حث اقتصاديون ومختصون، الشركات الكبرى بأن تضطلع بدورها الجوهري في توفير وظائف مجزية للشباب السعودي تتلاءم مع تخصصاتهم الجيدة كي تدعم الاقتصاد والنمو في المملكة. وأشاروا لـ «اليوم» ضمن الملف الشهري الثاني عشر «اقتصاد بلا وظائف.. أين الخلل؟»، إلى أن المنشآت الكبرى تعتبر اللاعب الرئيس في توظيف شبابنا، مشددين على أن ترددها وتقاعسها في ضمهم يفاقم مشكلة البطالة عاما بعد آخر. وأضافوا: ينتظر كثير من خريجي الجامعات العاطلين لمختلف التخصصات التي تتناسب مع هذا القطاع أن تتم المبادرة بمنحهم الثقة وتوظيفهم بما هو مأمول لسد نقص الوظائف والقضاء على ما يسمى بالخريج العاطل، وسط آمال كبيرة أن يكون للخريج السعودي النصيب الاكبر من التوظيف في هذه القطاعات بدلا من تسيد العامل الوافد وقلة عدد الفرص المتاحة للسعوديين لإثبات جدارتهم وندرتها في أحيان كثيرة والمطالبة بمعرفة المشكلة وقيام جهة حكومية او أهلية بدراسة هذه المحاور وطرح حلول عملية لمعالجتها بإيجاد شراكات وبرامج لحث الشركات على جذب التخصصات الجامعية المطلوبة لديهم. وقال سعود بن فضل الفضل رجل الاعمال وعضو الغرفة التجارية بالاحساء، إن خريجي الجامعات العاطلين هم مستقبل الوطن وبُناته ومن هذا المنطلق لابد ان تكون هناك دراسة شاملة ووافية وعقد لقاءات متواصلة بين الجامعات والقطاعات الخاصة المختلفة لمعرفة متطلبات سوق العمل، الذي يأتي ليغطي النقص في الوظائف خاصة في هذه القطاعات الخاصة والعمل جديا لان يكون الخريج السعودي مطلبا في هذه القطاعات بدلا من اقتصار هذه الوظائف على العمالة الخارجية.وزاد: يجب أن يكون للخريج السعودي الاولوية في عملية التوظيف، ومن هنا يجب توظيفهم برواتب تكون جيدة ومناسبة والعمل على اتباع نظام الإحلال بحيث يحل العامل السعودي مكان الأجنبي والسعي جديا الى تخفيض سن التقاعد من اجل إعطاء فرصة للشباب والسعي جديا بمنح وإعطاء المتقاعد جائزة نقدية بحيث ان هذا المتقاعد من الممكن ان يبدأ بمشروع خاص به، وأيضا العمل على تقليل سنوات الخبرة وعدم التعجيز للشباب بالشروط بحيث يبدل سنوات الخبرة بتدريب مناسب للوظيفة خصوصا اذا ما علمنا ان كثيرا من الشركات في القطاع الخاص تطلب شهادة الخبرة من خريج حديث وهذا امر محبط ومزعج لهذا الخريج.
الاعتماد على الأجنبي فيما قال سفيان العامر مدير مكتب استشاري: تعتبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الركن الأساسي في الاقتصاديات الحديثة اذ لم تعد الدولة او المنشآت الكبيرة اللاعب الرئيس في مجال التوظيف ومن هنا يجب معالجة مكامن الخلل في هذه المنشآت حيث انها لا تؤدي الدور المطلوب ويرجع ذلك لعدة أسباب بعضها يرجع للقائمين على هذه المؤسسات وعدم ثقتهم في الموظف السعودي واعتمادهم على الأجانب بشكل كبير بالاضافة الى ميل بعضهم الى تسليم المؤسسة بشكل كلي للمكفول والاكتفاء بمبلغ مقطوع وهو مايعرف بالتقبيل الذي يعد جريمة تستر حسب أنظمة وزارة العمل كما تعود بعض أسباب عدم قدرة هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التوظيف الى الموظفين أنفسهم حيث يفضّل العمل الحكومي او العمل في شركة كبيرة على هذه المؤسسات لأسباب ثقافية واجتماعية موروثة اعتقد ان علاج الخلل يبدأ من معرفة المشكلة وقيام جهة حكومية او أهلية بدراسة هذه المحاور وطرح حلول عملية لمعالجتها. من جهته، قال المهندس مشاري الجبر عضو لجنة شباب وشابات الاعمال في غرفة الأحساء: نحن بحمد الله في بلد تملؤه الخيرات والموارد المتعددة وفي ظل قيادة رشيدة تطبق فيه شريعة الإسلام السمحة واقتصاد المملكة اقتصاد قوي ثابت يمتص كثير من