو خارجية، وكذلك إضافة منتجات جديدة تغطي أي نقص يحدث في منتجاتها الحالية أو في سوقها المحلي نتيجة التباطؤ في الاقتصاد.
صناعة البتروكيماويات
وبين خبير النفط الدكتور سداد الحسيني أن مرحلة انخفاض أسعار النفط تعتبر مرحلة مؤقتة والاحتياطي بالمملكة المالي كبير، وبالتالي القطاع الصناعي لم يتأثر وبصورة عامة يعتبر النشاط الاقتصادي بالمملكة ممتازا جدا.
وقال: «لا أظن أن الصناعات البتروكيماوية تأثرت بالوضع الحالي لأسعار النفط لأنها تتكل على الغاز المحلي الذي ينتج داخل المملكة وليس له علاقة بالأسعار الدولية للغاز ويستهلك الكهرباء ومشتقات المصافي وليس البترول، وإذا تأثرت هذه الصناعات فإنها تتأثر بسبب الأسواق العالمية للبتروكيماويات التي ليس لها علاقة بالبترول، وفي حال انخفاض الاقتصاد العالمي الذي يحتم على جميع الصناعات العالمية بالتراجع بما فيها صناعة البتروكيماويات.
وأكد أن الحفر وعمليات التنقيب مستمرة ونشاط الحفر لم يتأثر، حيث يبلغ عدد المنصات الحالية بالمملكة حوالي 210 منصات بعد أن كان عددها يبلغ قبل ثماني سنوات حوالي 80 منصة، حتى انه في الدول المجاورة مثل دولة الكويت زادت عدد منصات الحفر لديها، كما أن شركة أرامكو السعودية زادت من نسبة توظيف السعوديين بقطاعات الحفر وهذا دليل على أن لديها ثقة في هذا المجال بصورة عامة.
وبين أن الوضع الاقتصادي بالمملكة يعتبر ممتازا جدا وأسواقها جيدة، ولكن يبقى التحدي في الاستمرار بدعم توظيف الشباب السعودي ورفع مستوى الأداء، مؤكدا أنه لا خوف على المصانع المحلية لأن حكومة المملكة حريصة على حماية الصناعات الوطنية.
الانتاج العالمي يضطرب
وعن التوقعات المستقبلية لأسعار النفط عالميا قال الحسيني: «أسعار النفط بدأت بالتحسن وستصل إلى الـ 75 دولارا أمريكيا في فترة الصيف القادمة، وفي تصورى سيبلغ الـ 80 دولارا أمريكيا للبرنت الخام في نهاية السنة الحالية.
وفيما يخص التوقعات لتراجع سعر البرميل إلى 40 دولارا أمريكيا أوضح أن «الأسعار لو تراجعت فإنها لن تتراجع إلى مستوى الأربعينات ولن تستمر عليها لأنه عند النزول إلى هذا المستوى فإن الإنتاج العالمي بأكمله يضطرب والطلب يزيد، وكذلك منافسة الحصول على البترول ستزيد وهذه بطبيعة الحال كلها عوامل ستزيد الأسعار، مؤكدا أن احتمال هبوط السعر إلى الـ 40 دولارا أمريكيا غير وارد ولا يوجد مجال لذلك، لأنه إذا كان هناك حروب فإن الأسعار سترتفع، والأسعار الحالية تعتبر في أدنى المستويات ولن تقل عن ذلك.
واضاف الحسيني أنه عندما تراجعت أسعار النفط قبل شهر تقريبا كانت من دون تكلفة الإنتاج، وهذا الوضع لم يستمر وعاودت الأسعار ارتفاعها من جديد.
الصناعة الحديثة
من جانبه بين أستاذ العلوم الدولية والخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني أن الصناعة الحالية والحديثة تقوم على الطاقة إما الكهرباء أو الغاز، وكل هذه تعتبر من مشتقات النفط، فإذا كانت تعمل على الكهرباء فإن الدولة تدعم هذه الطاقة بحيث يتم منح النفط للشركة السعودية للكهرباء بأسعار رمزية للبرميل تتراوح من 2-3 دولار.
وقال إن تغير أسعار النفط لها تأثير كبير على الصناعة الوطنية خصوصا وأن المملكة لها توجه بأن تكون دولة شبه صناعية خلال الخمس السنوات القادمة، بدليل أن آلاف المصانع تركز حاليا على الصناعات التحويلية، وكذلك التحول من الاعتماد على النفط إلى تنويع مصادر الدخل سواء عن طريق الصناعة أو التجارة أو الزراعة والمقاولات، موضحا أن أسعار البترول تبلغ حاليا الـ 61 دولارا أمريكيا للبرميل، وهذا السعر ليس محفزا ولكنه مطمئن إلى حد ما بالنسبة للممكلة وبعيد عن مرحلة الخطر العظمى والتي هي عندما يتراجع السعر إلى 40 دولارا أمريكيا
التنقيب عن الغاز
وأضاف: آن الآوان إلى أن تسعى المملكة إلى التحول من تصدير النفط إلى التنقيب عن الغاز لأنه في حال اكتشافه بشكل واسع سيسد احتياجات الصناعة الوطنية من توليد الطاقة ولا يجعلها تعتمد على مصدر واحد مثل الديزل أو الكهرباء.
وزاد القحطاني: ان المصانع التي ستنجح وستستفيد من تراجع أسعار النفط في المرحلة القادمة هي التي تملك الحس الإبداعي الصناعي الذي يعرف بالتكنولوجيا المتقدمة، وتعتمد على صناعة ( النانو ) وهي المادة الصغيرة التي تشتق منها منتجات كثيرة،وكذلك المصانع التي لها علاقة بالبيئة والطاقة الخضراء البديلة التي تعتمد على الشمس،أما بخصوص الصناعات الأخرى فلن تكون منافسة للأسواق العالمية التي تملك التكنولوجيا المتقدمة، ولكنها ستخدم السوق المحلية.
وحول الأرباح المتوقعة للمصانع الوطنية في نهاية 2015م، أوضح القحطاني أنه لن يكون هناك نموا مثل الذي كان في العام الماضي، لذا فإننا بحاجة إلى ثورة صناعية في مجالات مختلفة ورؤية مستقبلية واضحة، مؤكدا أن 70% من الطاقات الإنتاجية معطلة مثل المصانع التحويلية والحديد، والتي يجب دعمها والاستفادة منها، ففي الفترة الحالية يوجد حاليا تنافس بين مصانع الحديد من خلال الاعتماد على الحديد المعاد تدويره أو الذي يستورد من الخارج بسعر رخيص.
وفي تصريح سابق لوزير البترول والثروة المعدنية علي النعيمي أكد أن المملكة ماضية في إنشاء 3 مصاف نفطية ضخمة في شرق وغرب وجنوب المملكة، منها مصفاة جازان، وتصل الطاقة التكريرية لهذه المصافي إلى 1.2 مليون برميل نفط يومياً. بانتهاء هذه المشاريع ستصل الطاقة التكريرية للمملكة إلى 3 ملايين برميل يومياً، لتصبح المملكة إحدى أكبر خمس دول في العالم في تكرير النفط، وثاني أكبر دولة مصدرة للمنتجات النفطية المكررة بعد الولايات المتحدة، مع استمرارها كأول دولة مصدرة للنفط الخام في العالم، وتضخ البلاد حاليا نحو 9.7 مليون برميل يوميا، تصدّر منها نحو 6.9 مليون برميل يوميا.
العديد من المشروعات تم تأجيلها لحين استقرار الأسواق العالمية