تتميز الأحساء خلال شهر رمضان المبارك من كل عام، بانتشار البسطات الشعبية بكل أرجاء المدينة، احتفالاً بقدوم الشهر المبارك الذي ينتظره الكثيرون من العام إلى العام؛ لكي يتناولوا تلك الأكلات الشعبية ويعيشوا الأجواء الرمضانية المميزة، فيما اختار البعض الأماكن التاريخية البارزة كمكان رافد لتسويق منتجاتهم الشعبية طيلة شهر رمضان، يتهافت عليهم الصغير والكبير والغني والفقير.
ظاهرة شعبية متميزة
وقال (بائع أكلات شعبية) سالم بن خالد الدوسري ذو 38 عاما: اخترت مكاني بجانب قصر خزام الأثري بالهفوف؛ لكونه معلماً أثرياً للجميع ولقربه من منزلي، مضيفاً إن البسطات الرمضانية في محافظة الأحساء، ظاهرة شعبية تتميز بها المحافظة، حيث يعيش الجميع الأجواء الرمضانية التي تتميز بها أحياء الأحساء وحاراتها القديمة التي تواصل العمل منذ الانتهاء من صلاة التراويح حتى ساعات الصباح الأولى.
وأفاد الدوسري أنه يستعد لعمله هذا قبيل دخول شهر رمضان؛ فيقوم بأخذ إجازة من عمله الرسمي بإدارة التعليم بالمحافظة، ومن ثم يبدأ بإعداد موقعه وتركيب بسطته البسيطة التقليدية المكونة من طاولة وصاج وأدوات طبخ وحافظات للكبدة والبليلة، حيث يتم جلبهم من الملاحم والمحال الغذائية المعتمدة ذات الجودة الممتازة للحفاظ على زبائنه ومرتاديه، ويقوم بإعدادها بنفسه، حيث اعتاد على هذا العمل منذ ما يقارب 13 عامًا، مشيراً إلى أنه لا يخجل من الوقوف أمام بسطته ودخله الإضافي خلال رمضان مبيناً أن دخله اليومي يتجاوز 800 ريال.
زحام «الفريرة»
ويقول الشاب مشعل إنه يقوم بتأجير لعبته الشهيرة (الفريرة) أمام قصر خزام التاريخي وبأسعار رمزية، وتشهد إقبالاً كثيفاً من قبل مختلف المراحل العمرية؛ نظراً لاقتران هذه اللعبة الشعبية بشهر رمضان، حيث تجدها في مختلف الأحياء القديمة بمختلف مدن وبلدات الأحساء، وتجد الشباب يقومون بتقسيم أنفسهم إلى فرق ويشتعل التحدي باستمرار اللعب طوال الليل، وعندما ينتهي رمضان يسألني الكثير متى سنلعب مجددا.
وأقترح أن تقوم الشركات برعاية فرق كبيرة من الشباب ودعمهم لزيادة أجواء الحماس والمنافسة وأن يكون للعبة رواج إعلامي كبير، فالعديد من الدول تشتهر بألعاب معينة تتم ممارستها كنوع من أنواع الفلكور الشعبي ويقبل عليها الجميع بمختلف أعمارهم.
أجواء نادرة وخاصة
وبيّن أحد مرتادي البسطات الرمضانية -وسيم المحيبس- أنه في رمضان هناك من يتمسك «بصنعته» وصنعة أجداده، حيث يقدمون الأطعمة الشعبية المميزة، ويحرصون على التواجد والحضور في شهر رمضان على وجه الخصوص، لتقديم تلك الوجبات الشعبية بنكهتها ومذاقها المميز، وبما يضيفون عليه من خلطات يحرص بعضهم على التمسك بها كونها سرية، مبيناً أن هذه البسطات شهدت حضورا لافتا من المواطنين والمقيمين حيث تتمتع بأجواء نادرة وخاصة للغاية، ودأبوا على الحضور لتلك البسطات الرمضانية، والتمتع بتناول الوجبات الساخنة والتي تتمثل في الغالب في الكبدة أو البليلة.
التنظيم والدعم
وطالب المواطن عبدالرحمن الجويسم، الجهات المعنية كفرع هيئة السياحة والآثار، بضرورة فتح تلك الأماكن الأثرية طلية شهر رمضان المبارك لجلب الزوار والتعريف بتلك الأماكن وتشجيع الشباب للحفاظ على الموروث الشعبي من خلال بيع الأكلات الشعبية وإقامة المعارض والفعاليات التاريخية في أروقتها، أسوة بما أُقيم مسبقاً من مهرجانات بقصر إبراهيم الأثري وحققت نجاحات لافتة بشهادة الزوار، مؤكداً أن مثل تلك الفعاليات الشعبية عندما تجد التنظيم والدعم المناسبين سوف تصبح مركزا سياحيا متكاملا لجذب كل أبناء المملكة من كافة المدن لما تحتويه من عبق حقيقي للتاريخ وتوارث للمهن الشعبية والأكلات التي يحبها الجميع، بالإضافة إلى الأجواء التي قلما نجدها في ظل التطور الذي تشهده المباني والمدن الجديدة، فالكثير منا لديه حنين إلى الماضي بكافة ملامحه وتفاصيله، وهذا ما نجده هنا في هذا المكان، ونحاول إحياءه في كل عام.
بيع الأكلات الشعبية بالقرب من قصر خزام التاريخي
الأكلات الشعبية تحظى بإعجاب الكثير
سالم الدوسري اثناء بيع الكبدة مقابل قصر خزام