قال مختصون في اقتصاديات الطيران: ان عوامل عدة ساهمت في انخفاض اسعار تذاكر الطيران عالميا بنسبة 4 % خلال الربع الاول من عام 2016م وفقاً لتقرير حديث صادر من الاتحاد الدولي للنقل الجوي «أياتا» حيث لعب تذبذب أسعار النفط دوراً بارزا في تراجع اسعار التذاكر بشكل خاص وفي اقتصاديات الطيران بشكل عام.
واوضح المختصون خلال قراءتهم الاقتصادية لتقرير الاياتا الصادر امس الاول ان العديد من شركات الطيران في الدول عمدت على ابرام عقود تحوطية للوقود بأسعار عالية من شركات الوقود وهذا الشراء الكمي كان ممنهجا لضمان الامدادات وتحاشي التقلبات المستقبلية للأعلى مما اثر عليها حاليا بتدني فاتورة الوقود على الناقلات الجوية. اوضح الدكتور سعد الاحمد المختص في اقتصاديات الطيران ان العوامل الجيوسياسية ليست وحدها اثرت على اسعار تذاكر الطيران وانما عامل الوقود كان مؤثراً على شركات الطيران فاليوم تدني سعر البرميل اسهم في تدني فاتورة الوقود على الناقلات الجوية مشيراً في الوقت نفسه الى ان الناقلات لا تشتري الوقود بأسعاره اليومية بل تعمد على الشراء بكميات مستقبلية من شركات الوقود وهذا الشراء الكمي يسمى منهجية التحوط لضمان الامدادات وتحاشي التقلبات المستقبلية للاعلى فكثير من الناقلات كانت لديها عقود تحوطية باسعار عالية وهذا يفسر البطء في تدني اسعار التذاكر.
وبين الدكتور الاحمد بان الوقود ليس الوحيد الذي يؤثرعلى الاسعار بل هناك عوامل اخرى اهمها العرض والطلب كما ان هناك تكاليف اخرى على الناقلات مثل الارتفاع المستمر في رسوم المطارات وتكاليف المناولة الارضية والعبور الجوي اضافة الى ارتفاع فاتورة التأمين جراء تزايد الاخطار بسبب النزاعات المستجدة في العالم.
واشار الدكتور الاحمد الى أن اسعار التذاكر سترى مزيداً من الهبوط في الفترة المقبلة خاصة في اوروبا والولايات المتحدة حيث التنافس على الزبون اما في الشرق الاوسط الاسواق غالبها موسمي وتحترف بعض الناقلات الكبرى في ادارة العائد حيث ترفع الاسعار بمنهجية تضمن امتلاء الطائرات بأفضل الاسعار ولذلك قد نرى اسعار اقل قليلا من العام الماضي للوجهات المفضلة مثل تركيا والنمسا وفرنسا اما الوجهات التقليدية القديمة مثل ماليزيا فقد يكون العرض اكثر من الطلب وبالتالي اسعار مغرية للتذاكر.
هذا وقد أكد الاتحاد الدولي للنقل الجوي «أياتا» «إن أسعار تذاكر الطيران العالمية هبطت بنحو 4 في المائة في أوائل 2016 ومن المتوقع أن تشهد مزيدا من الانخفاض». وأكدت المنظمة - التي تمثل نحو 260 شركة طيران تشكل 83 في المائة من النقل الجوي العالمي- «إن الطلب العالمي على رحلات الطيران ارتفع 4.6 في المائة في نيسان (أبريل) الماضي وذلك بوتيرة أسرع من نمو الطلب على الشحن الجوي الذي لا يزال في وضع صعب». ونما الطلب على الشحن الجوي - الذي يقاس بالكيلومتر لطن الشحن الجوي - 3.2 في المائة في نيسان (أبريل) الماضي، لكن توني تايلر المدير العام للاتحاد قال «إن النمو لا يعكس وضع السوق بشكل حقيقي».
وبحسب «رويترز» أضاف في مؤتمر صحافي عبر الهاتف «الحقيقة هي أن الطلب ضعيف وفقا لما نراه في أرقام التجارة العالمية ولا توجد أدلة تذكر على انتعاش وشيك».
وأدلى تايلر بتصريحاته قبل الاجتماع السنوي «لأياتا» في دبلن من الأول حتى الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، حيث سيقدم الاتحاد أحدث توقعاته لربحية صناعة الطيران في 2016. فيما ارتفع الطلب على السفر بالطائرات في نيسان (أبريل) الماضي بأبطأ وتيرة منذ كانون الثاني (يناير) 2015 تحت ضغط الهجمات على مطار بروكسل في آذار (مارس) وهو ما جعل الأمن تحديا رئيسا يواجه كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات الطيران في اجتماعهم هذا الأسبوع.
ورغم الدفعة التي تلقتها شركات الطيران من هبوط أسعار النفط إلا أن ضعف الاقتصادات وانخفاض أسعار التذاكر يسببان أيضا مشكلات للقطاع الذي يعمل في ظل هوامش أرباح هزيلة. ومن المرجح أن يحتل موضوع كيفية تحسين الوضع الأمني في أعقاب هجمات أخرى على وجهات معتادة للسفر مركزا متقدما على جدول أعمال الاجتماع السنوي لـ «أياتا» الذي ينعقد في الفترة من الأول إلى الثالث من حزيران (يونيو) المقبل في دبلن. وتتعرض شركات الطيران لضغوط أيضا لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، حيث سيناقش الرؤساء التنفيذيون مقترحات للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للطيران المدني «إيكاو» تتعلق بإجراءات دولية لتقليص الانبعاثات.
وقال توني تايلر مدير عام «أياتا» للصحفيين قبيل الاجتماع «إن القطاع يفضل برنامجا عالميا بدلا من أعمال متفرقة حول العالم». ويشكل الخروج المحتمل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي والانتخابات في الولايات المتحدة مبعث قلق أيضا، حيث حذرت الناقلات الأوروبية بالفعل من أن خروج بريطانيا ربما يؤدي إلى تراجع الطلب على السفر جوا. ومع انخفاض نفقات شركات الطيران جراء هبوط أسعار النفط إلا أن تراجع أسعار الخام مجددا دون 50 دولارا للبرميل يضر الاقتصادات في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وروسيا إضافة إلى قيام شركات النفط بتقليص نفقات السفر وهو ما أدى إلى هبوط الطلب على المقاعد في الدرجات المميزة.
وقال بريان بيرس كبير المختصين الاقتصاديين لدى «أياتا»، «لا يزال الأمر مقبولا فيما يتعلق بالأداء المالي لشركات الطيران لكن هشاشة الاقتصاد العالمي تشكل مبعث القلق الأكبر». ودلتا إيرلاينز وآي.إيه.جي المالكة للخطوط الجوية البريطانية ولوفتهانزا من بين الشركات التي قلصت خطط النمو للحفاظ على الأسعار.