تطوي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني هذا العام عامها الخامس عشر، وقد حققت نقلة نوعية مهمة في مجال التراث الوطني من خلال استصدار عدد من الأنظمة من أبرزها نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الذي أقرته الدولة العام الماضي، واستصدار عدد من الأوامر السامية المتعلقة بحماية مواقع التراث وعدم التعدي عليها، إضافة إلى اعتماد مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وتأسيس الشركة السعودية للضيافة التراثية وتسجيل 4 مواقع في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وإنشاء منظومة من المتاحف الجديدة، ومشاريع القرى التراثية.
كما صدر قرار مجلس الوزراء مؤخرا بتعديل مسمى الهيئة إلى "الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني"؛ اتساقا مع توسع مهامها في مجال التراث بكافة أشكاله، وعملت الهيئة على تحقيق نقلة نوعية في قطاع التراث الوطني منذ استلامها الفعلي لقطاع الآثار والمتاحف في 18 ذي الحجة عام 1428هـ، وشرعت في وضع رؤية واضحة للعناية بآثار المملكة وتراثها الوطني، والاهتمام بحماية الآثار من العبث والتعديات وتوثيقها وتهيئتها والاستفادة منها، واستعادة الآثار الوطنية التي تمت حيازتها بطرق غير مشروعة من الداخل والخارج، وتسجيل المواقع الأثرية في قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو، وإبراز البعد الحضاري للمملكة ليضاف إلى الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية التي تعرف بها المملكة إضافة للتوسع في إنشاء المتاحف في المناطق والمحافظات.
استعادة آثار
أطلق سمو رئيس الهيئة في شهر محرم عام 1433هـ "حملة استعادة الآثار الوطنية"، برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وأسفرت جهود الهيئة عن استعادة أكثر من 47 ألف قطعة اثرية منها 17 ألفا من داخل المملكة، وأكثر من 30 ألفا من الخارج، مضى على اختفاء بعضها أكثر من 50 عاماً، وحققت نجاحاً كبيراً توجته الهيئة بإقامة معرض الآثار الوطنية المستعادة عام 1433هـ.
العناية بالتراث
يمثل مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الصادر بالأمر السامي الكريم رقم "28863" وتاريخ 21/7/1435هـ مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً، ينتظر أن يحدث نقلة نوعية في برامج ومشاريع التراث الحضاري الوطني الذي يشهد اهتماما ودعما كبيرا من مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، ويضم أكثر من 71 مشروعاً ضمن مجالات عمل الآثار، والمتاحف، والتراث العمراني، والحرف والصناعات اليدوية، إلى جانب المشاريع الأخرى التي تمول وتنفذ من قبل شركاء الهيئة وتندرج ضمن المشروع.
نظام الآثار
ومن أبرز الإنجازات المتعلقة بالتراث الوطني صدور نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 9/1/1436هـ والذي تضمن منظومة متكاملة من الأحكام والقواعد لتنظيم التراث الوطني وحمايته وتوثيقه وصيانته وتهيئته وتحفيز الاستثمار فيه وتفعيل مساهمته في التنمية الثقافية والاقتصادية، وقد أصدر سمو رئيس الهيئة قرارا باعتماد اللوائح التنفيذية للنظام تمهيدا لتطبيقه.
سجل الآثار
استفادت الهيئة من خبرتها التراكمية في مجال توظيف أنظمة تقنية المعلومات في خدمة الآثار الوطنية، والتحول إلى بيئة العمل الإلكتروني لتوثيق وإدارة مواقع التراث الوطني بكفاءة أكثر، فأنشأت "سجل الآثار الوطنية" عام 1432هـ، وهو يضم الآن أكثر من "7270" موقعاً أثرياً، ويجري العمل حالياً على استكمال تسجيل باقي المواقع الأثرية.
