يعلّق خبراء بالشأن الخليجي آمالا عريضة على نتائج قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في نسختها السابعة والثلاثين وتوصياتها المرتبطة بالملفات الاقتصادية الرئيسة بما يخدم دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك في مجال التنمية المستدامة.
وأبدى الخبراء في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا) تفاؤلهم من إمكانية ان تحوّل قمة البحرين، مشروع العملة الخليجية الموحدة من حلم الى حقيقة، وان تكون الانطلاقة الحقيقية لـ «الدينار» أو «الريال» الخليجي، بفضل التوافقات العديدة بين دول مجلس التعاون على مستوى السياسات النقدية والتشريعات.
وأكد الخبراء ان دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على تحقيق المزيد من المكتسبات الاقتصادية رغم التراجع المستمر لأسعار النفط والإجراءات المالية التقشفية وخفض الإنفاق. وشدد الخبراء على أن تعامل دول مجلس التعاون الخليجي بمرونة مع أزمة أسعار النفط يعتبر خير دليل على مدى قدرتها على التحول لسادس أكبر قوة اقتصادية في العالم في المستقبل المنظور بحكم القواسم المشتركة الكثيرة التي قل نظيرها على مستوى المنطقة والعالم.
يذكر أن مجلس التعاون الخليجي قد شكّل منذ نشأته عام 1981، واحداً من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم، حيث قدر حجم اقتصاد المجلس نهاية عام 2014 حوالي (1.7 تريليون دولار)، متقدما بذلك على اقتصاديات كثير من الدول الصناعية فقد احتل المرتبة 12 على مستوى العالم، ومستحوذاً على ما نسبته 35.4% من حجم الصناديق السيادية حول العالم حيث تقدر موجوداتها لـ 2.3 تريليون دولار.
###قضايا اقتصادية ملحة
وأعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة لندن متروبوليتان في المملكة المتحدة، الدكتور سعيد شحاتة عن أمله في أن تركز قمة البحرين أكثر على الملفات الاقتصادية، خاصة وان الجانب الاقتصادي هو الأكثر قربا لتحقيق التكامل الخليجي، على غرار تجربة الاتحاد الأوروبي الناجحة والتي بدأت بالجانب الاقتصادي والثقافي ومن ثم الجانب السياسي.
وأضاف شحاتة: «بحسب أدبيات العلوم السياسية، على دول مجلس التعاون التركيز أولاً على السياسة الدنيا والتي تتعلق بالاقتصاد والثقافة، فيما تأتي السياسة العليا والمتمثلة بالأمن والسياسة لاحقاً».
ولفت شحاتة الى أن هناك قضايا اقتصادية ملحة يجب التعامل معها قبل الاتحاد الخليجي كعجز الموازنة وحجم الدين العام، مشيرا إلى أن قمة البحرين يمكنها وضع جدول زمني للتجارة البينية ومشاريع استكمال سكة الحديد والمواصلات الداخلية الموحدة التي ستسهل الكثير من التجارة البينية بين دول مجلس التعاون، خاصة وان التجارية البينية بين دول الخليجي لا تصل الى نسبة 10% من قيمة اجمالي التجارة بين دول الخليج وباقي دول العالم.
وذكر شحاتة انه يمكن أن يساهم الاتحاد الخليجي الاقتصادي في مواجهة التبعات النفطية مع التركيز على تنويع القاعدة الإنتاجية بعيدا عن النفط والاستفادة من المزايا النسبية لبعض الدول حتى يزيد حجم التجارة البينية ورفع الجدوى الاقتصادية لمشاريع السكة الحديد والمواصلات الموحدة.
وتوقع شحاتة ان يتم ربط سعر صرف «الدينار» أو «الريال» الخليجي المرتقب بسعر صرف الدولار الأمريكي، كونه عملة العالم الرئيسية ولا تزال الولايات المتحدة تتصدر الريادة الاقتصادية على مستوى العالم.
الى ذلك، أكد رجل الأعمال محمد عثمان طاهر ان قمة البحرين من شأنها ان تكون ارضا خصبة لمشروع العملة الخليجية الموحدة وتوحيد السوق الخليجية المشتركة وتمكين البضائع والسلع بكافة أنواعها من التنقل بسهولة واكثر انسيابية من أي وقت مضى، بما يخدم تحسين معيشة المواطنين الخليجيين والارتقاء بمستوى رفاهية شعوب المنطقة.
وبين طاهر ان البحرين وباقي دول مجلس التعاون نجحت من امتصاص صدمة الهبوط الحاد لأسعار النفط بفضل اتخاذها العديد من السياسات الحصيفة بعيدا عن البترول، مع الحفاظ على وتيرة ثابتة في تطوير البنى التحتية والخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين. وذكر طاهر ان التكامل الاقتصادي الخليجي قابل للتحقيق بنسبة 100% مع تهيئة الأرضية المناسبة وما تملكه الدول الست من مقومات وامكانيات مشتركة للانطلاق نحو آفاق أرحب من التنمية الشاملة في كافة الحقول الاقتصادية.
بدوره، قال مدير عام جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج وأمين عام مهرجان الخليجي للإذاعة والتلفزيون الدكتور عبدالله أبوراس ان الهم الخليجي الجانب الاقتصادي موجود منذ انشاء مجلس التعاون.
الحاجة للوحدة
وبين أبوراس: «نحن في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى توحد خليجي يدعم مسيرة العمل المشترك او الاتحاد المرتقب، وستسهم القمة بالارتقاء بالجانب الاقتصادي من خلال تعزيز السوق المشتركة والاتحاد الجمركي والربط الكهربائي والمائي واللوجستي، مع التأكيد على وحدة النقد». وأبدى أبوراس تفاؤله من إصدار «الدينار» او «الريال» الخليجي في وقت قريب بحكم السياسات النقدية الموحدة والتشريعات المرنة للمصارف المركزية، كما ان لدى دول الخليج من الاحتياطيات والرؤى الاقتصادية القادرة على التغلب على كل الصعاب».