في عادة موسمية، شرعت سيدات الأحساء بعصر الليمون الحساوي الأخضر الطازج الذي تجود به أرض أكبر واحة نخيل في العالم، بهدف تحويله إلى عصير "معتق" بغرض استخدامه بفصل الشتاء من خلال إضافته إلى بعض الأكلات الشعبية ومزجه في حين آخر مع السوائل الساخنة، والتي من ضمنها الشوربات بجميع أشكالها، وكذلك إضافته إلى أنواع المرق الذي تشتهر به الواحة، وتتم عملية العصر والتعتيق في أجواء تراثية، والتي تظهر بشكل واضح في البلدات الشرقية والشمالية والمناطق الشعبية في المدن، كما تلجأ بعض السيدات لتحويله إلى عصير مركز وإضافة السكر إليه والاحتفاظ به مثلجا واستخدامه كمشروب بارد يطفئ عطش أيام الصيف شديدة الحرارة.
وتعتمد ربات المنازل في عصر الليمون يدويا بعيدا عن استخدام آلات العصر الحديثة، بينما تتحلق النساء والفتيات على شكل مجموعات في المنازل على السفرة الأحسائية المصنوعة من خوص سعف النخيل التي يتم وضع الليمون الحساوي عليها بعد غسله، ثم تبدأ الأيدي الناعمة بالعصر في مشخل كبير تسمح ثقوبه بمرور سائل الليمون إلى الإناء والاحتفاظ باللب في المشخل، وهنّ يرددن الأهازيج الشعبية القديمة، هذا ما أكدته المواطنة "أم عبدالله السالم" والتي أشارت إلى أن عصر الليمون مناسبة اجتماعية تراثية قديمة، ورغم تطور الزمن ما زلنا نعتمد عليها كثيرا في تخزين عصير الليمون واستعماله على السفرة في فصل الشتاء كحامض ونهكة يهتم بها أهالي الواحة منذ القدم، موضحة أنها وجاراتها يتعاضدن من خلال تجمعهن في الصباحات كل يوم في أحد المنازل وتتم عملية العصر بشكل جماعي، حيث تستضيفنا إحدى السيدات في منزلها ونقوم بعصر الكمية التي نحتاجها من الليمون، مؤكدة أنه لا يكاد بيت من بيوت الواحة يخلو من هذا العصير.
أما السيدة "أم عبدالله" فتصف طريقة العصر والتخزين بأنها سهلة ويدوية، لكنها ذات جودة عالية، وعن عملية التعتيق تشير "أم عبدالله" إلى أنها تمر بمرحلتين، المرحلة الأولى تبدأ بغسل كمية الليمون ثم عصره يدويا، وتجميع العصير المركز في إناء واسع، وإضافة الكمية المناسبة من الملح، وكذلك إضافة حبيبات الفلفل الأسود بهدف حفظه من التعفن، ثم سكبه في قوارير زجاجية وإغلاقه بإحكام، وبهذا تنتهي المرحلة الأولى، أما المرحلة الثانية فيتم تعريض قوارير عصير الليمون إلى أشعة الشمس الحارة بشكل مباشر لمدة شهرين أو أكثر، حيث يبدأ العصير خلال 3 أسابيع من تعريضه لأشعة الشمس بتحول لونه إلى البني المائل إلى الأصفر شيئا فشيئا، وبعد اكتمال عملية التعتيق تُرفع القوارير ويتم وضعه في الثلاجة واستخدامه بشكل اعتيادي.
وتشير "أم فاضل" إلى أن أهالي الأحساء يقبلون على عصير الليمون المعتق بشكل كبير خصوصا في فصل الشتاء، واستخدامه كنكهة طبيعة يتم تصنيعها في المنازل بطريقة صحية ودون استخدام المواد الحافظة أو المواد الاصطناعية كما في العصائر الأخرى، موضحة أن استخدامات العصير متعددة، حيث يتم إضافته إلى أنواع الشوربات، والسلطات المختلفة، كما أنه يدخل كعنصر أساسي في صنع الأكلة الشعبية التراثية "الودمة" التي تشتهر بها الأحساء ودول الخليج العربي، مضيفة: إنه إلى جانب عملية التعتيق بدأت بعض السيدات بعصر الليمون وإضافة السكر إليه وتثليجه في أكياس بلاستيكية والاحتفاظ به في الفريزر، ويطلق عليه "الجميد"، واستخدامه كعصير بارد يروي ظمأ الصيف الحار بعد إضافة الماء النقي إليه، وفي بعض الأحيان يتم مزجه مع النعناع الحساوي ليشكل منتجا أحسائيا خالصا، مما تجود به أرضها الطيبة، مبينة أن تعتيق العصير يُوفر دخلا موسميا جيدا للأسر المنتجة، حيث يتم انتاجه بكميات كبيرة وتسويقه، حيث يجد إقبالا كبيرا من قبل المستهلكين، فيما يتراوح سعر العبوة الواحدة سعة 700 ملم، بين 25 و30ريالا.