كانت وما زالت أسعار النفط وأمن الامدادات الشغل الشاغل للدول المستوردة للنفط منذ زمن بعيد، وبذلت في سبيل ذلك الكثير من المساعي والجهود من خلال عقد الشركات والتحالفات متوسطة وطويلة الأجل.
وأكد تقرير "نفط الهلال" ان أسعار النفط كانت في الماضي عادلة من وجهة نظر المنتجين، ومرتفعة من وجهة نظر المستوردين، قد أثقلت كاهل الموازنات السنوية لدى الكثير من الدول، وأضافت تحديات كبيرة على قدرة منتجاتها على المنافسة لدى الاسواق الخارجية، فيما بقيت نسب النمو دون مستوى الاستهداف نظرا للتأثير الكبير لأسعار النفط المرتفعة على معدلات النمو من فترة إلى أخرى، وبات من الواضح ومع مرور ما يقارب العام والنصف على تراجع أسعار النفط وثباتها عند حدود دنيا لم تتجاوز 50 دولاراً للبرميل، أن الدول المستوردة الصناعية وغير الصناعية، تعيش في أفضل ظروفها المالية والاقتصادية نظرا لارتفاع مستوى المنافسة بين المنتجين على الحصص السوقية وتجاوز مخاوف الامدادات، الأمر الذي ستحقق من خلاله تلك الدول الكثير من الانجازات الاقتصادية في الوقت الحالي وفي المستقبل القريب.
النضج والتطور الاقتصادي
واللافت هنا أن متطلبات الاستقرار والنمو للاقتصاد العالمي لم تعد حكرا على الدول المنتجة للنفط، والتي ضاعفت من قدراتها الانتاجية واستثماراتها خلال الاعوام الماضية في سبيل الحفاظ على أمن الامدادات ودعم معدلات النمو للاقتصاد العالمي، أما عند المستوى الحالي من الأسعار وبقائها متدنية لفترة طويلة، فإن العديد من اقتصاديات دول العالم أصبحت تنمو بمعدلات تتجاوز معدلات النمو المستهدف، الامر الذي يعني أن الدول المنتجة قد خسرت دورها في قيادة معدلات النمو للاقتصاد العالمي وفقدت معها أيضا قدرتها على السيطرة وإدارة دفة القيادة، بالإضافة إلى كونها قد خسرت الكثير من العوائد جراء التراجع المتواصل، هذا يعني أن الدول المستوردة للنفط وبشكل خاص الدول الصناعية منها ستتمكن من تحقيق قفزات نوعية لاقتصادياتها؛ كونها تمر في مراحل من النضج والتطور الاقتصادي على عكس الكثير من الدول المنتجة للنفط، والتي ما زالت اقتصادياتها تمر بمراحل التطور والتنمية وتحتاج الى المزيد من الاستقرار على العوائد لتحقيق التنمية المستهدفة.
نتائج إيجابية
يذكر أن استمرار التراجع على أسعار النفط وبقائها ما دون 50 دولارا سيضيف الكثير من المزايا الاقتصادية والاستثمارية لدى الكثير من الدول حول العالم، فيما تشير البيانات المتداولة إلى أن انخفاض النفط قد ساهم بتوفير ما يقارب 440 مليار دولار لدى أكبر 10 اقتصاديات حول العالم، وذلك حتى نهاية العام 2015، الامر الذي سيدعم توقعات نمو الاقتصاد العالمي ليصل إلى 3.3%، وستتمكن الدول وبشكل خاص الدول الصناعية من توفير السيولة الناتجة عن تراجع كلف استيراد النفط ليتم إنفاقه على مشاريع التطوير والتوسع على الانتاج والخدمات، ومن المتوقع أن تتزايد التأثيرات الايجابية لتلك الاقتصاديات مع كل تحسن يحدث على توجهات وقرارات المستهلكين وزيادة التصدير الخارجي، مع الاخذ بعين الاعتبار أن النتائج الايجابية ستتباين بين اقتصاديات الدول الكبرى، كما ستتباين التأثيرات السلبية لتراجع الاسعار على الدول المنتجة للنفط بين اقتصاد وآخر.
مشروعات جديدة للطاقة
ومؤخراً، صرح وزير الطاقة الإماراتي بأن الإمارات ماضية قدما في مشروعات كبرى جديدة للطاقة، ولدينا يقين أن أسعار النفط ستبدأ التعافي العام المقبل مع بدء استيعاب الطلب لتخمة المعروض العالمي، حيث تنتج دولة الإمارات حاليا 2.9 مليون برميل يوميا.
فيما قال رئيس شركة بترول أبو ظبي الوطنية: إن البلاد تمضي قدما في خطتها لرفع طاقتها الإنتاجية النفطية إلى 3.5 مليون برميل يوميا من ثلاثة ملايين حاليا في غضون العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة.
وأضاف: إن استثمارات بنحو 35 مليار دولار ستتدفق على أنشطة الاستكشاف البحرية بعد عقود شهدت ضخ استثمارات في الأنشطة البرية.
كما استقبلت شركة نفط الكويت مؤخراً العروض المالية لمشروع تطوير 4 حقول نفط وغاز في شرق وغرب الروضتين وغرب الصابرية وأم نقا بقيمة 1.5 مليار دينار، ما يعادل 4.95 مليار دولار، حيث تقدمت 3 شركات بعروض مالية فقط من أصل 16 شركة مؤهلة للمشروع.
ويهدف المشروع إلى تطوير تلك الحقول لتبلغ الطاقة الإنتاجية لها 40 ألف برميل، وتم إسناد المشروع إلى مديرية شمال الكويت في شركة نفط الكويت بدلا من مجموعة المشاريع في الشركة نظرا لحساسية المشروع وأهميته الفنية من حيث المعدات، وتم تقسيمه إلى 3 حزم رئيسية وستتم ترسية المشروع على 3 شركات مختلفة.
وعلى الرغم من ارتفاع العروض المالية التي استقبلتها الشركة لتطوير لحقول نوعا ما، إلا أن اقتصار العروض على 3 شركات عالمية يحد من المنافسة على المشروع.
وفي ذات السياق، أبرمت باكستان اتفاقا قيمته 16 مليار دولار لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر لمدة 15 عاما، ومن المتوقع بدء الشحنات الشهر القادم بواقع 1.5 مليون طن سنوياً.