تبدأ مملكة البحرين قريباً تطبيق تجربة دواء جديد لعلاج مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر)، فيما ستقدم نتائج استخدامه على مجموعة من المرضى بعد موافقتهم مع نهاية العام 2016 إلى المفوضية الأوروبية للصحة العامة وإدارة الأغذية والأدوية العالمية، لاعتماد الدواء الجديد بعد الانتهاء من التجارب. وتتولى وزارة الصحة البحرينية اليوم الأربعاء طرح مشروع طبي يبحث إمكانية استفادة مرضى السكلر من الدواء البديل للمسكنات بالتعاون مع جامعة الخليج العربي -التي تستضيف فعاليات المشروع- والهيئة الوطنية لتنظيم المهن الطبية وجمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، علماً أن الدواء نفسه سيكون قيد التجربة في ثلاث دول أخرى وهي: هولندا وتركيا ولبنان، بالشراكة مع إحدى مؤسسات البحث العلمي في مجال البحث مجال البحث الإكلينيكي ومعهد «كارولينسكا» السويدي.
وأوضح الدكتور خالد العوهلي رئيس جامعة الخليج العربي مضي الجامعة في عقد الشراكات الدولية مع المؤسسات الطبية العالمية للتصدي للقضايا الصحية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودراسة الأمراض الوراثية السائدة في دول الخليج العربي، معتبراً مشروع الأبحاث الأكلينيكية لمرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) الذي ستطلقه الجامعة اليوم لبحث إمكانية استقادة مرضى السكلر من دواء جديد، ويأتي ذلك كجزء من دور الجامعة الاستراتيجي في التصدي للقضايا الصحية المؤرقة في المنطقة.
ولفت إلى أن انشطة البحث والتجربة في أروقة الجامعة هي عملية مستمرة لدراسة القضايا المهمة للوصول إلى حقائق علمية تقود إلى نتائج جديدة تساعد في مواجهة الكثير من الأمراض، وقال: «في عصر البحث العلمي الواعد، فإن البحوث تسهم في تعزيز الصحة العامة ورفع متوسط عمر الإنسان، وانخفاض معدل الوفيات الناجمة عن بعض الأمراض؛ فكلما تعمق الفهم لتلك الامراض، زادت القدرة في تطوير العقاقير والادوية المعالجة، وذلك لا يكون إلا عبر البحث المستمر».
وقال رئيس جامعة الخليج العربي إن إجراء الأبحاث والدراسات الطبية المرتبطة باحتياجات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هي أولوية في أهداف الجامعة الإستراتيجية منذ إنشائها قبل أكثر من ثلاثة عقود، ولذلك تأسس مركز الأبحاث الإكلينيكية بداية العام 2013 ليكون المركز واحداً من أهم المشاريع البحثية المتخصصة، إذ يعمل بالتعاون مع مؤسسات البحث العلمي العملاقة في مجال البحث الاكلينيكي، لدراسة وعلاج العديد من الأمراض المستعصية لاسيما مع توافر الخدمات المتقدمة في مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية التابع للجامعة، مشيراً إلى أن الجامعة تواصل سعيها الدؤوب إلى توظيف البحث العلمي في خدمة قضايا المجتمع الخليجي، وتقديم الرؤى وطرح البدائل والخيارات، بما يدعم عمليات صنع القرارات ورسم السياسات المستقبلية.
من جانبه، أوضح الدكتور عادل مذكور مدير مركز الأبحاث الإكلينيكية بجامعة الخليج العربي أن الجامعة ستطلق مع شركائها اليوم فعاليات مشروع أبحاث سريرية تخص مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) تحت إشراف المركز، بعد حصولها على التراخيص والموافقات من وزارة الصحة بمملكة البحرين والهيئة الوطنية لتنظيم المهن الطبية ولجان أخلاقيات الأبحاث بمجمع السلمانية الطبي، معتبراً المشروع الذي يطرح دواء بديلا للمسكنات التي تعطى لمرضى السكلر خلال نوبات المرض هو الأول من نوعه، ويأتي في إطار اتفاقية تعاون بين جامعة الخليج العربي ومعهد «كارولينسكا» السويدي.