بعثات تنقيب
نفذت الهيئة الكثير من البرامج البحثية والأعمال الميدانية الأثرية من خلال فرق محلية ودولية متخصصة وباستخدام أساليب علمية وفيزيائية حديثة، حيث تنفذ الهيئة برنامجاً للتنقيب والمسح الأثري في كل مناطق المملكة نتج عنه حصر وتسجيل آلاف المواقع الأثرية، وتدير الهيئة 34 بعثة سعودية ودولية مشتركة في المواقع الأثرية، من خلال التعاون مع بعثات أثرية من فرنسا وإيطاليا وأمريكا وبريطانيا وألمانيا واليابان وبلجيكا وبولندا وفنلندا والنمسا.
تسجيل مواقع
بدأت الهيئة تسجيل المواقع السعودية في القائمة عندما صدر قرار مجلس الوزراء عام 1427هـ بالموافقة على تسجيل 3 مواقع ضمن قائمة التراث العالمي باليونسكو، وهي "مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية"، كما وافق المقام السامي على طلب الهيئة تسجيل مواقع الرسوم الصخرية بمنطقة حائل بقائمة التراث العالمي، وتم تسجيله يوم الجمعة 16 رمضان 1436هـ،، ليكون الرابع للمملكة في قائمة التراث العالمي وتعمل الهيئة على تسجيل 10 مواقع أخرى خلال السنوات القادمة، وهي «الفنون الصخرية في بئر حمى، قرية الفاو بمنطقة الرياض، واحة الأحساء، طريق الحج المصري، طريق الحج الشامي، درب زبيدة، سكة حديد الحجاز، حي الدرع بدومة الجندل، قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، قرية رجال ألمع التراثية بمنطقة عسير».
إنشاء وتطوير
وضعت الهيئة استراتيجية لتطوير القطاع، فربطت المتاحف بالمسارات والأنشطة السياحية في مناطق المملكة، وعملت على إنشاء 5 متاحف إقليمية في كل من "الدمام، والباحة، وأبها، وحائل، وتبوك"، وتطوير 6 متاحف قائمة في "تيماء، ونجران، وجازان، والأحساء، والعلا، والجوف"، بالإضافة لتطوير المتاحف القائمة، كما عملت على توظيف بعض المباني الأثرية والتاريخية التي تم ترميمها كمتاحف للمحافظات، ويبلغ عددها 15 متحفاً، كما تدعم المتاحف الخاصة لتكون مؤهلة لمزاولة نشاطها المتحفي واستقبال الزوار، ومنحت الهيئة حتى الآن تراخيص لـ"131" متحفاً من إجمالي المتاحف الخاصة التي تنطبق عليها معايير الترخيص.
روائع آثار
أسفرت جهود الهيئة عن إقامة معرض "روائع الفنون الإسلامية" بمتحف اللوفر، وإقامة 6 محطات ناجحة لمعرض "روائع آثار المملكة عبر العصور"، بدأت من متحف "اللوفر" الفرنسي، ثم مؤسسة "لاكاشيا" الأسبانية، ثم متحف "الأرميتاج" الروسي، فمتحف "البيرغامون" الألماني، ثم انتقل للعرض في خمس محطات بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد صدرت الموافقة السامية على استمرار إقامة المعرض بعدد من دول العالم.
حماية التراث
بدأت الهيئة تعاملها مع التراث العمراني بإيقاف الإزالة العشوائية، فنسقت مع وزارتي الداخلية، والشؤون البلدية والقروية لإيقاف عمليات الإزالة العشوائية لمباني التراث العمراني، ووضعت المعايير والأنظمة التي تحكم ذلك، وتم استصدار عدد من الأوامر والتعاميم؛ للحد من إزالة المباني التراثية، إلا بعد وقوف المختصين من الهيئة عليها، ونفذت الهيئة مسحاً ميدانياً أولياً، على مستوى المملكة بمشاركة الإدارات والمؤسسات المحلية في كل منطقة، وتم حصر حوالي "2000" موقع للتراث العمراني، ما بين قرى وأحياء ومراكز مدن تاريخية ومبان، وقد أوضحت الدراسات الأولية أن أكثر من "800" موقع من هذه المواقع قابلة للاستثمار، وأن 173 موقعاً قابلاً للاستثمار في الوقت الراهن.
