أجمع مشايخ وأكاديميون، على أهمية دور المساجد في حملها رسالة نبيلة نحو توجيه الناس إلى الفضيلة والخلق القويم وحب الناس وكذا دورها الكبير في تربية الأجيال وصناعة الفكر وتقويم السلوك وبناء العقيدة، وأشاروا لأهمية انتقاء الأئمة والخطباء والدعاة وإعدادهم إعدادا راقيا من خلال ورش العمل وبرامج التدريب وتبادل الخبرات لتحقيق المأمول منهم حسب احتياجات الناس في مجال التربية الصالحة ونشر الفضيلة واحترام الآخرين ومحبة فعل الخير للناس أجمعين
ونوهوا الى أهمية التعاون الهادف بين القائمين على المساجد والمؤسسات التعليمية حتى يمكن تحقيق ما يأمله الوطن في أبنائه من سماحة في الخلق ووسطية في التفكير واحترام لحقوق الآخرين، مشيرين إلى أن التواصل بين المساجد والمؤسسات التعليمية وتدارس احتياجات الشباب والظواهر الاجتماعية المستجدة سيجعل لكلا الطرفين دورا أكثر فعالية في احتضان الشباب وتوجيههم إلى ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم.
«اليوم» طرحت أغلب المحاور على ضيوف ندوتها «مساجدنا في رمضان» التي عقدت في مكتب «اليوم» الإقليمي بمحافظة الأحساء، وفي البداية رحب مدير الندوة الزميل عادل الذكرالله بالحضور، ونقل إليهم تحيات رئيس التحرير الزميل عبدالوهاب الفايز على مشاركتهم في الندوة وشكر لهم اقتطاعهم جزءا من وقتهم للمشاركة في الندوة التي ستكون بلاشك من الندوات التي سيستفيد منها المجتمع باعتبار المشاركين فيها من الأكاديميين والمشايخ ولهم خبرة في التعاطي مع الكثير من القضايا الإسلامية والمجتمعية من مصلحة المجتمع. البحث عن إمام
البداية كانت مع ظاهرة البحث عن إمام مسجد ذي صوت جميل في رمضان أم البحث عن إمام يبث الاستشعار بروحانية رمضان ليخشع قلبه والمأمومون.. وأكد الشيخ ظافر الشهراني خلال مداخلته في هذا المحور أن الباب واسع في هذه المسألة وحضور الخشوع في الصلاة هو أمر ومطلب شرعي والبحث عن الإمام الذي يمتلك المواصفات المطلوبة لدى البعض هو يختلف من شخص الى آخر بحسب ظروفه الشخصية فربما يقصر في جانب أبنائه باحتضانهم والخوف عليهم وتعليمهم في رمضان بذهابه عن مسجد الحي بعيدا وهي مسألة تعود بالدرجة الأولى لمدى وعي الأب والذي يجب أن يراعي ظروفه في رمضان حتي لا يكون الأمر عكسيا عليه. تلاوة حسنة
فيما قال الدكتور عادل العبدالقادر: إنني لا أرى فيها محظورا شرعيا أو مانعا شرعيا محددا والقضية التي نذكرها هنا في البحث عن الأصوات والتلاوة الحسنة، وإذا كان يرى أن خشوعه وحضوره خلف إمام، فلا أرى ما يمنع خصوصا أنها تعينه على الخشوع، وما أخالف فيه هو البحث عن أئمة ينهون التراويح بأسرع وقت ممكن وهي مسألة فيها نظر. أمور شخصية
وينوه الشيخ عدنان العفالق إلى أن ترك مسجد الحي فيه هضم حق المسجد خصوصا إذا كان هذا الرجل من القدوات التي يشار لها بالبنان وأعني المصلي والذي يبحت عن مسجد آخر ويرى البعض من أهل العلم أن القدوة له حكم آخر وينبغي أن يلزم مسجده لأنه فيه تعزيز للمسجد والإمام كذلك، ناهيك عن أن الناس يتبعونه، وأرى أن القضية فيها اشكالية للمقارنة بين المشايخ وأحيانا قد تدخل فيها أمور شخصية وليس من صميم الصلاة، ناهيك عن الازدحام في البحث عن إمام وضياع الوقت في ظل أنه يمكن الاستفادة من الوقت ببر الوالدين أو قراءة القرآن وغيرها. أصوات جيدة
أما الدكتور ابراهيم بوبشيت فيقول: إننا اليوم يجب علينا أن نفكر في تعمير مسجد الحي ونحن في الواقع محتاجون الى مساندة امام الحي وبدلا من التنقل من مسجد الى آخر، ولماذا لا نساعد امام الحي في جلب اصوات، فهناك اصوات جيدة في الواقع، وأتصور أن من العيب بمكان أن نصلي كل الفروض وإذا جاءت صلاة التراويح نصلي في مسجد آخر، ومن هنا في اعتقادي أننا زرعنا البغضاء في نفوس الجميع وأوردنا الشكوك، ومن هنا يأتي دور جماعة المسلم الكبار والموجهين والمشايخ على عدم زرع هذه الأمور.
