توقع خبراء العقار صدور قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء خلال الأيام القادمة، وذلك بعد الانتهاء من وضع الآليات التي تضمن تنفيذ هذا القرار بالطريقة الصحيحة التي ستدفع بعجلة التنمية العمرانية.
وقال الخبراء: إن الملاك لا يزالون يصرون على تجميد الأراضي داخل النطاق العمراني لسنوات أطول؛ بهدف جني الأرباح من ورائها بعد أن اشتروها بأسعار منخفضة جدا، مع علمهم بأنهم يسيرون بعكس اتجاه عقارب الساعة، ويعلمون أيضا أن أسعار العقارات انخفضت في كثير من مناطق المملكة، مؤكدين أن هذه الأراضي سوف تخسر قيمتها لأن السوق والخدمة سوف ينتقلان إلى مكان آخر نظرا لعدم نمو المواقع التي تقع بها، مطالبين بأخذ رسوم أو جباية زكاة على أصحاب العمارات الذين يمتلكون منها العشرات ويتحكمون في مصير المواطنين من خلال رفع أسعار الإيجارات والتحكم في السوق العقاري.
ملاك إستراتيجيون
وقال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث: إنه توجد مساحات شاسعة داخل النطاق العمراني في المدن خصوصا الرئيسية، مثل الدمام والرياض وجدة ومكة المكرمة، ونسبة كبيرة من هذه المساحات تتجاوز 40% ولم يتم تطويرها والبعض منها حصل عليها بعض الإشكاليات.
وأضاف: إن نسبة كبيرة من تلك المساحات في حالة تطويرها أو بيعها سوف تسهم في وجود أراض متوفرة قابلة للبناء، وبالتالي سوف تساعد على استقرار السوق من خلال عرض أسعار منطقية تناسب الجميع دون الارتفاع.
وزاد: «لا يزال عدد كبير من الأراضي المجمدة تحت قبضة يد ملاكها، وبعض المطورين العقاريين»، وهذا أصبح عائقا يعرقل النمو والتطور العمراني داخل المدن؛ لأن نسبة كبيرة من المواطنين يرغبون بشراء أراض، ولكن أصحابها لا يرغبون ببيعها من أجل ظروف معينة تصب في صالحهم.
وصنف المغلوث بعض العقاريين بالمملكة إلى قسمين، الأول بـ «ملاك استراتيجيين» وهم الذين يمتلكون مساحات واسعة قد اشتروها بأسعار منخفضة جدا ولديهم الاستعداد بأن يجمدونها لسنوات قادمة من أجل الحصول على أسعار مرتجعة وتحقيق أرباح خيالية، مع علمهم بأن السوق بحاجة إلى تلك المساحات، لذا عندما تسعى الحكومة إلى فرض رسوم على الأراضي البيضاء فإن ذلك سوف يساعد على إجبار هؤلاء الملاك على التحرك في سبيل تطوير ما يجمدونه من أراض إلى وحدات سكنية يستفيد منها المواطنون، أما القسم الثاني فهم الذين تركوا تطوير المخططات لما يواجهونه من تعقيدات الجهات المسئولة، بما يخص إجراءات اعتماد هذه المخططات التي تحتاج إلى أعوام حتى تنتهي، مؤكدا أن شح الأراضي وعدم توفر التمويل العقاري المناسب بالنسبة للمواطنين أدى إلى تراجع حركة شراء وبيع الأراضي والوحدات السكنية الجاهزة في المملكة.
وطالب المغلوث الجهات الرسمية بأن تسعى جاهدة بالتعاون مع المطورين العقاريين إلى تسهيل إجراءات تراخيص واعتماد المخططات، والتي تأخذ في العادة أكثر من عامين حتى يتم فسحها والموافقة عليها، وكذلك يجب على الأمانات والبلديات التي تشترط على أصحاب المخططات بناء مرافق وشوارع التخلي عن هذا الشرط؛ لأنه يأخذ مساحة كبيرة من المخطط، ويعتبر إحدى المعضلات التي يواجهها المطورون.
عرقلة التنمية
وأوضح رئيس اللجنة العقارية والتثمين العقاري بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، عبدالله الاحمري، أن الأراضي البيضاء عرقلت مسيرة التنمية العمرانية في داخل المدن وخاصة الرئيسية التي يفد إليها عدد كبير من المواطنين بالهجر والقرى من أجل البحث عن الوظيفة او التعليم في الجامعات، ولكن القرار الذي اتخذ من قبل مجلس الوزراء وتم تأييده من المقام السامي بفرض الرسوم على الأراضي المجمدة كفيل بتصحيح الوضع.