الصدمات والتقلبات الاقتصادية ومنها ما تمر به في الأيام الحالية من انكماش الاقتصاد الدولي لذلك نجد نموا للقطاع الخاص بشكل مطرد لتوسيع حصته من الاقتصاد الوطني ويساهم في توظيف يد عاملة وطنية بكل مستوياتها ومن ضمنها فئة خريجي التعليم العالي والتي لاتجد الوظائف المجزية طبقاً لتطلعاتها وطموحاتها في هذا القطاع. وقال الجبر نما عدد الجامعات في المملكة ليصل عددها 34 جامعة مقارنةً إلى كانت إليه قبل فترة20 سنة تقريباً بوجود 7 جامعات فقط التي كان معظم تخصصاتها ملائما للقطاع العام أكثر منها للقطاع الخاص، والذي يقدر عدد خريجيها أكثر من 100 الف سنوياً، وحديثاً هنالك الابتعاث بالآلاف من أبناء وبنات الوطن، ولكن السؤال هنا هل نمو حاجة القطاع الخاص من الجامعيين يتوازى مع عدد الخريجين؟ الجواب في وجهة نظري: لا. القطاع الخاص نما كثيراً في السنوات الاخيرة ولكن مابين 70-80 % من الشركات هي من فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة وحاجتها للجامعيين محدودة ونوعية. وزاد: إذا وقفنا على تفاصيل مخرجات الجامعات نجد أن ما بين 30-50% من الخريجين في تخصصات لا تناسب القطاع الخاص كالدراسات الاسلامية والاجتماعية والإنسانية والتربوية، وعليه فإن كثيرا من خريجي الجامعة سيضطرون ولو بشكل مؤقت للانخراط في العمل في وظائف غير مجزية اكتساباً لمهارات وخبرات جديدة لحين نمو بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة لتتمكن من توفير وظائف مجزية لخريجي الجامعات مما يؤكد ذلك نظرة سريعة لنسبة عدد الموظفين في الشركات الكبرى من الجامعيين السعوديين عالية مقارنة بنفس النسبة في الشركات المتوسطة والصغيرة. وأبان الجبر ان ما يخص استقدام خبرات أجنبية وذلك لوجود تخصصات غير متوفرة وكذلك امتلاك خبرات يفتقدها الجامعي السعودي نظراً لحداثة الاقتصاد الوطني الناشئ.
شركات مساهمة وحدد الحلول لهذه المشكلة بالتعرف على نسبة الجامعيين في القطاع الخاص في الدول الأخرى وكذلك نسبة خريجي المعاهد الفنية في نفس الاقتصاد وذلك لتحديد سياسة التعليم المالي والتدريب المهني، الوقوف على التخصصات الجامعية المطلوبة لدى القطاع الخاص لتحدد برامج جامعية تلائم هذه الحاجة، تحديد وظائف معينة للخريجات للنساء نظراً لوجود عدد كبير من الخريجات النساء، تشجيع وتحفيز إنشاء شركات مساهمة عامة كبيرة لخلق الوظائف المجزية لخريجي الجامعات، الاستمرار في تخصيص بعض اعمال القطاع العام وتحويلها إلى شركة مساهمة عامة لاستيعاب أكبر عدد من خريجي الجامعات مثل ماحدث لشركة الاتصالات السعودية والخطوط الجوية السعودية، مشيرا إلى أنه من أجل العمل على هذه الحلول يجب إيجاد شركات وبرامج مشتركة بين وزارة التعليم والعمل والتجارة والصناعة. وقالت لولو الحماد عضوة مجلس شابات المملكة وعضوة لجنة شابات الاعمال في غرفة الاحساء، ان عدم الإيمان بالسعوديين كقوة منجزة وتتحمل العمل عند بعض الجهات وضعف الرواتب وعدم تطبيق نظام العمل السعودي الذي يحفظ للموظف حقة من قبل بعض الجهات من اصعب ما يواجه الخريج الجامعي. وأردفت قائلة: من هذا المنطلق لا بد من ايجاد الحلول التي تسهم في احتضان هذا الخريج وان يكون ذلك بالتحفيز وتطبيق نظام العمل السعودي، موضحة ان تأثير القطاعات الخاصة والاعتماد على العمالة الوافدة هو سبب رئيس في الإحباط لدى الخريجين، موضحة ان عدم الثقة في مخرجات جامعاتنا بشكل عام وتعميم الحكم عليهم بالفشل والضعف على الأغلبية دون إحصائية عادلة أو دراسة منصفة لحالاتها، وقلة عدد الفرص المتاحة للسعوديين لإثبات جدارتهم وندرتها في أحيان كثيرة يفاقم المشكلة.