تأسيس مركز
أنشأت الهيئة مركز التراث العمراني الوطني عام "1432هـ/ 2011م"، واعتمدت هيكله المؤسسي، وأسست إدارات للتراث العمراني بفروع الهيئة في المناطق، وتتويجاً للشراكة الناجحة والتنسيق المستمر مع وزارة الشؤون البلدية والقروية في مجال المحافظة على مواقع التراث العمراني وإعادة تأهيلها وتطويرها وتوظيفها اقتصادياً، وصدر قرار صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية بإنشاء إدارة للتراث العمراني على مستوى الوزارة، وعلى مستوى أمانات المناطق.
مواقع تاريخية
بادرت الهيئة بتأسيس "برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي" الذي يختص بمواقع التاريخ الإسلامي المرتبطة بالسيرة النبوية وعصر الخلفاء الراشدين في جميع مناطق المملكة، وتم تشكيل لجنتين للبرنامج، لجنة توجيهية ولجنة استشارية برئاسة سمو رئيس الهيئة، وعضوية مسؤولين ومتخصصين من جهات حكومية مختلفة، وشكلت لجنة متخصصة لحصر مواقع التاريخ الإسلامي في المنطقتين، وإعداد قوائم بمواقع التاريخ الإسلامي فيهما، ونتج عن المسح الميداني لمواقع التاريخ الإسلامي حصر "384" موقعاً، منها "266" موقعاً في المدينة المنورة، و"118" موقعاً بمكة المكرمة.
العناية بالمساجد
وافق مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه "39" على تأسيس "برنامج العناية بالمساجد التاريخية" في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ بهدف التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وعدد من الجهات ذات العلاقة في المحافظة على المساجد التاريخية في المملكة والعناية بها وإعادة تأهيلها، وإظهار قيمتها الدينية والحضارية والعمرانية.
سجل وطني
يعد البرنامج الوطني لتنمية وتطوير الحرف والصناعات اليدوية "بارع" تتويجاً لجهود الهيئة في هذا المجال، وتم تقدير أعداد الحرفيين والحرفيات استناداً إلى المسوحات الميدانية التي قام بها فريق الإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية لمختلف المناطق، ومعظم المحافظات والمراكز الإدارية في المملكة، حيث يمثل الحرفيون 13021 حرفياً يشكلون ما نسبته 63% من إجمالي الحرفيين فيما تمثل الحرفيات 37% بعدد 7542 حرفية.
أواسط المدن
يهدف مشروع تطوير أواسط المدن إلى المحافظة على الهوية العمرانية في أواسط المدن، وطورت الهيئة بالتعاون مع الأمانات والبلديات 6 مراكز مدن خلال عام 1435هـ، وهي "وسط أبها، ووسط جازان، ووسط نجران، ووسط تبوك، ووسط حائل، ووسط المجمعة"، تضم أكثر من "20" مشروعاً، كما تستهدف إضافة 10 مشاريع أخرى بنهاية عام 1436هـ، وبدأت الهيئة تنفيذ مشروع تطوير أواسط المدن في صفر من عام 1435هـ، على أن يستكمل المشروع خلال 3 سنوات.
شركة الضيافة
تمثل "الشركة السعودية للضيافة التراثية" التي تم وضع حجر الأساس لباكورة مشاريعها من خلال "فندق سمحان التراثي بالدرعية التاريخية"، إحدى أهم شركات الاستثمار السياحي التي عملت عليها الهيئة وتم إقرارها مؤخرا من الدولة، كما تأتي كأحد المشاريع الرئيسية لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وضمن مرحلة جديدة من دعم الدولة واهتمامها بالاستثمار في مواقع التراث العمراني ترسيخا لأهميتها في الذاكرة الوطنية، ولتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج.
بعثات سعودية ودولية للتنقيب الأثري بمناطق المملكة