ومن هنا يجب أن نتابع الأبناء في مسألة الصلاة في رمضان وتوجيههم بأهمية الخشوع في الصلاة وعدم البحث عن التنقل من مسجد الى آخر فعمارة «مسجد الحي» مهمة. أربعة أسباب
ويؤكد الدكتور عبداللطيف الحليبي أن هناك أربعة أسباب وراء بحث المصلين عن الإمام في رمضان وهي، حسن صوته أو للخشوع بصوت الإمام المؤثر والثالث يبحث عن السرعة والرابع وهو المسجد ونظافته وتجهيزه، ولهذا موضع التدبر والخشوع مهم جدا في تصوري وهي فرصة جيدة للاستماع لتلاوة الإمام الجيدة. البيت والاسرة
وحول التعاون بين المساجد والجامعات والمعاهد في التعليم والتثقيف الاسلامي، يقول الدكتور عبداللطيف الحليبي: إنه قبل الحديث عن التعاون بين المساجد والمؤسسات التعليمية لابد من الاشارة أولا إلى أهمية الدور الذي يتحمله البيت والأسرة نظرا لأهمية المرحلة العمرية التي يمر بها الفرد في مرحلة الطفولة حيث يتفرد البيت والاسرة بتأسيس تلك الثقافة والمبادئ الاسلامية الصحيحة التي نسعى إلى تواجدها لدى الفرد في المجتمع من الايمان بالله سبحانه وتعالى والالتزام بتعاليمه والتمشي بما جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من صدق وصلة رحم ومحبة واحترام للآخرين وحفظ حقوقهم المادية والمعنوية مع تأسيس مبدأ الحوار الهادئ مع الآخرين وتعويد الفرد منذ طفولته على مبادئ النظافة والصحة والنظام واحترام الوقت والمكان وغيرها ولابد من حرص جميع أفراد الاسرة كبارا و صغارا على تطبيق تلك المبادئ الاسلامية أمام الطفل قولا وعملا. قيم نبيلة
واضاف د. الحليبي: إنه لاشك في ان تعويد الطفل على تلك القيم النبيلة والمثل السامية يحتاج من الوالدين و الإخوة وبقية افراد الاسرة ومن له علاقة بالطفل إلى حرص وانتباه ومتابعة مع التوجيه الصحيح والإرشاد المناسب لسن الطفل و ظروفه النفسية والاجتماعية والتعامل معه بالأسلوب المحبب لديه للوصول به الى القناعة والايمان بأهمية ما يقوم به من سلوك قويم وتصرف سليم وهذا يتطلب من الأسرة الأخذ بالمبادرة على التشجيع والتحفيز على ما يقوم به الطفل من إيجابيات بالجوائز والمكافآت كما لابد من العقوبة المناسبة لما يبدر منه من سلبيات في الأفعال او الأقوال، وليكن ذلك في حينه. ومما سبق يكون كما ذكرنا بالطبع في فترة ما قبل المدرسة وبذاك يتأسس الفرد منذ طفولته على تقبل السلوك الصحيح والفكر المستقيم وتكون لديه المناعة الذاتية في رفض السلوك الخطأ والفكر الضال، وتستمر حياة الفرد داخل أسرته بهذا الأسلوب وعلى هذه المبادئ الاسلامية الصحيحة. مبادئ سمحة
وبين د. الحليبي أن دور المدرسة يأتي لتشارك في المسيرة التربوية والتعليمية المتمشية وفق تعاليم ديننا الحنيف ومبادئه السمحة، الفرد في هذه المرحلة أصبح جاهزا ومهيأ للخروج الى المجتمع خارج إطار أفراد الأسرة و خارج أسوار المنزل. والمدرسة بصفتها المؤسسة التربوية والتعليمية النظامية التي تحكمها قوانين وضوابط ولوائح وتعليمات لابد ان تعتمد تلك الأنظمة والتعليمات على ما أشرنا إليه من المبادئ الإسلامية الصحيحة والقيم النبيلة المتمشية وفق الشرع المعتدل وما يحمله من تسامح مع الاخرين واحترام لارائهم، فالمدرسة أو المعهد أو حتى الجامعة لن تحقق شيئا من أهدافها النبيلة ولن تنجز شيئا من رسالتها السامية ما لم يكن المناخ داخلها ذا جو انفعالي سليم تسوده المحبة والصدق والصراحة والاحترام المتبادل بين الكبار قبل الصغار والقدوة الصالحة والعدالة بين أفرادها بصرف النظر عن انتماءاتهم المختلفة. احترام الوقت
