أديبة وناقدة سعودية، صدر لها عدة إصدارات منها: "أثر البداوة على المسرح في السعودية"، "أثر الهوية الإسلامية على المسرح في السعودية، الجزء الأول (عادات وتقاليد) السعودية"، وستة مجلدات يضم كل مجلد مجموعة من المسرحيات لتصل في مجملها إلى خمس وثلاثين مسرحية جميعها من إصدار الهيئة العامة للكتاب، ومسرحية "أم الفاس"، بالإضافة للدراسات: "إبداع الجزر المنعزلة" دراسة في إبداع المرأة فى المسرح فى الجزيرة العربية) الصادر عن الإمارات العربية، و"مسرح المرأة بين الأساس القبلي والتحديث"، و"كرسي المسرح السعودي" إصدار جامعة الملك سعود، وكتب اخرى عديدة صدرت عن الشارقة والقاهرة كما صدر لها موسوعة النقد في ثلاثة مجلدات، وكتب منها (حكايات ليلة الزفاف) عن دار الفكر العربي، (العازفة )، (سر الطلسم) وكلاهما مترجم باللغتين العربية والإنجليزية، ومسرحيات أحدثت ضجة وهي (حينما تموت الثعالب) وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة العربية السعودية، (انطلوجيا المسرح السعودي) (داعية السلام) وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة العربية السعودية، ومسرحيات أخرى. ولديها الآن أربعة إصدرات تحت الطباعة هي: (أنشودة السحاب) ملحمة شعرية، موسوعة من الجزيرة العربية (عبقرية المكان والزمان)، المسرح السعودي (مسرح الرجل، ومسرح المرأة)، من الذكرى (سيرة شعبية). وكان "للجسر الثقافي" هذا اللقاء مع عميدة المسرح السعودي الدكتورة ملحة عبدالله: المسرح السعودي.. أين هو من المسرح العربي؟
في الحقيقة أنا ضد مقارنة مسرح بمسرح أو مدرسة بمدرسة، فالمسرح هو المسرح واحد ودون تأطير. وإذا تناولنا مسرحا في حقبة من الحقب أو بلد من البلدان فإننا نتناول خصائصه التي يتفرد بها كنوع من اتساع الرؤى في المسرح وكإضاءة على التوجهات والاتجاهات. فإذا ما تناولنا المسرح لدى الرومان نبحث عن تلامسه مع المسرح لدى اليونان ثم عصر النهضة أو الحديث وهكذا. إنما هناك عملية الأواني المستطرقة تتم في أوصال المسرح في العالم كله، وهذا ما نلحظه في المسرح السعودي أو المصري أو أي مسرح.المسرح السعودي تأثر بطبيعة الحال بالمسرح العربي والعالمي وتحديث صوره في العالم بدون شك، وليس معنى أنه في السعودية يكون منكفأ على ذاته، وإنما يتناغم مع المسرح بكل ما يطرأ عليه من نظرات ونظريات حتى وإن كانت مجرد محاولات، هذا من ناحية الشكل، ومن ناحية الروافد، أما من ناحية المضامين فبطبيعة الحال له مضامينه التي تتلامس مع الواقع، فإذا لم يتلامس العرض المسرحي مع واقعه كان هناك خلل في التناول وفي الرؤية.
المسرح في السعودية مسرح اجتماعي في أغلب تناولاته، أما حين يلعب المسرح سياسة فيلجأ دائما إلى التضمين، والعلامة، بشكل سيميائي، وعلى سبيل المثال مسرحية "المزبلة" التي شاركت في المهرجان التجريبي في القاهرة نالت تقديرا كبيرا من النقاد والمشاهدين. وأعتقد أن هناك نقطة للتلامس والاختلاف مع المسرح في الوطن العربي؛ لأن المسرح في الوطن العربي يلعب دورا سياسيا كبيرا وواضحا، وبدون تضمين أو رمز.
الشخصية الدرامية
ما هي أبعاد الشخصية الدرامية في المسرح السعودي؟
هناك خاصية يتميز بها المسرح في السعودية وهو تكوين الشخصية، فالشخصية الدرامية في المسرحيات السعودية غير منحوتة، وحينما قمت بالدراسة والتحليل للشخصية الدرامية في المسرح في السعودية وجدت هذا الشكل المسطح للخاصية التي تقترب من النمط، وهذا يرجع إلى التكوين العقائدي لدى المجتمع السعودي، فالنحت غير محبب للطبيعة العقائدية، ولكن بالرغم من ذلك توجد جاليات أخرى تضفي على الشخصية نوعا من المتعة وهو إما السرد وإما استخدام الموروث الشعبي. وبالتالي نجد ان المسرح في السعودية يحمل خصائص ورؤى فلا يجب أن نهمله أو نقيسه على حسب التدفق على نافذة شباك التذاكر.