وقال: إن ملف الأراضي البيضاء موجود برمته لدى المجلس الاقتصادي الأعلى من أجل وضع الآليات التي تضمن تنفيذ هذا القرار بالطريقة الصحيحة التي تضمن أيضا وصول التدفقات ودارسة الجدوى منها، فعندما تصدر اللائحة التنفيذية من المجلس فإنه بالتأكيد ستدفع بعجلة التنمية والاقتصاد الوطني؛ لأن المبالغ التي سوف تحصلها الدولة من الأراضي المجمدة سوف يستفاد منها، حتى أنه يجب أيضا أخذ رسوم أو جباية زكاة على أصحاب العمارات الذين يمتلكون منها العشرات ويتحكمون في مصير المواطنين من خلال رفع أسعار الإيجارات والتحكم في السوق العقاري، مما أثر ذلك على دخل الفرد وأمنه الاقتصادي، مشيرا إلى أن قرار فرض الرسوم قادم لا محالة، ولكنه يحتاج بعض الوقت حتى يصدر بشكل رسمي بعد الانتهاء من دراسة الملف ووضع الضوابط التي تحكم هذه الرسوم.
وأضاف: إن الأسعار مرتفعة وهناك من يروج بأن أسعار العقارات سوف ترتفع مستقبلا خصوصا المحتكرين لها من أجل رفع قيمتها، ولكن للأسف هم يتحركون بعكس عقارب الساعة، ويعلمون تماما بأن أسعار العقارات انخفضت في كثير من مناطق المملكة، لا سيما في عقارات الضواحي، وسيطول ذلك الأراضي المجمدة والوحدات السكنية داخل النطاق العمراني.
وزاد الأحمري: إن ثقافة المتعاملين بالسوق لا تزال متدنية، ولا يحاولون دراسة الأمور من كل الجوانب، وإنما يقاومون حتى يروا السوق في تدهور تام، ومن ثم يدفعون مرة واحدة بالمبيعات وهذا ما يضر السوق العقاري، مبينا ان كثيرا من المواطنين لا يستطيعون دفع قيمة العقارات الحالية؛ لأنها اكبر من قيمتها السوقية نتيجة المضاربات التي رفعت الأسعار وأوصلت الحال إلى طريق مسدود، مؤكدا أن الانخفاض بالسعر في النطاقات الطرفية تجاوز الـ40%، وفي داخل النطاق العمراني بلغ حوالي من 5% إلى 15% على حسب الموقع.
انتقال الخدمات
من جهته، أكد الخبير العقاري عادل الدوسري أن نظام فرض الرسوم يجب أن يطبق على أصحاب الأراضي التي تتجاوز مساحاتها من 50 - 100 ألف متر مربع، بشكل جيد ومدروس حتى يتم تسريع عجلة البناء والقضاء على ظاهرة التجميد إلى الأبد، وليس على الذين لديهم مساحات لا تتجاوز ألف متر مربع.
مشيراً إلى أن بقاء الأراضي البيضاء على ما هي عليه وبدون حل سيسبب مشكلة لأصحابها من خلال عدة أمور، منها أن النطاق العمراني سيتعداها بمراحل كثيرة ويذهب إلى مناطق أخرى جديدة، وعندما يأتي أصحابها لتطويرها فإنهم سيعيقون من الحركة المرورية والاجتماعية، وكذلك سوف تخسر قيمتها في ذلك الوقت لأن السوق والخدمة انتقلا إلى مكان آخر بعيد عن المكان الذي تقع فيه الأراضي المجمدة لسنوات طويلة نظرا لعدم نمو هذا الموقع.
وفيما يخص انخفاض الأراضي الموجودة داخل النطاق العمراني، قال الدوسري: إن الانخفاض متفاوت، ففي فترة الصيف تتراوح من 30-35% في عقارات الضواحي بدليل أن كثيرا من العقاريين توجهوا إلى الاستثمار بمشاريع أخرى صناعية وتجارية؛ لأنهم لمسوا أن السوق العقاري أصبح غير مجد، وقد وصلت الأسعار به إلى السقف متوجها إلى الانخفاض.
وأشار إلى أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد دور إيجابي من البنوك المحلية فيما يخص مساعدة متوسطي الدخل.