ومن المهم أن يسود النظام الهادف واحترام الوقت داخل هذه المؤسسات التربوية بحيث تشمل كافة احتياجات افرادها حسب اعمارهم ومسؤولياتهم سواء كانوا معلمين او موظفين او طلابا او حتى أولياء الأمور، وهذه المبادئ السامية تتطلب قيادة تربوية واعيه بأهمية الدور الملقى على عاتقها عندما تتسلم مسؤولية تلك المؤسسة قيادة مدركة بالأهداف والرسالة النبيلة المطلوبة منها سواء كانت جامعة أو معهدا أو مدرسة.. قيادة لديها القدرة الأكيدة والمهارة الرصينة على خلق التوازن بين تحقيق الأهداف السامية لتلك المؤسسة التربوية ورضا افرادها ولن يتحقق شيء من ذلك ما لم يكن لدى قيادة تلك المؤسسات التعليمية مهارة تطبيق مبادئ العلاقات الانسانية النقية وما تحويه من قيم سامية بين أفرادها. صروح علمية
ويوضح د. الحليبي أن طلاب تلك الجامعات أو المعاهد هم المستهدفون بكل تلك الجهود المبذولة في تلك المؤسسات التعليمية إذ بدونهم لا داعي لتلك الصروح العلمية العملاقة وما تحويه من برامج وخطط تعليمية، ولذا يجب على تلك المؤسسات التعليمية أن تحرص على إعداد النشء إعدادا صالحا لا في الوقت الحالي فقط وإنما لما ينتظرهم من مستقبل بعيد وهذا يتطلب قيادة واعية لتلك المؤسسات مدركة احتياجات الوطن وفق رؤاه وخططه المستقبلية. جيل صالح
وفي بلد مثل المملكة العربية السعودية تصل نسبة الشباب فيه إلى أكثر من 60% من سكانها تتضاعف الجهود الهادفة وتتضخم الاستعدادات وتكثف الخطط المستقبلية وتوجه الرؤى الواعدة من أجل إعداد جيل صالح يخدم وطنه ويضحي من أجله.. ويبذل ما يستطيع لتحقيق ما يصبو اليه ولاة الأمر في هذا الوطن من تقدم وأمن و رخاء. وتكتمل دائرة الجهود المبذولة من اجل إعداد وتعليم وتثقيف جيل صالح برسالة المسجد المقدسة، ولما لهذه القدسية من مكانة محترمة في قلوب المسلمين لأنها بيوت الله وفيها تؤدى الصلاة أعظم شعيرة.. والركن الثاني في هذا الدين القويم وفق نظام إلهي دقيق تسوده الطهارة والنظافة والخشوع والتواضع واحترام العالم الجليل والشيخ الكبير.. ففي المسجد يقبل الناس على ربهم الكريم و خالقهم العظيم ليؤدوا فريضة الصلاة في هذا المكان الطاهر مع جماعة المسلمين والتي تفضل عن صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة مكافأة لهذا العبد وتحفيزا له للاصطفاف مع إخوانه المسلمين لأدائها ولما لهذا الاجتماع من فوائد عديدة في الدنيا وجوائز عظيمة في الآخرة.. فالصلاة صلة العبد بربه جل وعلا فيها يخشع القلب وتطمئن الجوارح وترتاح النفس.. وخلالها يتجه العبد إلى ربه وخالقه بالدعاء الصادق طالبا منه الجنة وكشف الغم وتفريج الهم وطلب العون قال تعالى «أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء». ميدان تطبيق
