42 رحلة عمل سريعة بين الرياض وواشنطن قام بها سفير المملكة لدى الولايات المتحدة عادل الجبير خلال 2014 م ؛ فهذه الكثافة في التواصل بين البلدين تعني أن هناك حجما كبيرا من التنسيق وجهودا استثنائية تبذل لتطوير العلاقات التاريخية بين المملكة والولايات المتحدة والتي بدأت كبيرة وتطمح للمزيد من التطوير والتواصل لمواجهة التحديات والظروف والمستجدات بما يخدم الشعبين.
السفير عادل الجبير شخصية غير متكلفة يجيد مخاطبة الذهنية الأمريكية بذكاء فقد كان ذلك واضحاً وهو يتجشم عناء الاتصال بالعائلة الأمريكية التي تستضيف ابنتي رزان في ولاية نورث كارولينا ضمن برنامج التبادل الثقافي لدراسة السنة النهائية من المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة ليشكر العائلة ويقدم لهم الدعوة لزيارة المملكة، ما يؤكد أن الرجل رغم حمل العلاقات الثقيل بين البلدين يهتم بكل صغيرة وكبيرة تهم السعوديين هنا، كما أنه يحظى بشعبية واسعة في الأوساط الأمريكية، للمكانة التي تمثلها بلادنا وربما للأحداث الحالية في الشرق الأوسط وانطلاق " عاصفة الحزم " حيث كانت التصريحات المميزة في المؤتمر الصحفي الذي أعقب انطلاقة الحملة وخاطب فيه الشعب الأمريكي ووسائل الإعلام العالمية بلغة رزينة بينت أهداف الحملة والضرر الكبير من إهمال الوضع في اليمن ؛ فقد لاقت تصريحاته قبولاً وتأثيراً في الوسط الأمريكي والعالمي . « اليوم» التقت السفير الجبير في الحوار التالي:
تبدو عليكم علامات الرضا بعد أيام من انطلاق "عاصفة الحزم" لإعادة الاستقرار في اليمن ؟
- هو كذلك فالعمليات العسكرية تسير وفق ما هو مخطط له وتحقق أهدافها بنجاح لحماية اليمن الشقيق والعمل على استقرار الأمن وبسط الشرعية هناك، وفق مواد الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية .
تحدثتم عن رغبة عدد من الدول الانضمام لهذا التحالف الذي تقوده المملكة ؟
- نعم فهذا التحالف يستند إلى مسوغات دولية ويهدف لمعالجة وضع استثنائي وغريب في اليمن الشقيق حدث فيه اعتداء على الشرعية وخرق فاضح للمعاهدة الخليجية، ما شكل خطورة على اليمن وعلى جيرانه ؛ فما تملكه الميليشات الحوثية من أسلحة يهدد أمن المنطقة، ولا يمكن السكوت عنه بأي حال ؛ كما أن شرعية موقف التحالف وقانونيته وأهدافه ولمكانة المملكة إقليمياً وعالمياً وقيادتها لهذا التحالف، فهناك العديد من الدول ترغب في المشاركة والمساهمة .
وماذا عن الموقف الأمريكي ؟
- البيت الأبيض يتفهم بقدر كبير ظروف المنطقة، وقد سمعنا البيان المؤيد والداعم للحملة السعودية وبالطبع هذا الموقف مبني على عمق للعلاقات السعودية الأمريكية؛ فالمملكة تحظى بتقدير واحترام كبير هنا والشعب الأمريكي حقيقة كان قلقاً على الوضع سوى أن مبادرة المملكة وتوليها زمام الأمور والمواجهة وصياغة التحالف بهذه السرعة والتفوق جعل العالم يقدر للمملكة هذه الجهود ويتعاطف معها بقدر كبير فهي في النهاية محاربة للإرهاب وفكر التطرف والتوسع.