والمسرح في السعودية له تاريخ بحسب تاريخ الفن، لكن الإعلام المحلي والعربي ظلمه إلى أبعد حد وهذه مشكلته، فأي مشروع ثقافي في زماننا هذا لا بد أن يحظى بـأمرين هامين هما: (التسويق، والإعلام) وهو ما لا يفعله المسرح في السعودية.
ما هي أذاً المعوقات التي تعترض مسيرة المسرح السعودي؟
لا يوجد أي معوقات في سبيل الإبداع؛ لأن الإبداع كالماء لا بد أن يقض الحجر. هو مولود لا بد له أن يولد، لكن المعوق الحقيقي إذا وجد فهو عدم وجود أكاديمية، لأن المسرح علم من العلوم، في تقنياته، وخاصة تقنية الكتابة والخشبة والممثل والديكور والحركة، كل شيء في المسرح مبني على العلم ثم الموهبة، لنرى الخدع على سبيل المثال وكيف نجعل الممثلين يطيرون في الهواء، لك أن تتخيلي أنها تتم بمرآة مائلة فقط. فالخدع أيضا علم، والمسرح الحديث يستوجب الإبهار، في كل الدول المتقدمة في المسرح جامعة للمسرح، إلا في السعودية وهنا الخلل.
كما أن الاعلام يلعب دورا كبيرا في عصرنا هذا.
أين المرأة في المسرح السعودي من حيث الكاتبات أو الأدوار التي تجسدها على المسرح؟
حتى هذه الآونة لا يوجد كاتبات محترفات بمعنى الاحتراف في المسرح السعودي بالرغم من وجود محاولات تربو على خمسين نصا، من هذه المحاولات لكاتبات أخريات، إلا أنها جميعها وقد قمت بتحليلها، لا توجد بها تقنية الكتابة المسرحية، والكتابة المسرحية تحتاج إلى ما يسمى بـ(علم فن الكتابة)، وهو يلتقي مع القصة في محاور إلا أنه يختلف في محاور كثيرة. وهذا ما ينقص المرأة الكاتبة في المسرح السعودي؛ لأن المسرح حضور وخاصية (هنا، والآن) تحتاج إلى إتقان في التقنية الكتابية، بالرغم من وجود ما يربو على خمس دراسات ماجستير ودكتوراة في المسرح أو أكثر، إلا أنها جميعها في الأدب المسرحي وليست في علوم المسرح وفنونه وتقنياته وحرفيته. وأعتقد أنه في ظل عدم وجود أكاديمية تعلم هذا فلا فائدة من الورش والتدريب؛ لأن دراسة المسرح شيء كبير لا يختصر في ورشة من عدة أيام أو حتى أشهر، ولو أنني لم أتخصص في دراسة المسرح دراسة أكاديمية لما أنتجت مسرحا بفضل الله وصل للعالمية وترجم لعدة لغات، فالموهبة بمفردها لا تكفي. قد تعارضيني وتقولين رواد مسرح كبار لم يدرسوا المسرح، فأجيبك بأنهم نشأوا بين ردهاته، فشكسبير كان عامل اسطبل في المسرح، فقضى حياته بين ردهاته فعشقه، وعشق المسرح هو ما يخلق جنينا في الأحشاء حتى ينتج كل يوم مولودا.
وماذا عن التمثيل..؟
أما من ناحية التمثيل: فهناك مسرح نسائي ولد في الستينات وخفت ثم نشط في الآونة الأخيرة بحسب الفرق المسرحية الشبابية التي ظهرت في مدن المملكة، وقد قمت بالتأريخ له في دراسة نشرت في كتاب «كرسي المسرح السعودي» لكي نحفظ لهؤلاء المبدعات حقوقهن التاريخية حسب الظهور.
ومسرح المرأة في السعودية يجد إقبالا كبيرا ويجب أن أنوه إلى شيء هام وهو الفرق بين مسرح المرأة في السعودية، ومسرح المرأة السعودية؛ لأن هناك فرقا مسرحية نسائية غير سعودية وتُنسب للمسرح النسائي السعودي، وهذا خلط يضر بتاريخ الفن في المسرح السعودي فيما بعد. والإقبال على المسرح النسائي كبير، وعلى فكرة الرعيل الأول في المسرح السعودي كانوا أكثر فهما للمسرح، لكن تأثير المسرح التجريبي على المسرح السعودي كان سيئا؛ لأن المسرحي نفسه لم ينضج بعد في المسرح التقليدي، وبالتالي فلا يجرب إلا عالم إذا ما اتبع مصطلح التجريب!