وينوه الدكتور الحليبي إلى أن المسجد يعتبر ميدانا مهما لتطبيق ما يتلقاه الطالب في جامعته او مدرسته او معهده بل ان المسجد وشعائره هي الاختبار والمقياس الحقيقي لما يتلقاه هذا الطالب من علوم نافعة وتوجيهات سديدة لصالح دينه ودنياه لذا لابد من التكامل والتنسيق بين المسجد والمؤسسات التعليمية لما يخدم النشء ويصلح شأنهم في الدنيا و الاخرة.. هذا التكامل وذلك التنسيق يجب ان يشمل جميع المسؤولين سواء عن المساجد او عن المؤسسات التعليمية بحيث يتفق مع الجوانب الايجابية لما فيه طاعة الله فيما أمر وفق ما جاء في كتابه العظيم والتمشي حسب ما امرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفق السيرة النبوية العطرة ودعم مبادئ حب الوطن والانتماء اليه والدفاع عنه والغيرة عليه وخدمته. ذلك التكامل الهادف والتنسيق المنظم يجب ان تصدر بها تعليمات وتنظيمات ممن هم في أعلى الهرمين للمؤسسات التعليمية ولشؤون المساجد حتى تأخذ الطابع الجدي بالمستوى المأمول، كما لابد من المتابعة الجادة لما هو مطلوب وتقييم مستواه واثره على الشباب مع تطويره وتحسينه حسب الحاجة والمتغيرات.. خصوصا و ان العالم يعيش في عصر توجهه تيارات مختلفة الاهداف والتوجهات وتتلقفها وسائل الاتصال التقني المختلفة لتصب ما لديها امام الشباب فإما يتلقونها قبولا واقتناعا او يتلقونها عزوفا ورفضا، وهذا حسب ما لديهم من حصانة تربوية فعالة.. حلقات دروس
والمعروف في التاريخ الاسلامي منذ عهد النبوة المطهرة الى عهد الخلفاء الراشدين واستمرارا للعصور الاسلامية المزدهرة لم يقتصر دور المساجد على اداء الصلاة المفروضة فقط، بل كانت تلك المساجد تقام فيها حلقات الدروس الشرعية واللغة العربية و ادابها.. وكانت بمثابة دور القضاء وإقامة المناسبات الاجتماعية.. لاشك ان التواصل بين المساجد والمؤسسات التعليمية وتدارس احتياجات الشباب والظواهر الاجتماعية المستجدة سوف يجعل لكلا الطرفين دورا أكثر فعالية في احتضان الشباب وتوجيههم فيما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم. اختيار الأئمة
لذا وكما يحرص المسؤولون على اختيار قادة المؤسسات التعليمية بالمستوى المأمول، فإنه لابد ايضا من حرص المسؤولين عن المساجد على اختيار الائمة والخطباء والدعاة ممن لديهم الوعي والادراك بما يحتاجه المجتمع، لا سيما الشباب من تنبيه هادف وتوجيه مقنع و اسلوب راق بحيث يكون الأثر الفعال في تثقيف الشباب الثقافة الاسلامية المبنية على سماحة هذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده وما يحمله من معان حضارية راقية تحث على طاعة ولي الأمر وحب الوطن والعمل على خدمته وتطويره والمحافظة عليه.. وحرمة بيوت الله ومن فيها والاقتداء بسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكيف كان تعامله مع اهله و اقاربه واصحابه وجيرانه والناس اجمعين على اختلاف مللهم واديانهم، فنحن نحتاج بل ونطالب دور العلم والعبادة لدينا باستثمار تلك السيرة العطرة مع تثقيف المجتمع بتلك التعاليم الاسلامية السمحة والتي جعلت من هذا الدين الرباني ينتشر على اصقاع الدنيا كلها شرقا وغربا.. تلك الثروة الحضارية الاسلامية التي تلقفها الغرب والشرق حتى اصبحوا على ما هم عليه من علم وقوة نحن اولى بتلك القوة وذلك العلم. قبلة المسلمين
فبلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومنبع هذا الدين وتعاليمه السمحة وقبلة المسلمين في مشارق الارض و مغاربها.. تستحق منا ان نكون قدوة في خلقنا وسلوكنا وتعاملنا مع انفسنا ومع الآخرين.. ولاشك ان هذا يتطلب كما اسلفت تكاملا هادفا وتنسيقا منظما بين القائمين على المساجد والمؤسسات التعليمية حتى يمكن تحقيق ما يأمله الوطن في أبنائه من سماحة في الخلق ووسطية في التفكير واحترام لحقوق الآخرين. تكوين الشراكات
