اعترف بشار الاسد بالهزيمة التي مني بها جيشه وحلفاؤه في شمال سوريا وجنوبها، وفي ظهور علني نادر له في دمشق اعتبر الاسد ان خسارة معركة في الحرب لا تعني الهزيمة. في وقت اتهمته منظمة العفو بارتكاب «جرائم ضد الانسانية» في حلب.
وفي الميدان سقط 16 قتيلا من الامن الكردي في هجوم انتحاري لتنظيم داعش. فيما نجح مقاتلو المعارضة على رأسهم جبهة النصرة في طرد «جيش الجهاد» المؤيد لداعش من معبر القنيطرة.
وقال الاسد خلال زيارة الى مدرسة لمناسبة «عيد الشهداء»: «نحن اليوم نخوض حربا لا معركة»، مضيفا «نحن نتحدث ليس عن عشرات ولا مئات بل نتحدث عن آلاف المعارك ومن الطبيعي في هذا النوع من المعارك والظروف (...) وطبيعة كل المعارك ان تكون عملية كر وفر ربح وخسارة صعود وهبوط كل شيء فيها يتبدل ما عدا شيء وحيد هو الايمان بالمقاتل وإيمان المقاتل بحتمية الانتصار».
ويعتبر هذا التصريح اول اقرار ضمني له بسلسلة الخسائر التي تعرضت لها قواته خلال الاسابيع الاخيرة.
وكان مقاتلو المعارضة السورية قد سيطروا الشهر الماضي على بلدة جسر الشغور الواقعة بمحافظة إدلب ليقتربوا بذلك من محافظة اللاذقية السورية التي يسيطر عليها النظام. وقال الأسد إن جيشه سيتوجه إلى بلدة جسر الشغور التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة لمساعدة جنود محاصرين على مشارفها.
جرائم ضد الانسانية
واعترافا منها بجرائم الأسد ضد الشعب السوري اتهمت منظمة العفو الدولية نظامه بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» في حلب بقصفه هذه المدينة بشكل عشوائي.
وقالت المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان في تقرير جديد ان الغارات الجوية المتواصلة التي يشنها سلاح جو النظام السوري على العاصمة الاقتصادية السابقة للبلاد اجبرت السكان على «العيش تحت الارض».
ودانت المنظمة الحقوقية «جرائم الحرب المروعة وتجاوزات اخرى ترتكبها يوميا في المدينة القوات الحكومية وفصائل المعارضة».
وأكد التقرير ان «بعض أفعال الحكومة في حلب يرقى الى جرائم ضد الانسانية».
وانتقدت المنظمة في تقريرها خصوصا استخدام قوات النظام في غاراتها الجوية البراميل المتفجرة، السلاح الذي تقول منظمات الدفاع عن حقوق الانسان انه ذو فعالية تدميرية هائلة ويقتل بطريقة عشوائية.
وقال مدير برنامج منظمة العفو الدولية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا فيليب لوثر الثلاثاء انه «باستهدافها المدنيين بشكل متعمد ومتواصل، انتهجت الحكومة على ما يبدو سياسة عقاب جماعي عديمة الشفقة ضد السكان المدنيين في حلب».
وينفي الاسد باستمرار ان تكون قواته تستخدم البراميل المتفجرة وذلك خلافا لما يؤكده ناشطون ومنظمات حقوقية ودول غربية.
وأكدت منظمة العفو ان استخدام البراميل المتفجرة ينجم عنه «ترويع هائل ومعاناة لا تحتمل».
وأسفرت البراميل المتفجرة التي ألقاها النظام على محافظة حلب عن مقتل ثلاثة آلاف مدني في 2014 بحسب تقرير المنظمة.
كما أورد التقرير ادلة ووثائق على حصول «عمليات تعذيب واسعة النطاق واعتقالات تعسفية وعمليات خطف تقوم بها الحكومة كما مجموعات المعارضة المسلحة».
وبحسب منظمة العفو فإن العديد من المستشفيات والمدارس اضطرت بسبب عمليات القصف هذه الى نقل مراكزها الى ملاجئ او تحصينات تحت الارض.
وأعربت منظمة العفو عن اسفها لعدم قدرة المجتمع الدولي على معاقبة مرتكبي التجاوزات والانتهاكات في سوريا، مؤكدة انه بهذه «اللامبالاة» انما يشجع الإفلات من العقاب. وقال فيليب لوثر في التقرير ان استمرار المجتمع الدولي في الوقوف موقف المتفرج مما يجري في سوريا «يرى فيه مرتبكو جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية اشارة الى ان بإمكانهم ان يواصلوا ارتهان سكان حلب دون اي خوف من العقاب».
