أشار مختصون ومحللون اقتصاديون الى أن موافقة مجلس الوزراء على تنظيم مجلس شؤون الأسرة وإسناده إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية برئاسة وزيرها، سيعمل على زرع الأهداف والنتائج الاقتصادية المرجوة للرؤية التنموية في الأسر السعودية ودوره الكبير في البناء الاجتماعي والالتزام القيمي للأسر، الذي يوجه فكر الأسر إلى النهوض من خلال تنشئة الأطفال تنشئة اقتصادية عملية سليمة.
منعطف تاريخي
وقال الخبير والمستشار الاقتصادي يحيى السراج: إن ما يمر به المجتمع السعودي في مسيرته التنموية في منعطف تاريخي يأخذه في نقلة نوعية تغير نمط حياته، وبما ان الأسرة السعودية هي نواة المجتمع، فالمسؤولية تقع على عاتق الأسرة لتقوم بتوعية الأجيال الجديدة بأهمية الاقتصاد بكل ابعاده، ويوجد دور كبير على عاتق المدارس لتوعية الأبناء والبنات بأهمية العمل المهني والتخلص من نظرة المجتمع الى المهنيين، فأهمية النجار والحداد والممرضة وما شابه ذلك من مهن هي على أهمية العمل المكتبي نفسه، ويكون ذلك بوضع أمثلة في المناهج التعليمية تبين وتبرز هذه الأهمية للطلاب من سن مبكرة لينشأ الطالب، وهو يفخر بأبيه الخياط او الحلاق ولا يُعيب هو نفسه ان وجد في نفسه الميول لهذا العمل ان ينطلق اليه بفخر واعتزاز، موضحا دور المساجد لما يمتاز به المجتمع السعودي المحافظ ليتعاطى مع هذه المواضيع في خطب الجمعة، خصوصا فيما يتعلق بالترشيد والتركيز على العادات وأنها بأهمية العبادات نفسها في ديننا الحنيف. وأوضح السراج ان تعزيز ثقافة الكسب الحلال داخل الأسرة يبدأ في عمل مشاريع صغيرة يقوم بها الأبناء ويكافئهم عليها الأهل او ان يوكل الأبناء بمهام مقابل اجر معين.
مفهوم شؤون الأسرة
وأشار عضو الجمعية السعودية للاقتصاد عبدالله المغلوث الى أن مجلس شؤون الاسرة سوف يحقق بيئة اقتصادية للأجيال من خلال الاستفادة بالأوقات، حيث يقع على عاتق الاسرة دور كبير ومهم في البناء الاجتماعي والالتزام القيمي، حيث تلعب الاسرة الدور المؤثر في المجتمع والنهوض به وتجعل مكوناته متماسكة من حيث مسؤولياته بل يُوجد حراكا اقتصاديا من خلال تعاقب الاجيال، بل واعداد الاسر من خلال انشاء لجان متخصصة في الحفاظ على مكونات الاسرة ولكي نحرك هذا المفهوم الاقتصادي علينا ان نعرف الاجراءات والآليات من خلال اللائحة التنفيذية والتنظيمية لهذا القرار، كما نعلم ان هناك اشكاليات كبيرة تحملها الاسرة ومن اهمها قضايا العنف الاسري ومعدلات الطلاق وغيرها من اشكاليات وهذا هدر في الاموال عندما يكون هناك تفكك في هذا المفهوم وعندما نعزز مفهوم هذا المجلس يعني القيام بالتوعية بأهمية التربية الاقتصادية لدى الطفل، الذي ينبغي عليه تعزيز مكان الاسرة وخلق مبادئ تعزيز الاقتصاد من عدم الاسراف وهدر الاموال. وذكر المغلوث عن أهمية ان يكون دور مجلس شؤون الاسرة أن ينقل الثقافة في الحفاظ على مدخرات المجتمع واقتصاداته من خلال ورش عمل ودورات ولقاءات اجتماعية، بل يبقى ان يكون هناك دور كبير وشراكة حقيقية بين المجلس والجمعيات الخيرية والمؤسسات التربوية والتعليمية والجامعات لتحقيق مفهوم شؤون الاسرة ليس فقط للتوعية، وانما للبحث عن مصادر ريعية تتحول لاقتصاد يدر مدخولا للأجيال القادمة من خلال المجلس.
مجتمع استثماري واقتصادي
وقالت المحللة الاقتصادية والمهتمة باقتصادات الاسر ريم أسعد: من الضروري أن يكون دور مجلس شؤون الأسرة تنفيذيا حتى تتضافر جهود المجلس مع وزارة التعليم لتعزيز التربية الاقتصادية لدى الطفل في المدارس، كتوفير حصة أسبوعية أو برامج دورية توعوية وترفيهية تتضمن توصيل الفكرة الاقتصادية، واعطاء دورات مكثفة للمعلمين لتوصيل أهم المفاهيم الاقتصادية للطلاب والطالبات، مبينة مساهمة المجلس بالعديد من الحلول الاجتماعية بالدرجة الأولى كالحد من ظاهرة الطلاق والتفكك الاسري وتقليل ظاهرة العنف الاسري، وتحسين السلوكيات التربوية للأطفال، ومن ثم سيؤثر هذا على الجانب الاقتصادي في تنشئة الاطفال ببيئة متماسكة اجتماعيا تعمل على إيجاد البيئة الاقتصادية الجيدة لبناء مجتمع استثماري واقتصادي. وأشارت أسعد إلى أن المجلس لابد أن يأخذ بعين الاعتبار تمويل المشاريع، التي تدعم التربية الاقتصادية للطفل كالفعاليات والبرامج، التي تهتم بتعزيز الثقافة لدى الاسرة والطفل، وفي حال كونه مجلس استشاري سيبقى دوره منحصرا في تقديم استشارات، موضحةً عن وجود العديد من الاولويات، التي سيتناولها المجلس، سيكون التوعية الاقتصادية أحد أهمها، ويجب تضافر الجهود فيها بالعديد من الوزارات، من أهمها وزارة التعليم.
الاستقرار السياسي
وكشفت المستشارة التربوية في البرامج والمشاريع بالمنظمة العربية للهلال الأحمر والمهتمة بقضايا الطفل العربي هوازن الزهراني أن اهتمام المملكة بدور الاقتصاد نابع عن مؤشرات عالمية تتحدث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي للمملكة، وكونها واحدة من أكبر 20 اقتصادا في العالم، ومساهما رئيسا في تنمية اقتصادات دول العالم سواء بالصناعات البتروكيماوية أو بتصدير النفط، وتأتي الموافقة على إنشاء مجلس شؤون الأسرة، كونها اللبنة الأولى لبناء التربية الاقتصادية والعملية في الاجيال الجديدة، مبينة أهمية دور الأسرة في التربية، التي تمتلك زمام النهضة التنموية والحضارية والاقتصادية. وأبانت هوازن أن من أسباب نهوض الامم هو اهتمامها بأهم ثلاثة مجالات: الاستقرار السياسي، والنهوض الاقتصادي، والتماسك الاجتماعي والاخلاقي.
