لا يزال أكثر من 170 ألف بريطاني، تم تشخيص إصابتهم بمرض السرطان قبل نحو 40 عاما، أحياء حتى الآن، وذلك حسبما أشار تقرير لمنظمة ماكميلان لمكافحة السرطان. وقالت المنظمة إن عدد الأشخاص الذين يرجح بقاؤهم على قيد الحياة لمدة عقد من الزمان بعد تشخيص إصابتهم بالمرض قد تضاعف، وذلك مقارنة مع فترة بداية السبعينيات من القرن الماضي.
وأضافت أن تحسن العلاج وسرعة التشخيص من ضمن أسباب ذلك. لكن المنظمة حذرت من أن السرطان قد يترك حزمة من الآثار الجانبية، مثل الاكتئاب والصعوبات المالية. ويقول التقرير، الذي صدر بعنوان «السرطان قديما وحاليا»، إن ربع عدد الناجين سيحتاجون لمساعدة في بعض الأمور، على المدى الطويل.
وقالت هيلين تاسكيران لبي بي سي إنها عانت من الاكتئاب، بعد إصابتها بمرض السرطان، وفقدت العديد من فرص العمل بسببه.
وشخصت إصابة هيلين بمرض سرطان الأمعاء عام 1991 وشفيت منه، لكن منذ ذلك الحين شخصت إصابتها بأربعة أنواع أخرى من السرطان، من بينها سرطان الثدي والجلد والرحم. وقالت: «لقد تركتني هذه الأنواع من السرطان وقد تورمت ذراعاي وساقاي، وعانيت الاكتئاب أحيانا، وترددت في الإقبال على وظائف أخرى». وكان لدى هيلين طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، حين تم تشخيص إصابتها بالمرض للمرة الأولى. وتقول: «احترامك لذاتك يتناقص، وتتساءل إذا ما كان الناس سيشكلون رأيا سلبيا بشأنك». وأضافت: «لقد أجريت مقابلات من أجل التوظف، وتم استبعادي بسبب إصابتي بالسرطان، الأمر الذي زاد من اكتئابي، كما عرض علي العديد من الوظائف، لكن حينما كنت أملأ البيانات الطبية تختفي الوظيفة فجأة حتى قبل أن تبدأ».
وقالت منظمة ماكميلان لمكافحة السرطان إن نحو 625 ألف شخص يعانون حاليا من الاكتئاب في بريطانيا، بعد علاجهم من مرض السرطان.
غريغ تروت شفي من السرطان في عمر السابعة ومرة أخرى في عمر الثلاثين، لكنه يقول إن الجزء الأسوأ في معركته كان بعد شفائه للمرة الثانية تماما. ويقول تروت إنه أصبح «مسيطرا عليه القلق، والخوف من عودة السرطان مرة أخرى، أو الخوف من أنه ربما لم يغادر السرطان جسمه من الأساس».
ويقول تروت، الذي يبلغ الآن من العمر 37 عاما ويقيم في جنوبي غرب لندن: «لقد شعرت بالذنب والغضب من نفسي». ويضيف: «في بعض الأحيان كنت أتساءل هل أنا جاحد لأني غير راض بعد شفائي من السرطان، في حين أن الكثيرين غيري لم يتعافوا». وتقول البروفيسور جين مار المدير الطبي لمنظمة ماكميلان لمكافحة السرطان: «نرى الآن عددا أقل من الآثار الجانبية الضخمة، مثل تزايد مخاطر الإصابة بنوبات قلبية أو السكتة الدماغية، التي رأيناها بعد العلاج في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي». وتضيف: «لكن بعض الآثار الجانبية التي يعتبرها الأطباء صغيرة، مثل الإجهاد وضعف التحكم في الإخراج، يمكن أن يكون لها تأثير عميق على جودة الحياة لدى الشخص».
وأردفت: «للأسف ليس هناك علاج متاح للسرطان حتى الآن لا يحمل مخاطر وجود آثار جانبية».
وتقول المنظمة إنه بالرغم من تزايد عدد الأشخاص الذين يعيشون مدة أطول مع مرض السرطان، إلا أن هناك حاجة لمزيد من الجهد لضمان حصولهم على الرعاية الصحيحة.
وتقول المنظمة إنها قد تطورت من مجرد كونها منظمة، تضم حفنة من الممرضات اللائي يقدمن الرعاية للمرضى في مرحلة آخر الحياة، وذلك في السبعينيات من القرن الماضي، إلى منظمة أكبر بكثير تتضمن حتى مستشارين للشؤون الصحية. وقال وزير الصحة البريطاني، جيرمي هانت، إن حقيقة أن أشخاصا أكثر يتعافون من مرض السرطان «خبر رائع»، ويثمن عمل هيئة التأمين الصحي البريطانية، التي تجري عمليات التشخيص والعلاج والرعاية لمساعدة المرضى. وأضاف: «أعلنا العام الماضي أنه بحلول عام 2020 فإن الأشخاص المصابين بالسرطان في انجلترا سوف يستفيدون من حزمة علاج مصممة خصيصا للأفراد». في غضون ذلك، رحبت حكومة ويلز بهذه التطورات، لكن متحدثة باسمها قالت: «إن عدد الأشخاص الذين يعانون من السرطان طيلة حياتهم في تزايد، وهذا يشكل ضغطا على موارد التأمين الصحي». وأكد نيل باري من معهد أبحاث السرطان في بريطانيا ضرورة استمرار التركيز على «العلم الرائد على مستوى العالم لتحسين الوقاية والتشخيص والعلاج، خاصة بالنسبة لأنواع السرطان الأكثر صعوبة في علاجها مثل سرطان الرئة والمخ والبنكرياس».