وشدد لوثر على وجوب احالة ملف النزاع في سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية «لكي يساق امام القضاء» أطراف النزاع الدائر منذ اربعة اعوام ونيف في هذا البلد.
هجوم انتحاري
ميدانيا، قتل 16 عنصرا من قوى الامن الكردية في هجوم انتحاري نفذه انتحاريون في تنظيم داعش في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن «دوى انفجار كبير في مدينة الحسكة فجر الاربعاء نجم عن تفجير تنظيم (داعش) عربة مفخخة في مقر لقوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) في ساحة البيطرة في مدينة الحسكة».
وأوضح عبدالرحمن ان عناصر من التنظيم وصلوا الى باحة المقر في ثلاث سيارات رباعية الدفع. وبينما فجر احدهم نفسه في احدى السيارات، ترجل آخرون لم يحدد عددهم من السيارتين الاخريين ودخلوا المقر وهم يطلقون النار.
وقال ان «اشتباكات عنيفة وقعت بين العناصر المهاجمة وعناصر قوات الأسايش التي تمكنت من قتل المهاجمين. وأسفر التفجير والمعارك عن مقتل ما لا يقل عن 16 عنصرا من الأسايش وإصابة آخرين بجروح».
في الوقت نفسه، تساقطت قذائف صاروخية على احياء عدة في المدينة التي تتقاسم السيطرة عليها وحدات حماية الشعب الكردي وقوات النظام، فيما يسيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة في ريف الحسكة.
وأكد التلفزيون الرسمي السوري وقوع «تفجير ارهابي بسيارة مفخخة قرب مبنى البيطرة في حي الناصرة ما ادى الى ارتقاء عدد من الشهداء والجرحى».
ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر في قيادة شرطة الحسكة «إن ارهابيين من داعش استهدفوا بقذائف صاروخية وهاون احياء في مدينة الحسكة ما أدى الى مقتل ثلاثة اشخاص واصابة اربعة آخرين بجروح».
معارك الجنوب
وفي محافظة القنيطرة (جنوب)، نجح مقاتلو المعارضة على رأسهم جبهة النصرة في طرد «جيش الجهاد» المؤيد لتنظيم داعش من كل المنطقة المحيطة بمعبر القنيطرة بعد تسعة ايام من المعارك.
ووثق المرصد مقتل 78 مقاتلاً على الأقل من الطرفين منذ بداية المعركة. والقتلى هم 46 من جبهة النصرة وفصائل مقاتلة ابرزها جيش الإسلام وحركة أحرار الشام الإسلامية وألوية الفرقان وفرقة فلوجة حوران وجيش اليرموك، و32 من جيش الجهاد.
وأشار الى انتهاء المعارك «بسيطرة تحالف جبهة النصرة والفصائل على منطقة القحطانية ومقار جيش الجهاد في ريف القنيطرة، مشيرا الى استمرار مطاردة بعض العناصر المنسحبين من «جيش الجهاد»».
وكانت الاشتباكات اندلعت في 27 ابريل اثر كمين نصبه «جيش الجهاد» لمقاتلين في الطرف الآخر تسبب بمقتل ستة منهم. وكشف هذا الحادث، بحسب ما يقول ناشطون، تأييد «جيش الجهاد» لتنظيم داعش.
وقبل تشكيل «جيش الجهاد» قبل اسابيع قليلة، كانت المجموعات المنضوية في اطاره تقاتل الى جانب النصرة ومقاتلي المعارضة في منطقة القنيطرة الحدودية مع الجزء المحتل من اسرائيل في هضبة الجولان والتي طردت منها قوات النظام. في ريف دمشق، استعاد مقاتلو المعارضة وبينهم «جيش الاسلام» السيطرة على المواقع التي كانت تقدمت اليها قوات النظام في الثالث من مايو في بلدة ميدعا الواقعة شمال شرق دمشق، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ومصدر ميداني سوري. وسعت قوات النظام عبر هجومها على ميدعا الى تضييق الخناق على المعارضة المسلحة في منطقة الغوطة الشرقية وذلك بقطع احد آخر طرق الامداد اليها.
وتحاصر القوات النظام الغوطة الشرقية منذ اكثر من سنتين. وتعاني المنطقة من نقص فادح في المواد الطبية والغذائية ما تسبب بعشرات الوفيات.
وقتل اكثر من 220 الف شخص في سوريا الغارقة في نزاع دام اندلع في مارس 2011 على شكل حركة احتجاجية سلمية تحولت الى ثورة شعبية واجهها النظام بالحديد والنار.