منوهاً إلى أن مرض السكلر من أمراض الدم المستعصية التي لا يوجد لها علاجات قاطعة أو أدوية فعالة، رغم التطورات في التكنولوجيا الطبية الحديثة، وهو الأمر الذي تسعى الجامعة لدراسته لبحث مدى فاعلية الحلول البديلة، خصوصاً بعدما نجح باحثون من معهد «كارولينسكا»، بمعية أطباء هولنديين وأمريكيين في تطوير دواء جديد يمنع خلايا السكلر من الالتصاق ببعضها، والذي يعتبر السبب المؤدي إلى انسداد الشرايين، مما يترتب على الانسداد آلام حادة ومضاعفات لمرضى السكلر تصل إلى حد الوفاة. ورداً على سؤال قال مذكور «يعمل الدواء الجديد الذي تشرف على إنتاجه وتجربة فاعليته شركة سويدية تابعة لمعهد «كارولينسكا» للأبحاث الطبية على تفكيك تجلطات الدم في الشرايين، ليعود جريان الدم بشكل طبيعي، مما يخفف آلام المريض، ويقلص مدة النوبة، ويخفض جرعات العلاج، وبالتالي يقلل زمن التشافي ومدة البقاء في المستشفى، كما يساعد على تفادي الادمان على بعض الأدوية ذات الأعراض الجانبية الخطيرة مثل المورفين».
لافتاً إلى أنه في غضون التجربة البحثية للدواء الجديد، سيشرف مركز الأبحاث الإكلينيكية بجامعة الخليج العربي على تسيير المشروع بالتعاون مع الأخصائيين بوزارة الصحة ومركز أمراض الدم الوراثية بمجمع السلمانية الطبي، إذ يضم المشروع أخصائيين من أربع دول في العالم هي هولندا وتركيا، البحرين ولبنان، وفي حالة ثبات سلامة وفاعلية هذا الدواء في تخفيف آلام المريض وأعراضه سيتم الانتقال إلى المراحل المقبلة اللازمة في إطار تطويره والتمهيد لإنتاجه وطرحه في الأسواق.
ورجح مدير مركز الأبحاث الإكلينيكية بجامعة الخليج العربي أن يستغرق المشروع سنة كاملة لإتمام البحث، ومن المتوقع الحصول على النتائج العلمية في نهاية العام 2016، ومن المنتظر أن تتشارك جامعة الخليج العربي مع مجمع السلمانية الطبي في إجراء المزيد من التجارب على هذا الدواء في حالة الحصول على نتائج إيجابية، إذ ستقدم نتائج البحث إلى المفوضية الاوروبية للصحة العامة وإدارة الأغذية والأدوية العالمية، لاعتماد هذا الـدواء بعد الانتهاء من التجارب.
وتمضي جامعة الخليج العربي في تنظيم الورش المتخصصة في أخلاقيات الأبحاث الإكلينيكية والحفاظ على حقوق المريض المتطوع في إجراء الأبحاث، لوضع ضوابط وآليات تحمي حقوق المرضى المتطوعين في إجراء البحوث الإكلينيكية، وقد كان الاهتمام بالبحث العلمي أحد أهم أسباب استحقاق الجامعة مراتب متقدمة على المستويين العربي والإقليمي.
إلى ذلك، يعقد الفريق البحثي بالتعاون مع معهد «كارولينسكا» السويدي، اليوم في قاعة المحاضرات بمقر جامعة الخليج العربي لقاء تعريفياً لإطلاق المرحلة الأولى من المشروع، واستعراض خصوصياته ومتطلبات التطوع فيه، والنتائج المنتظرة منه، بمشاركة خبير الأمراض الوراثية الدكتور «بارت بيدمونت» من المستشفى الجامعي في أمستردام، ونخبة من الأطباء والاستشاريين المتخصصين في أمراض الدم الوراثية في وزارة الصحة البحرينية بالإضافة إلى مجموعة من مرضى السكلر.