ويؤكد الدكتور ابراهيم بوبشيت أن التعاون بين المساجد والجامعات والمعاهد في التعليم والتثقيف الاسلامي ضعيف جدا، وهذا يحتاج الى تكوين شراكات بين الجميع، داعيا للاستفادة من الطاقات في الجامعات في جميع التخصصات حتى يستفاد منهم ومن علمهم والامر المهم في الحقيقة مبادرة اساتذه الجامعات واصحاب الكفاءات ومن يسمح لهم بالمشاركة في انشطة المساجد لان المساجد لا تحتاج الى محاضرات فقط بل تحتاج الى توجيه وتعاون وتكاتف حتى نبني صروحا مليئة بالخير. رسالة نبيلة
وحول محور احياء الوطنية التربوية للمساجد في تربية الناس على الفضيلة وحب الناس يقول الدكتور عبداللطيف الحليبي: انه ولاشك ان للمساجد رسالة نبيلة نحو توجيه الناس على الفضيلة والخلق القويم وحب الناس من خلال احياء التربية الوطنية التي تهدف الى محبة الوطن والتضحية من اجله سعيا نحو تقدمه وازدهاره والذود عنه والمحافظة على مكتسباته والتقيد بأنظمته وقوانينه التي تحفظ حقوقه وحقوق مواطنيه. تبادل خبرات
ويضيف د. الحليبي: ان هذه الفضائل لا تأتي من خلال الحفظ والتلقين بل تحتاج الى أئمة وخطباء ودعاة لديهم الوعي بما يحتاجه الناس من توجيه حسب الظروف والمواقف وكذلك لديهم القدرة على الاقناع حسب مستوى ثقافة الحضور والمتلقين.. وهذا يتطلب كما ذكرنا حسن اختيار القائمين على هذه المساجد من أئمة وخطباء ودعاة والحرص على إعدادهم إعدادا راقيا من خلال ورش العمل وإقامة برامج التدريب وتبادل الخبرات وصولا نحو تحقيق المأمول منهم حسب احتياجات الناس في مجال التربية الصالحة ونشر الفضيلة واحترام الآخرين ومحبة فعل الخير للناس اجمعين.
وينوه الدكتور ابراهيم بوبشيت إلى أهمية التعريف بالمسجد وأن يكون هناك الوعي الاجتماعي ومعرفة الحقوق والواجبات في المجتمع من خلال المسجد خصوصا أن المسجد له دور كبير في تربية الانسان وتأثيره المباشر على خلقه وتعاملاته مع المجتمع وتصرفاته وأن النبي صلى الله عليه وسلم «قال: حق المسلم على المسلم ست...» إذا يجب أن نعرف ما هي الحقوق التي لنا وما هي الحقوق التي علينا وكذلك الوأجبات ويجب أن نعرف أن الحياة هي حياة تكامل والله سبحانة وتعالى قال في كتابة الكريم (سنشد عضدك بأخيك) ولذلك الكل يحتاج الى الآخر في أمور ولو كانت بسيطة في التعريف بعضنا البعض بالمسجد ودوره والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه» إذا الكل في حاجة إلى العون والمساندة، لهذا اقول إننا اليوم بجاحة الى توعية في هذا الاطار المليء بالتخطيط الاجتماعي حتى نصل الى سلم جميل، ولهذا تخرج عندنا ظواهر سلوكية تربوية فيها مشاكل منها الطلاق والسجناء والمخالفات المرورية والحوادث وازدياد قطيعة الأرحام كل هذا يحتاج الوعي في مجتمعنا. تلاوة القرآن
وحول محور تفعيل دور حلقات القرآن الكريم في شهر رمضان، يؤكد الشيخ ظافر الشهراني أن الاحساء تميزت بفضل الله في كثير من الجوانب ومن ذلك شهرة بعض مساجدها في الاهتمام بالقرآن قراءة وتصحيحا ومراجعته وحفظه وتدبره حتى صارت مضربا للمثل على مستوى الخليج، والمساجد تولي مزيد اهتمام بالقرآن في رمضان لأنه شهر القرآن الذي قال الله فيه: (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ))، وبرامج القرآن في رمضان وغيره من أهم قنوات الإصلاح