بين مؤشر البنك الأهلى التجاري لعقود الإنشاءات أن السوق لا يزال يعيش وسط انتعاش مستدام في عقود الإنشاء التي تمت ترسيتها في الربع الأول للعام الحالي، بعد انخفاضها في الربع الثالث من عام ٢٠١٤. وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط، وبالتالي الإيرادات النفطية، فإن وتيرة المشاريع التي تتم ترسيتها مستمرة، حيث ارتفع مؤشر قطاع الإنشاء إلى أعلى مستوى له في شهر فبراير عند 3٠٠.٨ نقطة، وليستقر بعدها عند ٢٩٠.٨ نقطة بنهاية الربع الأول لعام ٢٠١٥. وكما هو الحال في العام الماضي، تباطأت وتيرة بعض عقود الإنشاء التي تمت ترسيتها في بعض القطاعات للربع الأول من عام ٢٠١٥، بينما استعادت انتعاشها في القطاعات الأخرى. ففي قطاع الرعاية الصحية، سجلت العقود التي تمت ترسيتها زيادة كبيرة لتصل حصتها إلى ٢٦٪ من إجمالي العقود التي تمت ترسيتها في الربع الأول، ثم يليه قطاع العقار السكني بنسبة ٢٢٪ . ولكن، بلغت نسبة عقود الإنشاء التي تمت ترسيتها في قطاع النفط والغاز ٦٪ فقط في الربع الأول من عام ٢٠١٥. وتجدر الإشارة، بأن تلك المشاريع التي تمت ترسيتها في قطاعي الرعاية الصحية والعقار السكني تُعزى إلى حد كبير للحكومة، وذلك تماشيا مع ميزانية الدولة لعام ٢٠١٥، والتي أكدت على استمرار الإنفاق الرأسمالي».
وحافظت قيمة العقود التي تمت ترسيتها على الزخم الذي استردته خلال الربع الرابع من عام ٢٠١٤، لتبلغ نحو٥٧.3 مليار ريـال في الربع الأول من عام ٢٠١٥، مسجلة هبوطا طفيفا بنسبة ٧٪ عن مستوى الربع السابق من العام الماضي. وكان القطاع الأكبر مساهمة هو قطاع الرعاية الصحية مسجلاً حصة ٢٦٪ من العقود التي تمت ترسيتها (١٥ مليار ريال)، ويليه قطاع العقار السكني (١٢ مليار ريال)، ثم قطاع الصناعة (٦ مليارات ريال) وقفزت قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال شهر يناير إلى 3٠.٤ مليار ريال، مسجلة أعلى قيمة شهرية للعقود خلال الربع الأول من عام ٢٠١٥. وحازت منطقة الرياض على أكبر حصة من قيمة العقود التي تمت ترسيتها، ويعزى ذلك أساسا إلى عقد المدينة الطبية العسكرية بالرياض، وتلتها بفرق كبير منطقة جيزان ثم المنطقة الشرقية.
وتعكس القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها استمرار قوة صناعة الانشاء خلال الربع الأول من عام ٢٠١٥ مسجلة ٥٧.3 مليار ريال، وتبين أنه بوسع المملكة أن تُبقي الإنفاق مقارباً للمستويات السابقة الأخيرة، رغم هبوط أسعار النفط. وعلى نفس وتيرة العام الماضي، واصلت القطاعات المرتبطة بالبنى التحتية الأساسية والاجتماعية معاً النمو خلال الربع الأول من عام ٢٠١٥، مع تراجع في عدد المشاريع الصناعية العملاقة. وأبدت الحكومة إشارة محدودة بتنفيذ خفض في المشاريع الرأسمالية، حيث إن الميزانية المعلنة لعام ٢٠١٥ عكست رغبة الحكومة في أن تحافظ على الإنفاق الرأسمالي رغم ما هو متوقع من تراجع كبير في الإيرادات النفطية. وكان قطاعا التعليم والرعاية الصحية هما القطاعان الأكثر إستفادةً، مشكلان معاً ٤٤٪ من خطة الإنفاق لعام ٢٠١٥.