أين الكاتبات السعوديات من المحافل الدولية؟ لا يوجد كاتبات مسرحيات سعوديات كما ذكرت لك، أما الكاتبات بالمعنى العام، فكل إناء ينضح بما فيه، و(المنخل) الثقافي العالمي والعربي موجود فكل إبداع جدير بالصعود للعالمية أو العربية يقود صاحبته إلى هناك، وعلى سبيل المثال الكاتبة رجاء عالم والتي حصلت على جائزة البوكر في الرواية أعتقد أن إبداعها هو الذي وصل قبلها ثم أخذ بيدها لتلك المحافل. فالإبداع الجيد مثل الشمس لا تستطيعين إخفاءه وبالتالي صاحبته.
هل شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة المبدعات؟ أم تسببت في ظهور أنصاف الأدباء؟
نعم ساهمت ولكن بقدر الكم على حساب الكيف، كما أنها تضييع وقت للمبدعة الحقة، وقد ساعدت في ظهور بعض الطفح الثقافي مما لا شك فيه. إلا أنه سرعان ما يختفي! فالمبدعة الحقة لا تعلن عن نفسها أبداً، وإنما إبداعها هو من يعلن عنها، وهو من يحضرها للمشهد الثقافي أينما كانت. فما زلنا نذكر سارة العقاد أو (أليس داغر) التي عاشت في زمن لا يوجد فيه شبكات ولا تقنية، وها هي تعيش بيننا حتى هذه الآونة، وبالتالي فالإبداع هو الباقي، ولتذهب شبكات التواصل بغثائها إلى الجحيم، وأنا على وجه الخصوص لم استفد منها على الإطلاق.
بعد مشاركتك في العديد من الصالونات الثقافية.. ما دور الصالونات الثقافية في مصر أو السعودية في اكتشاف المواهب الأدبية؟ وماذا أضافت لكبار الأدباء؟
بطبيعة الحال هي رافد من الروافد، ولكن يجب حسن إدارتها، فهي بالنسبة لي أكثر فائدة من شبكات التواصل؛ لأنها تسقط الأقنعة، وتكشف عن الحقائق (كل إناء ينضح بما فيه). أما في اكتشاف المواهب فلا أعتقد أنها تكشف ولكنها تثري الثقافة وتعمل على تلاقح الأفكار إذا ما كانت تحت إدارة جيدة وروادها من كبار المثقفين، حيث إنها تعمل على جسر التواصل الثقافي وتعمل كعمل الأوان المستطرقة.
بعد حصد العديد من الجوائز؟ ومؤخرا تكريم في يوم المرأة العالمي.. ما هي خطتك المستقبلية للنهوض بالمرأة السعودية فكريا؟
لست أنا من أضع الخطة، وإنما يجب على المرأة المبدعة أن تضع خطة مشروعها بيدها، فلا يحسن إدارة أمورها غيرها، يجب على المرأة المبدعة أن تضع هدفها أمامها، ثم تتناساه، وتضع أهدافا متتالية بينها وبين نهايتها ذلك الهدف الأكبر، ثم تبدأ في إنجازها هدفا هدفا لتصل إلى مبتغاها، وبذلك لا يمكن أن يتسرب الإحباط إلى مشروعها، وقطعا ستنجح.
المرأة لا يمكن أن تنجح بالوكالة (الرجل) ما لم تكن هي صانعة النجاح، والنجاح كالشمس، لا ينحجب أبدا. ونحن نعلم نساء كثيرات نجحن بواسطة الرجال ولكن سرعان ما يتبدد الأمر!
أما مسألة الذكورية وما إلى ذلك فهو وهم نداري به إخفاقنا، فجميلة بوحريد حررت الجزائر وخلفها رجال لم يفعلوا ما فعلته وهي امرأة، فأين السلطة الذكورية حينها؟!.
ماذا عن مؤلفاتك المسرحية التي في طور الإعداد لتقديمها على المسرح السعودي قريبا؟ تم بحمد الله عرض ثلاث مسرحيات من تأليفي وهي مسرحية "حالة اختبار" ومسرحية "المتاهة" ومسرحية "ابن الجبل"، و"ابن الجبل" هي أولى المسرحيات التي يقدمها طفل للكبار من نوع المونودراما، وحققت نجاحا ملحوظا؛ كونها تجربة عالمية، أما مسرحية "المتاهة" فقد حصلت على جائزة أحسن نص في مهرجان الشمال للكوميديا، أما القادم فهو في علم الغيب لن أتحدث عنه حتى ينجز تماما ويظهر للوجود.
من مؤلفات د. ملحة
مشهد من مسرحية حالة اختبار
د. ملحة عبد الله في تكريم سابق