لا يتمتع الشاعر حسن السبع بموهبة واحدة فقط، بل هو مجموعة مواهب في شخص واحد، هذا ما أجمع عليه المتحدثون والمشاركون في حفل تكريمه مساء أمس الأول الإثنين بصالة الأمير فيصل بن فهد للمناسبات بنادي الخليج بسيهات. تناوب ثلاثة مقدمين على تقديم الحفل الضخم الذي أعدّ له بعناية فائقة تشي بحجم المحتفى به ومكانته في المشهد الثقافي والاجتماعي، فمدينته «سيهات»، كانت مزينة بالإعلانات في كل مكان وزاوية، وصور الشاعر تحيط بك أينما اتجهت في طريقك إلى نادي الخليج، أحد أقدم الأندية الرياضية في المملكة ، ذلك النادي الذي يعتبر السبع من أبرز المؤسسين للنشاط الثقافي والمسرحي فيه.
الحفل الذي انطلقت فكرته من رئيس منتدى سيهات الثقافي كمال المزعل الذي رتّب له ليكون لائقا بشخصية مبدعة شارك فيه رجالات سيهات بمؤسسات ورجال أعمالها وأدبائها ورياضييها وحضره نخبة من المبدعين والمثقفين من المملكة والعرب المقيمين، فكان من الطبيعي والمنسجم مع لوحة التكريم المتمثلة في تلك الأمسية أن يكون مسك ختامها قصيدة للشاعر السبع، يتغزّل فيها بمدينته التي ترعرع فيها وأحبّها .
غير أنّ مساحة الحفل لم تكن محصورة بهذه المدينة الواقعة بين البحر والنخيل، اذ تغزل بكل مدن المملكة، في رسالة شكر وامتنان للمشاركين في الحفل من كافة المدن، والذين بعثوا الرسائل مهنئين ومشاركين فقال: «المكان بلا قيمة دونكم، المكان بلا معنى دون الإنسان، المكان بلا جمال دون مشاركتكم».
من جانبهم أكد المشاركون على «وطنيّة» المناسبة وشموليتها واتساعها، فرئيس مجلس إدارة نادي الخليح فوزي الباشا أكّد في كلمته على أن التكريم هو تكريم للمجتمع، شاكرا رعاة الحفل والمنظمين وعلى رأسهم الدكتور عبدالله السيهاتي، وأبناء الحاج عبد الوهاب المعلم، وكمال المزعل.
وفي ذات السياق كانت كلمة الأديب إسحاق الشيخ يعقوب الذي قال: لقد عهدناه كما عهده الوطن ابنا بارا بوطنيته، يديرها شعرا ينير الطريق، ضدّ التطرف والظلام، (كله على بعضه) بسيط كالحقيقة، شاعر جميل وهجّاء يحسب له الجميع ألف حساب.
وللشعر حضور جمالي في زخرفة الحفل منذ مقدمته الأولى بكلمات أدبية انتقاها الشاعر فريد النمر ليفرش بها تمهيدا جماليا لفقرات الحفل فجاءت على لسانه عبارات رقيقة في ثناء الكائن الشعري الذي وصفه بأنه: «ذلك الكائن الذي ينمو في مفاصل الكون على شجرة الحياة المثمرة، ولأنه كل الثقافة في المجتمع الحرّ فقد أصبح محور الفنون التي تطوف حوله».
وكانت للمقدّم محمّد جواد، وهو من الناشطين في سيهات، وقفات وإطلالات على الجانب الاجتماعي في النتاج الأدبي للمكرم ، بالرغم من إقراره أنه «ليس مصلحا اجتماعيا،»، إلا أن كتاباته كانت زاخرة بالمسؤولية والهم العام، وهو ما أكده مشاركون آخرون شددوا على الالتزام الثقافي للمحتفى به، وجديته.
أما الشاعر أحمد الملا رئيس ثقافة وفنون الدمام فقد احتفى في كلمته بالسبع الصديق الذي عايشه في القسم الثقافي لجريدة (اليوم) في الثمانينيات ضمن مجموعة من الصحفيين المثقفين الذين حملوا على عاتقهم هم تطوير المشهد الثقافي، وجاء في كلمته: ليس بقرينة شعره ولا مقاله ولا روايته تتعرف عليه، من لم يعرفه عن قرب فعليه أن يبحث عما يواسيه، تجد فيه الصديق البشوش المازح الذي لم يسلم أحد من مزحاته، والمتواضع في كل لقاء، ذو وعي تراثي واضح في شواهده، عازف عن مزاحمة اللاهثين للبروز. كان حينها يحرر الصفحة الثقافية بمهل العطوف على المستقبل، لم يذكر مرّة شيئا عن دوره الأبوي ولا اسمَ واحدٍ ممن رعاهم بالعناية والتوجيه.
وقدم الشاعر جاسم الصحيح قصيدته «ريح الكتابة ممحاة الضجر» المهداة للسبع قائلا: باسم الله أولا، ثم باسم الوطن، ثم باسم الأحساء التي جئت منها وبها.
وجاء في قصيدته:
(ستون عاما) ولَمَّا تبتدئْ عُمُرَكْ ***هل ثَمَّ قافيةٌ ترشو بها قَدَرَكْ؟!
يا خادعَ الوقتِ.. تاهتْ عنكَ سُكَّتُهُ *** كأنَّهُ عَبَر الدنيا وما عَبَرَكْ
وتحدث الدكتور مبارك الخالدي في كلمته المعنونة بـ«السبع.. المنسجم مع نفسه والمتسامح مع العالم» عن تسامح السبع وانفتاحه على الجميع وتعدديته التي تجعله الشخص المناسب لإدارة مؤسسة ثقافية، حيث المشهد تتقاطع فيه العديد من التيارات المتناقضة، مؤكدا أن «التعدد هو حسن السبع، كما ذكر أن هذه السمات الشخصية للمكرم تعود إلى الثمانينيات حيث عمل معه في القسم الثقافي بجريدة (اليوم) وسط مجموعة من المثقفين الطليعيين.
وكان للروائي عبدالله آل عبدالمحسن كلمة بعنوان (فواصل من سيرة المكرّم)، ذكر فيها دور والده المحب والحافظ للشعر ومكتبته في تنشئته الأدبية،، متحدثا عن شخصيته الملتزمة والجادة ما جعله في طليعة جيل التنوير، مبينا أن الكتابة الساخرة لديه لون من التحوير الذي يسلكه حين تضيق مساحة التعبير.
وقدّم الكاتب محمّد الشافعي لمسك ختام الأمسية التكريمية حيث تلا الشاعر السبع قصيدة غزل وعرفان لمدينته سيهات أهداها لكل مدينة في العالم، وعرّف الشافعي بالجهات الداعمة والمكرمة حيث تقدّم ممثلوها بتقديم الدروع معبرة عن قطاع واسع من المؤسسات والمنتديات الثقافية والاجتماعية في سيهات والدمام والأحساء.
جانب من الحضور (عبدالله السيهاتي)