حلول منصفة وقالت: لابد من ايجاد حلول تكون منصفة ومنها تقليص عدد الوظائف المتاحة للوافدين مقارنة بالسعوديين يعني إذا عند المؤسسة ١٠٠ وظيفة يخصص منها على سبيل المثال ٧٠ للسعوديين و ٣٠ لغيرهم بما لا يكون فيه ظلم لأبناء البلد ولا يكون فيه حرمان من خبرات الغير في نفس الوقت بالإمكان ان تتاح فرصة للتدريب للمجموعة المختارة أو المرشحة ويختار الأفضل منهم بغض النظر عن جنسيته إضافة سنة دراسية للطالب للتدريب في سوق العمل أياً كان تخصصه ويشمل القطاع الخاص كذلك في هذه التجربة. واستشهدت بالكليات التربوية إذ يوجد تطبيق للطالبات مدته أشهر فقط مع المواد المقررة التي تدرسها وليس هناك خوض عمل حقيقي في الميدان والأفضل طبعاً أن تتاح لهم الفرصة لممارسة المهنة والتدريب عليها ومعاملتهم كموظفين في نظام العمل والرواتب وما إلى ذلك وغالباً إذا أثبت الطالب جدارته ستتمسك به المؤسسة ويتوفر له اكثر من فرصة وظيفية أفضل منها، ولو كان مجرد متقدم عادي لطلب وظيفة. إلى ذلك، قال عبداللطيف يوسف التركي خريج جامعي عاطل: من دعائم وتكوين المجتمع فئة الشباب ولاسيما المقبلون على الوظائف بقطاعيها العام والخاص ألا وهم خريجو الجامعات ولعل اولى العقبات أنك تصطدم في بداية هذا الكفاح والنضال من اجل البحث عن لقمة العيش الكريمة بمعوقات في مجال القطاع الخاص ولا سيما أن بعض هذه الوظائف لا تخدم التخصص الحائز عليه، ولكن تكون في سد احتياجات تلك المنشأة وربما يكون الدافع من اجل الحصول على الامتيازات التي تمنحها الدولة للحصول على الايدي العاملة المستقدمة من الخارج وهذا من أجل البحث عن أقل التكاليف في مجال الرواتب الشهرية وتغلب المنشأة على العامل في أغلب الأوقات كذلك تسعى بعض المنشآت لوضع شروط أقرب ما يقال عنها بالشروط التعجيزية في استقطاب الشباب ولعدم وجود الضمانات يكون هناك تخوف من المغامرة في هذا المجال ويكون هناك تخوف من تقدم الخريج.
وقال محمد العلي خريج جامعي عاطل: أنا خريج قسم الانظمة الدفعة الأولى، ودرسنا خمس سنوات السنة التحضيرية باللغة الانجليزية بشكل مكثف على أن الدراسة بعدها ستكون باللغة الانجليزية ثم يحدث أن الدراسة تتحول الى اللغة العربية بمعنى أنه لا فائدة من دراسة سنة كاملة باللغة الانجليزية بعدها قامت الكلية بتقليص السنة الى فصل دراسي واحد بمعنى يتخرج الطالب في اربع سنوات ونصف المعاناة بعد التخرج والمشكلة أن أغلب الشركات تحتاج إلى شخص لديه سنوات خبرة لا تقل عن ٣ سنوات في المجال وتريد شخص يمتاز باللغة الانجليزية.
وقال العلي: انا حديث التخرج فمن أين احصل على هذه الخبرة، بمعنى أن الشهادة الجامعية لا فائدة منها، فالوقت يمضي من عمر الإنسان، فيبحث الخريج عن وظيفة متدرب في مكاتب لكي يحصل على الخبرة والممارسة علما أنها بدون راتب او بمبلغ زهيد من اجل ان تكون له سندا أثناء تقديمه.
نمو أعداد الشباب الخريجين السعوديين بشكل متسارع، يقابله إحجام من الشركات الكبرى في التوظيف، وهذا يفاقم البطالة