منذ الحلقة الأولى أجمعتُ مثل كثير من المشاهدين على أن «برنامج الصدمة» أحد أجمل البرامج التليفزيونية الرمضانية الذي يجمع بين فكرة الكاميرا الخفية والهدف الانساني النبيل، ولهذا كنت أنتظر حلقة الأشخاص ذوي الإعاقة التي تم الإعلان عنها، خاصة أننا نعرف أن الناس تعتمد على وسائل الإعلام بالدرجة الأولى في معرفة ما تجهله عن ماهية الإعاقة وفئاتها، ورأينا أن حلقة كهذه إحدى هدايا رمضان للأهالي الذين تعبوا من العمل على توعية الآخرين والدفاع وحدهم عن حقوق أبنائهم.
بالتأكيد شعرت بالسعادة تجاه ردود فعل المجتمع الايجابية نحو المشهد التمثيلي في الحلقة، إلا أنني لم أستطع أن أخفي غضبي بسبب المعلومات الخاطئة التي تم ذكرها عن الأشخاص ذوي متلازمة داون التي لا أرغب في تعدادها هنا، بل سأتوقف فقط عند خطأ المصطلح وعنوان الحلقة «إهانة منغولي»!!!.
يعلم الكثير منا بأنه لم يعد يستخدم منذ سبعينيات القرن الماضي مسمى (منغولي) الذي ظهر كتعريف في التقرير الأولي لتقديم حلقة البرنامج. وكان من الأجدر بمعدي الحلقة استشارة المختصين أثناء الإعداد، أو إشراك أحد الآباء المتطوعين في مجال حقوق ذوي الإعاقة على أقل تقدير، حيث لا يحق لنا أبدا أن ننسب شخصا إلى شعب أو أمة لكون ملامحه تتشابه معهم، لهذا قامت دولة «منغوليا» منذ زمن طويل بالشكوى لدى الأمم المتحدة من أجل القضاء على هذا الاستخدام التمييزي والعنصري ضدهم، حيث اجتمع 18 عالم جينات على أن «المنغولي» اسم مضلل ويجب تغييره والاعتماد على مسمى «متلازمة داون» نسبة الى مكتشف المرض «جون داون»، وعلى أساس ذلك منعت منظمة الصحة العالمية استخدام مصطلح «منغولي» رسميا عام 1965م، كما ناشدت الأمم المتحدة جميع دول العالم بضرورة التوقف عن استخدام هذا المسمى، مشيرة إلى أن الدول الأوروبية أصبحت تقاضي كل مَنْ يستخدم كلمة «منغولي».
تعلمون أن الكلمات التي نستخدمها لوصف الاشخاص تبلغ رسالات قوية وواضحة ومباشرة، لذلك علينا أن نشير الى الشخص أولا كإنسان قبل تصنيفه وتشخيصه بإعاقته. فالأطفال والكبار من ذوي متلازمة داون يسمعون ويفهمون ما نقوله وما ننعتهم وما نناديهم به.
ولأنه من البدهي معرفة أن اللغة التي يستخدمها الإعلام تعكس مدى احترامنا الأشخاص واستعدادنا للتعامل معهم وفق مبادئ حقوق الانسان وقواعد تكافؤ الفرص للجميع، فإنني أطالب بأن يقوم «برنامج الصدمة» بإعادة نشر الحلقة من جديد، لكن بعد تغيير وحذف كل المعلومات الخاطئة التي جاء ذكرها، لأنني مؤمنة بأن هدف البرنامج كان عونا ومعينا لكل مَنْ وثق فيه وفي انسانية مسعاه.
كما أنني مؤمنة أيضا بأن جميعنا يرتكب الأخطاء وينساها، لكن الانسان الحقيقي هو مَنْ يبادر بتصحيح ما قام به مهما كلفه الأمر.