والتأثير التي يمكن للإمام من خلالها خدمة جماعة المسجد وأبناء الحي فمن خلالها تفعل الطاقات ومن خلالها تبنى جسور المودة والثقة والتواصل مع أهل الحي أسرا وأفرادا ومن خلالها تعالج الانحرافات السلوكية والفكرية. والتنويع في البرامج والأساليب مهم جدا لمراعاة أحوال الناس واختلافاتهم فما يناسب هذا قد لا يناسب الآخر ومن تلك البرامج التي يمكن تفعيلها في رمضان حلق قرآنية وكلمات وعظية عن القرآن وأهمية تعلمه وحفظه وتدبره ودروس في التفسير والتجويد ومسابقات ورقية تهتم بالقرآن للأسر يشارك فيها الصغار والنساء وكل أفراد الأسرة ومشاريع تفطير الصائمين بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية.
اهتمام شخصي
بينما يرى الشيخ عدنان العفالق أن رمضان هو شهر القرآن وبالتالي فليس مستغربا ان يكون القرآن هو النجم في رمضان من ناحية الاهتمام الشخصي من كل مسلم او المؤسسات الخيرية وبمشاركة واضحة من أهل الخير من رجال الأعمال ولهذا نرى عدة جوائز بأسماء رجال وأسر كلها تتشرف ان يقترن اسمها بكتاب الله خدمة وتوعية وتعليما، ويبقى تشجيع الأهل لا سيما الوالدين لابنائهم وبناتهم على قراءة القرآن والإكثار منه في الشهر الفضيل وقراءة التفسير قدر المستطاع، ومن اهم الطرق للتشجيع هو أن يكون الوالدان قدوة لأولادهم فيرونهم منكبين على قراءة القرآن مع التشجيع اللفظي الحنون وربما ساغ ان تثار المنافسة بين الأولاد عن طريق الجائزة لمن يقرأ اكثر والثناء لمن يتنافس وهكذا تتضافر الجهود من الداخل والخارج.
تحصين الشباب
وطرحت الندوة محور دور المساجد والجوامع في تحصين الشباب ضد الأفكار المنحرفة، واكد خلاله الشيخ عدنان العفالق أن المسجد له دور كبير جدا في تربية الأجيال وصناعة الفكر وتقويم السلوك وبناء العقيدة وغير ذلك من اساسيات بناء الشخصية الاسلامية القويمة، ولكن المسجد ليس متفردا في الساحة فهناك مؤسسات رائدة تعمل وتخدم المجتمع كالمدارس والمعاهد والجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية والتربوية المتعددة، ولهذا فانه من الأهمية بمكان ان يكون هناك تنسيق وتعاون بين كل تلك الجهات بما فيها المسجد، والسؤال هنا هل حصل اجتماع ونقاش بين أئمة المساجد وارباب تلك المؤسسات عن ماذا يمكن ان يقدم المسجد وما لا يستطيع ان يقدمه وكذلك ما يمكن ان تقدمه المؤسسات وما لا يمكن ان تقدمه.. ولا بد ان يكون هناك تعاون وتنسيق وتكامل بين الأدوار لا ينبغي ان تعيش كل مؤسسة وكأنها في جزيرة منفردة او كأنها الوحيدة التي ينبغي ان تقف امام الامواج، الكل مسؤول ومن بينهم امام المسجد ان يطرح الموضوعات التي تلامس نمط تفكيرهم ولابد ان تتجاوب موضوعات الوعظ والإرشاد والكلمات القصيرة والدروس والخطب لما يحدث من اخطار تهدد بناءهم الفكري وبالتالي نهجهم السلوكي، هناك الكثير من الموضوعات التي يمكن ان تناقش ويتم من خلالها توضيح وسطية الاسلام التي هي وسط بين الجفاة والغلاة، ومن الأمور التي ينبغي أن نلفت النظر اليها هي اننا اذا أردنا ان نقوي جانب المسجد ودوره في المجتمع ان نفسح له في التعامل مع الحياة اليومية للناس فيتجاور المسجد للأفراح والأتراح والاخفاق والنجاح ومشكلات الاسرة والأفراد. بالطريقة المناسبة وبما لا يخرج بالمسجد عن دوره الأساس وهو المكان المناسب للصلاة وقراءة القرآن والذكر.