تزامناً مع الحدث " عاصفة الحزم " تستعرض الصحافة الأمريكية تاريخ العلاقة السعودية الأمريكية ؛ كيف تقرأ هذا المشهد ؟
- العلاقات السعودية الأمريكية تاريخية وفيها حجم كبير للاحترام المتبادل وهناك مصالح متبادلة في العديد من مجالات التعاون ويكفي للدلالة على ذلك أن أقول لك: إن عدد الطلبة المبتعثين هنا يفوق 85 ألف طالب، ويصل العدد مع أسرهم ومرافقيهم إلى 122 ألف مواطن، كما أن حجم التجارة البينية بلغ خلال العام المنصرم ما يفوق 80 بليون دولار في مختلف مجالات التنمية والتطوير، هذا خلاف عقود شركة ارامكو السعودية ومشاريعها ؛ فهناك تنام في حجم وطبيعة العلاقات ونلمس مدى الترحيب بالمواطن السعودي هنا، حيث أصبح بالإمكان الحصول على تأشيرة الدخول للولايات المتحدة في زمن قياسي. ويمكن الحصول على التأشيرة لمدة 5 سنوات، كذلك لم نعد نشاهد أيا من صور الإزعاج للقادمين إلى هناك، كالتوقيف في المطارات للتفتيش ولمدد طويلة، فنحن يهمنا احترام المواطن وتقديره، وبذلنا لذلك جهدا كبيرا حسب توجيهات حكومتنا، وهو ما نشاهده الآن وتبرزه الصحافة الأمريكية. وماذا عن المشاكل التي تواجه السعوديين هنا ؟
- عليك أن تعرف أن هذا الحجم من الرعايا البالغ أكثر من 125 ألف طالب وطالبة إضافة إلى السياح وزيارات العلاج والعمل هو من أقل الوافدين مشاكل في الولايات المتحدة، فمع هذا العدد هناك فقط 11 حالة لمواطنين يواجهون مشاكل وأحكاما قضائية تستوجب الحبس وغالبها قضايا قانونية فالشعب السعودي منضبط في علاقاته وسلوكه، كما أن طلبتنا الآن جميعهم محل التقدير في جامعاتهم ويقدمون أبحاثا ودراسات منوعة تحمل إضافات علمية مميزة بل أن عدد الأطباء الدارسين الآن يناهز 1500 طبيب وطبيبة في مختلف التخصصات ونلمس رغبة من المستشفيات والمراكز الطبية الأمريكية في استقطاب المزيد لقضاء سنوات الامتياز والزمالة في المستشفيات الأمريكية لما يحققه الطبيب السعودي هنا من تفوق .
يثار حديث عن توقف الابتعاث فهل هناك توجه نحو ذلك؟
- لا أبدا فتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، تؤكد على الاهتمام بالمبتعثين وتحسين البرنامج وتطويره خلال السنوات المحددة له، والتي ستستمر بإذن الله، حتى العام 2022م وقد يكون في ذلك التاريخ ما يخدم الفكرة أيضاً .
نعود للحديث عن اليمن ؛ فمتى تتوقعون انتهاء عاصفة الحزم ؟
- العمليات العسكرية التي تنفذها دول التحالف بقيادة المملكة في اليمن مستمرة، ولن يطول أمدها، فهناك أهداف محددة وسيصار إلى العملية السياسية بعد ذلك لتحقيق الشرعية في البلد الشقيق وضمان أمنه واستقراره وتنميته .
للسفارة السعودية جهود إعلامية واسعة للتواصل مع الشعب الأمريكي، وخلق صورة ذهنية طبيعية عند العامة عن المملكة، فماذا عن ذلك ؟
- هذا واجب عملي تقوم به السفارة تجاه بلادنا فكل ما نقوم به هو نقل للواقع والصورة المشرفة التي تتمتع بها المملكة، ونتواصل مع كافة وسائل الإعلام، ونرصد غالباً ما يكتب أو يقال عن المملكة في الصحافة الأمريكية وفي وسائل التواصل الاجتماعي، كمتابعة لقياس الرأي كما نستضيف هنا في السفارة وبشكل مستمر طلبة المدارس والجامعات لتعريفهم بالمملكة وجهودها ومستويات التنمية فيها. وبالمناسبة فقد زار السفارة العام الماضي قرابة 15 ألف زائر .
السفير الجبير يتحدث لـ « اليوم »