وبنهاية الربع الأول من عام ٢٠١٥، زاد مؤشر عقود الإنشاء إلى ٢٩٠.٧٨ نقطة، من مستوى ٢3٤.٤٨ نقطة بنهاية عام ٢٠١٤، وإن كان لا يزال أدنى من الذروة المسجلة لنهاية عام ٢٠١3 والتي بلغت ٤٦٥.٠3 نقطة. وأبدى المؤشر أداءً متذبذباً خلال عام ٢٠١٤، ثم عكس توجهه خلال الربع الأول من عام ٢٠١٥. وجاء أداء شهر فبراير القوي إذ ارتفع مؤشر عقود الإنشاء بنسبة ١٧٪ إلى 3٠٠.٨٥ نقطة، مسجلاً أعلى مستوى له خلال الربع الأول من عام ٢٠١٥، ثم استقر عند مستوى ٢٩٠.٧٨ نقطة في شهر مارس. وإن هذا الأداء القوي المتواصل لمؤشر عقود الإنشاء يؤكد نمو حجم المشاريع التي ستدخل مرحلة التنفيذ.
وحازت منطقة الرياض على حصة 33 ٪ من قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الأول من عام ٢٠١٥. وتعود غالبية قيمة مشاريع منطقة الرياض لعقد المدينة الطبية العسكرية الذي تمت ترسيته من قبل وزارة الدفاع في قطاع الرعاية الصحية. وشهدت منطقة جيزان ترسية عقدين كبيرين في قطاع العقار السكني، وعقدين لمصنع تكرير السكر في القطاع الصناعي، وعقد ضخم في قطاع النقل. وبالنسبة للمنطقة الشرقية، أتمت شركة أرامكو السعودية ترسية عقدين كبيرين في قطاع النفط والغاز. أما منطقة مكة المكرمة، فقد شهدت ترسية عقد ضخم بقطاع العقار السكني، كما تم تبني استراتيجية معاكسة للتقلبات الدورية في خطة الإنفاق لعام ٢٠١٥ بالمملكة، بميزانية بلغت ٨٦٠ مليار ريال، تهدف لاستدامة مستوى برامج الاستثمار في البنية التحتية الاجتماعية. وبالارتكاز على الاحتياطيات الخارجية الضخمة والتي بلغت ٧3٦ مليار دولار بنهاية عام ٢٠١٤، تتمتع المملكة بالقدرة على ضمان أن لا يتأثر سلباً مستوى إنفاقها المخطط له. وجاءت أكبر زيادة بالميزانية على أساس سنوي في قطاع الرعاية الصحية والشئون الاجتماعية، والتي قفزت مخصصاتها بمعدل ٤٨٪ في عام ٢٠١٥ لتبلغ ١٦٠ مليار ريال. وهذه الزيادة في الرعاية الصحية تعني أن الإنفاق الرأسمالي سيتواصل، كما يتجلى في القيمة الضخمة للعقد الذي تمت ترسيته للمدينة الطبية العسكرية في الرياض. ومن ناحية أخرى، فإن العدد الأقل للمشاريع التي تمت ترسيتها في قطاع النفط والغاز منذ النصف الثاني من العام الماضي، مثل قرار تجميد إعادة تأهيل مصفاة رأس تنورة بمبلغ 3٫٠ مليار دولار مؤشر على أن هبوط أسعار النفط أجبر المملكة على إعادة ترتيب أولويات إنفاقها الرأسمالي. وإزاء توقع أن تبقى أسعار النفط منخفضة مقارنة مع الأعوام الماضية، فمن المرجح أن تركز شركة أرامكو السعودية على مشاريع إنتاج النفط والغاز عوضاً عن مواصلة الإستثمار في خطط التكرير والبتروكيماويات. وفي إطار إلتزامها بزيادة الطاقة الإنتاجية للغاز، تعتزم شركة أرامكو السعودية ترسية عقد مصنع فاضلي للغاز، وذلك بزيادة قدرة المعالجة به إلى ٥,٢ مليار متر مكعب يوميا، في الربع الثاني من عام ٢٠١٥.