أكد الدكتور إبراهيم المهنا مستشار وزير البترول والثروة المعدنية، أن أكثر التعقيدات التي يجابهها المستقبل من حيث أسعار سوق النفط تتمثل في تعدد الآراء الشخصية، المليئة بالأمنيات، فضلا عن الشائعات التي تنتشر سريعا, خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال : "خلال القرن العشرين توسع استخدام البترول سنة بعد أخرى، وكذلك الاهتمام الإعلامي به، إلا أن هذا الاهتمام يكبر مع الأزمات مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، والأزمات في مناطق الإنتاج التي من أهمها الثورة الإيرانية عام 1953 وتأميم البترول من قبل حكومة محمد مصدق، وتأميم قناة السويس من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1967 وتوقف خط التابلاين للبترول من الخليج إلى لبنان وإقفال قناة السويس. مبينا أن أكبر تطور سياسي بترولي إعلامي منذ الحرب العالمية الثانية حدث في عام 1973، مع الحرب العربية الإسرائيلية وقيام بعض الدول العربية المنتجة للبترول بمقاطعة الدول المساندة لإسرائيل بشكل مباشر وارتفاع أسعار البترول من ثلاثة دولارات إلى أربعة عشر دولاراً ما رفع أهمية البترول من قبل المواطنين في الدول الغربية المستهلكة، وفي الدول المنتجة.
وأضاف الدكتور المهنا في الورقة - التي ألقاها صباح أمس - في ملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بفندق الانتركونتننتال بعنوان "البترول والإعلام والخليج : نظرة عامة" إلا أن التحول الكبير الثاني في الإعلام البترولي، والعلاقة بين الجانبين حدث في أوائل الثمانينات. فبالإضافة إلى الأحداث السياسية العسكرية التي أثرت على تصدير البترول مثل الثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وتذبذب أسعار البترول بشكل حاد من 40 دولاراً في عام 1980 إلى عشرة دولارات في عام 1985، إلا أن الأهم من هذا ظهور السوق المستقبلية للبترول الخام ومشتقاته في نيويورك، وهذا يعني تحول جزء كبير من المبيعات والمشتريات البترولية (حوالي 70 بالمائة حالياً) من بيع وشراء براميل بترول حقيقية إلى عقود آجلة على الورق مع دخول عدد كبير من اللاعبين غير التقليديين في أسواق البترول وهذا يشمل البنوك والمستثمرين والمضاربين من شركات وأفراد وشركات غير بترولية مثل شركات الطيران بهدف أخذ الحيطة.
ولفت الدكتور المهنا الى أن السوق المستقبلية تعنى بالبيع والشراء آجلاً عن طريق الشاشة أو الوسطاء داخل سوق المبادلات في نيويورك ويتم هذا في الدقيقة والثانية. ومن هنا تزايدت أهمية الإعلام بوسائله المختلفة وسرعة توصيله للخبر واختلطت وسائل الإعلام البترولي ببعضها البعض بحيث أصبح بعض النشرات البترولية ومراكز الأبحاث تتصرف كأنها وكالات أنباء تنقل الخبر والمعلومة بسرعة. وقد أسهم في هذا التغيرات، إضافة إلى تطورات السوق وتطور وسائل الاتصالات ابتداء من ظهور الفاكس إلى شبكة الانترنت والهاتف الذكي. كما قامت وكالات الأنباء العالمية بإنشاء أقسام خاصة بالبترول والطاقة، وصحفيين ومراسلين متفرغين لهذا الجانب، وأصبح الهدف الرئيس لدى البعض هو سرعة الخبر وليس بالضرورة دقته. كما زاد الاهتمام من قبل العاملين في السوق الشائعات ونظريات المؤامرة ومدعي معرفة خبايا سياسة هذا البلد البترولي أو ذاك.وبين ان ما زاد الأمر تعقيداً، وأعطى الإعلام خلال هذا العقد، والعقد الماضي، أهمية أكثر، ثلاثة تطورات، مهمة الترابط العالمي الكبير بين المراكز التجارية والمالية. فالسوق المالية العالمية تبدأ يومها من طوكيو ( بالنسبة للبترول من سنغافورة ) التي تضع الاتجاهات الأولية العالمية، بناءً على إغلاق سوق نيويورك في اليوم السابق وأي مستجدات مهمة بين فترة إغلاق تلك وافتتاح هذه، ويستمر نفس الاتجاه غالباً في أسواق آسيا.وأكد الدكتور المهنا ان وكالات الأنباء العالمية تعتبر الأكثر أهمية في الشأن البترولي حالياً، من حيث التأثير على السوق ومن حيث الانتشـار عالمياً، ثم يأتي الإعلام البترولي المتخصص، وبعد ذلك القنوات التلفزيونية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، تأتي بعدها الصحف والمجلات الاقتصادية وهي جميعاً تهتم بقضايا البترول والطاقة، وإن كانت بدرجات متفاوتة، وأخيراً الشركات الاستشارية البترولية، التي تجمع بين التحليل والدراسة، والاستشارة ونقل الخبر، وحتى الإشاعة.
وأبان أن الإعلام - فيما يخص الشأن البترولي، كما هو في أغلب الشؤون الأخرى - يركز على الإثارة، وجلب انتباه القارئ والمستمع والعاملين في السوق البترولية، وبالذات المستقبلية، ويبحثون عن الحقيقة والتوقعات. كما أنهم يبحثون عن الشائعات والأفكار والإثارة التي قد ترفع السعر أو تخفضه، ولعل الأسوأ من ذلك، أن بعض المسئولين، والخبراء، والصحفيين، والمحللين، والكتاب، يستخدمون الإثارة، والمبالغة، والحديث عن نظريات المؤامرة، لجلب الاهتمام، ومن أجل أن تتناقل وسائل الإعلام أقوالهم. وما زاد الأمر تعقيداً دخول وسائل التواصل الاجتماعي في الصورة، وأغلب وسائلها مبنية إما على الآراء الشخصية، أو الشائعات، والأمنيات، أو أنها نقل مبكر لخبر لم ينشر، ولم يتم التحقق منه بطرق رسمية من حيث نوعيته وأسبابه وتطوراته. وكما هو معروف، فإن دول المجلس لديها 40 بالمائة من إجمالي الاحتياطي العالمي، و20 بالمائة من الإنتاج العالمي، وتتحكم في حوالي 35 بالمائة من إجمالي التجارة العالمية في البترول.وفي شأن متصل، أكد أستاذ الإعلام المساعد رئيس قسم الإعلام في جامعة قطر الدكتور ربيعة الكواري أن الملتقيات والمؤتمرات النقاشية الهادفة تقدم الكثير من الحلول والرؤى العلمية التي تسعى من أجل تنوير الدول والشعوب بأهمية وسائل الاعلام بأنواعها المختلفة.
ولفت الدكتور الكواري - خلال الجلسة الثالثة لملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت بعنوان "دور المؤتمرات والندوات البترولية في تعزيز الثقافة البترولية" - الى ما تلعبه الملتقيات والمؤتمرات من دور ريادي في توجيه المجتمع وأصحاب القرار من أجل رسم الصورة الحقيقية التي يجب أن تكون عليها الصورة الحقيقية لمسألة النفط أو صناعة البترول، وما يجب أن يكون عليه تعزيز الثقافة البترولية، خاصة داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
ابراهيم المهنا مستشار وزير البترول