أكد عدد من المثقفين والأدباء أن للفن دورا كبيرا في عملية مواجهة التطرف والعنف في المجتمع من خلال غرس الحب وتذوق الجمال والفن الذي يدعو للتسامح والود.
في البداية، ذكر الناقد القطري الدكتور صالح غريب، أن الفن والثقافة من أهم عوامل توعية وتثقيف المجتمع العربي، وبالتالي فإن لهما دورا كبيرا في عملية مواجهة التطرف بكل أشكاله.
وقال: من أشكال التطرف الحاصلة في المجتمع اليوم والتي قد نساهم فيها بشكل أو بآخر هو عدم تفعيل دور الفنان والمثقف في التوعية، وذلك بعدم إفساح المجال أو توفير المناخ المناسب لهم للتعبير بالكلمة أو الريشة أو العمل الفني، فيما الجيل الحالي مخترق من ثقافات أخرى تغرس في عقولهم الأفكار الهدامة.
وختم غريب حديثه بأمنيته بأن يعطى الكاتب والفنان مساحة أكبر ليساهم بتشكيل جدار أو مصد إعلامي، يحمي من خلاله شباب وأبناء الوطن العربي من الأفكار المتطرفة التي تغزو الشباب من الخارج. فيما ترى القاصة والروائية زينب البحراني، أن قدرة الفن على مواجهة التطرف قد تتفوق في أوقات كثيرة على العديد من وسائل الإعلام والتعليم التي تعتمد على التلقين المباشر، مقارنة بالفن الذي يعتمد على الغرس من منطلق الحب والاستمتاع بمذاق المادة الفنية التي تجد طريقها إلى جميع الأعمار، خصوصا إذا كان العمل الفني واسع الانتشار، وهو عكس أشكال الخطابات الأخرى التي قد تستهدف عمرا معينا أو شرائح مجتمعية لها توجهاتها الخاصة.
وقالت: قد يرتدي الفن ثوب الدعابة لتتسلل إلى النفس برشاقة، أو نغمة تستولي على الوجدان بخفة، أو فكرة سهلة ذات مضمون عميق يدخل إلى القلب والعقل دون حواجز، ليربي الطفل ويرشد المرأة وينبه الرجل، فيما قد يحظى عمل فني بفرصة بقاء على قيد الحياة في أذهان المتلقين ووجدانهم الجمعي أطول كثيرًا من وسائل التوعية الأخرى التي يموت أثرها في مكانها وزمانها أو في غضون فترة وجيزة على أكثر تقدير. من جهته أكد الشاعر المصري مصطفى الكحلاوي على أهمية التعليم في مواجهة التطرف؛ لكونه الأساس الحقيقي لتنمية روح التسامح والمحبة والأخوة لدى الطلاب، ولتعريفهم على المفهوم الحقيقي للدين الإسلامي القائم على الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف الفكري الذي لا يخدم الفرد ولا المجتمع، بل يكون معولا للهدم والتدمير.
وأضاف الكحلاوي: يجب علينا أن ننمي داخل الطلاب حب الإبداع الذي يساهم برقي وتهذيب الإنسان، سواء من خلال الشعر أو النثر أو الرسم أو أي مجال من مجالات الفنون والأدب.
وطالب الناقد العراقي محمد حاجم بأن تكون نظرة المجتمع إنسانية عامة بعيدة عن الحواجز والتقاطع مع الآخر، مشيرا إلى أن الفن عبارة عن اكتشاف إنساني رفيع المستوى يتعالى عن الصغائر والهويات الفرعية ليقدم رؤية كونية للعالم.
وأضاف: على المبدع أن يكون ذا موقف حضاري من كل ما يدور حوله، ليشمل بفنه (الأدب، والموسيقى، والرسم، وغيرها من فنون إبداعية) يعالج من خلالها جوهر الذات البشرية، ويرمم تصدعات الذاكرة فيها، وأﻻ يجعلها ماضوية التفكير، وذلك لا يكون إلا بخلق عوالم رحبة يكون فيها الآخر شريكا حقيقيا في الحياة، وهو ما يساهم - بلا شك - للتخلص من العداء التاريخي الذي يؤدي للتطرف.