واضاف الشيخ الفعالق: انه هنا يمكن ان نتوقف امام العلاقة بين المسجد والروضة ثم المدرسة، هل هناك منهجية لتقوية العلاقة؟ هل هناك خطة لتعزيز حضور المسجد في وجدان النشء منذ نعومة أظفارهم يقوم عليها تربويون وأكاديميون وشرعيون؟ لابد من عودة المسجد لدوره الأساسي في التوجيه والقيادة لابد ان تشعر ان هناك محاولة لاختطاف دور المسجد من قبل مجاهيل الانترنت او المتسلحين بسلاح الاعلام المضلل، بينما المسجد هو المصدر الأكثر أمنا لانه يعمل مع المجتمع نفسه وامام أنظاره وانظار الرقابة والمسؤولية، بكل شفافية ووضوح، ويشير الدكتور عادل العبدالقادر إلى أن المساجد بيوت الله قال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} وفي الحديث (إن بيوت الله في الأرض المساجد وزواره عمارُها..).
المسجد هو في الأصل الذي يحفظ الشباب من كل شر وسوء، ومن كل انحراف مهما كان نوعه وحجمه والانحراف جهل وضلال والمسجد منارة العلم والتعلم، فهو خير ما يحمي الشباب ويحفظهم.
ويقول الدكتور العبدالقادر: أنا أجزم بأنه لا يوجد أي منحرف ولا انحراف خرج أو تربى في المسجد لأن المسجد للصلاة وقراءة القرآن وتعليم العلم الشرعي وكل صلاحٍ وإصلاح في حياة المسلمين إنما تنطلق ويتعلمها الناس في المساجد. المشاهد شاهد، هؤلاء العلماء والأساتذة والمبدعون والمنجزون والصالحون من أين تخرجوا؟ أليسوا من المساجد؟ وهل يستطيع أحد أن يقول إنما تخرجوا من شوارع وملاعب واستراحات؟!
والعكس بالعكس فأصحاب المنكرات والمسكرات والمخدرات والضلالات والخرافات والتدمير والتفجير هل يستطيع عاقل واع أن يقول إنهم تخرجوا من المساجد؟! المساجد مفتوحة بنورها ووضوحها بلا خفاء ولا ظلام فمن يستطيع اتهامها أنها سبب انحراف وتخريج منحرفين؟ الخطر كل الخطر في إبعاد الشباب عن المساجد وجعلهم يبحثون عن أوكار يشبعون فيها غرائزهم، وينفذون رغباتهم في الخفاء المظلم، دون توجيه وجيه من كتاب الله تعالى،ولا هدي رسوله صلوات الله وسلامه عليه، ليصبحوا لقمة سائغة سهلة لأصحاب الأهواء والانحرافات الفكرية والمنهجية والسلوكية، والأغراض السلبية المنحرفة الضالة عقديا، ومنهجا وسلوكا، فإذا تكون لدينا جيل منفلت لا يلتزم بأمر الله والرسول فلن يلتزم بأمر ولاة أمره وإمامه!! فهو عدو الانضباط والتقيد والالتزام!!
ويضيف الدكتور العبدالقادر: لذا ينبغي علينا أن نعيد دور المساجد في الأحياء السكنية حتى نرجع الشباب إليها، ونجعلها البيئة الجاذبة لعنصر الشباب بالذات.
المسجد ساحة ظاهرة مرآة ساطعة والذي يتعبد فيه لا يمكن أن يضمر شراً أبداً.
أصحاب الأفكار الهدامة لا يمكن أبداً أن ينطلقوا من المساجد، مستحيل لأن المسجد هو الذي يقوم الأعمال والأفكار. كل الضالين والمنحرفين انطلقوا من جهاتٍ أخرى غير المساجد.
في المسجد يتعلم الشباب الانضباط والاحترام والرحمة والشفقة ويتعلمون التعبد الصادق لله رب العالمين يتعلمون اتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويتعلمون منهج الوسطية واحترام الآخرين، يتعلمون حقوق الجار والجوار والرفق حتى بالبهائم والحيوانات ويتعلم المواساة والمساواة فلا فضل لعربي ولا أعجمي إلا بالتقوى ويتعلم كيف يعرف حرمة المؤمن واحترام الكبير والعطف والشفقة على الضعيف ويتعلم مساعدة الآخرين، وحرمة الدماء، وحقوق الجميع حتى الكفار.
مكتسبات عامة
وعن البرامج المنبرية المقترحة خلال شهر رمضان اكد الدكتور عادل العبدالقادر أنه يجب على الأئمة والخطباء النزول إلى مستوى الشباب والعامة ليأخذوا بأيديهم وليصعدوا بهم للعلو والسمو ويجب على الخطيب أن يتطرق لأوضاع الشباب لإصلاحها مع المدح دون القدح والابتسامة بدل الملامة ويجب على الخطيب أن يقبل الشباب ويوجههم على أنهم شبابٌ لهم خصوصياتهم ورغباتهم المناسبة لهم ولا تطالب الشاب بما يُفكر فيه كبير السن الشيبة، فلكل حياته ومجتمعه وتفكيره المناسب له ويجب على الأئمة جذب الشباب وتكليفهم بأعمال تطوعية داخل المسجد مما تميل نفوسهم إليه، فيعتادون على الأعمال التطوعية التي تربي نفوس الشباب على حب الآخرين، ومساعدتهم، وبالتالي سيتربى على المحافظة على المكتسبات العامة وأملاك الدولة والآخرين.
كبار السن
ويحب على الإمام أن يشارك الشباب ويحتفل بإنجازاتهم ونجاحهم المدرسي مثلا وغيرها، حتى يكونوا مقبلين عليه، متقبلين له ويجب أن نجعل المسجد بيئة جاذبةً للشباب بما يباح ويسمح به شرعاً، حتى وإن لم يتقبله مجتمع كبار السن وتفكيرهم.
• الشباب طاقة جبارة، ومستعدة لما توجه له، فإن وجهت للنفع نفعت وأبدعت، وإن استغلت في الشر دمرت وأهلكت الحرث والنسل، وإن تركت صارت هائمة ضائعة تنتظر من يتلقفها ليستغلها فيحولها مضرة و شراً.
فرصة سليمة
وأضاف الدكتور العبدالقادر: ولذا فإني أنادي كل مرب ومسؤول واقول: أعيدوا دور المسجد في أحيائكم ليرجع الشباب إلى ربهم سبحانه و تعالى، واحتووا الشباب، واجلسوا معهم، أعطوهم الفرصة ليظهروا كل ما في نفوسهم، اجعلوهم يتكلمون أمامكم وينثرون مكنونهم بحضرتكم ويخرجون بل ويخطئون وأنتم تستمعون وتشاهدون، لتكون الفرصة السليمة للتوجيه والإرشاد والتوضيح، مع مراعاة أحوالهم، فما كان مباحا قبلناه منهم حتى وإن لم نقتنع به، وإن كان فيه خلاف مقبول سائغ وسعنا أفقنا لهم، وإن كان إثما وحراما بيناه بالأسلوب المناسب المحبب لا المنفر، مع اجتهادنا لإيجاد البديل، فهم أولادنا ومستقبل بلادنا فإن طردناهم تلقفهم أعداؤنا ليطعنونا بهم ويدمروا بلادنا بأفكارهم.
##متابعة ورصد:##
عبداللطيف المحيسن
##المشاركون:##
د. عبداللطيف بن حمد الحليبي عميد كلية المعلمين سابقا
د. عادل بن عبدالله العبدالقادر أستاذ الفقه المقارن المساعد في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء
د. الداعية إبراهيم بوبشت
الشيخ عدنان بن عبدالله العفالق إمام جامع العفالق بالمبرز
الشيخ ظافر بن عبدالله الشهراني إمام جامع الخويلات
حوار باسم بين المشاركين
د. بوبشيت - د . الحليبي - المحيسن - الذكرالله
جامع جمال الملحم من الداخل
جامع جمال الملحم بعد إعادة بنائه