كشف رائد الأعمال سهيل القصيبي، الابن البكر للأديب والروائي والشاعر والوزير الاستثناء والدبلوماسي السعودي -المغفور له بإذن الله- د. غازي القصيبي، أن هناك ثلاثة دروس أساسية من سيرة ومسيرة والده نحن بحاجة إلى تكريسها وتعزيزها في منظومتنا القيمية والاخلاقية والثقافية وهي التواضع ومعاملة الناس باحترام والانضباط الحياتّي.
وقال في الأمسية الإعلامية السنوية المفتوحة التي نظمتها غرفة الأحساء مساء أمس الأول، بمقرها بالمبرز، إن صيت وشهرة والده لم تؤثر سلبًا على التزامه الاخلاقي وتواضعه الذي عُرف به، وظل وفيًا لنفسه ولقيمه ومبادئه ومجتمعه وسيرته الأولى دون أن تحمله الشهرة والنجاحات الكبيرة التي حصدها على الاستعلاء على الناس أو استصغارهم والترفّع عليهم.
وأظهرت الأمسية التي جاءت تحت عنوان «جوانب من حياة الراحل غازي القصيبي»، وسط حضور لافت، مدى التقدير والحب والوفاء الذي تحمله أجيال متفاوتة في العمر والمعرفة من الرجال والنساء والشباب لتجربة د. القصيبي الاستثنائية الفريدة في الشعر والرواية والأدب والإدارة والقيادة.
وأوضح سهيل أن الراحل كان يتعامل مع عدد كبير من الناس من شتى شرائح المجتمع من ملوك وأمراء ووزراء ومشايخ وسفراء وكذلك مع مرؤوسيه في المكتب والمنزل إلا أنه كان يتعامل مع الجميع بمنتهى الاحترام من منطلق حسه الانساني الرفيع، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية أو وظيفتهم، لكونه يرى أن الجميع يستحق الاحترام، مبيّنًا أنه كان يعامل الناس كما يحب أن يُعامل هو. وعن الانضباط في حياة والده، بيّن سهيل أن سر انتاجية الراحل الكبيرة والتي بلغت 70 كتابًا لم تكن لتتحقق لولا انضباطه وحسن ترتيبه وتنظيمه وإدارته للوقت، مشيرًا إلى أن والده كان يتجنب أغلب الأعمال اليومية والروتينية التي يقوم بها معظم الناس، ويعتذر عن معظم الحفلات والمناسبات التي يُدعى إليها مفضّلًا البقاء في المنزل للقراءة أو الكتابة، لافتًا إلى أنه لم يكن يذهب إلى السوق إلا نادرًا جدًا وأن والدته حفظها الله هي من ظلت تقوم بكل شؤون البيت بما فيها كل الاحتياجات الشخصية للراحل.
وأشار إلى أن اتصال الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- به لتعزيته في وفاة والده، ترك أثرًا عميقًا في نفسه، لكونه جاء صادقًا ودافئًا بكل معاني الكلمة، وأن صوته كان مليئًا بالحزن والعطف والحنان، وأن وصاياه لي بالتماسك والتلاحم كأبناء للراحل والوجود بقرب والدتنا حفظها الله، فضل لن ننساه أبدا للملك عبدالله -رحمه الله-، مشيرًا إلى أن والده حباه الله عدة خصال ومزايا نال بها محبة السعوديين والعرب وكل من تعامل معه. ولفت سهيل إلى أن أكثر الملفات التي اعتنى بها الراحل قبل وفاته وأولاها اهتمامًا كبيرًا هي قضية توظيف السعوديين، وتقليل اعتماد الدولة على العمالة الوافدة.
وقال إن والده الراحل ترك لأبنائه خيار الوظيفة، واهتمامه الأول كان توفير تعليم جيّد لنا، وبعد حصولنا على الشهادات الجامعية اقتصر دوره على تقديم النصائح في خياراتنا العملية، موضحًا أنه يرى فيه مدرسة إدارية وموسوعة علمية، ورجلًا موهوبًا يحتفى بالصبر والمثابرة ويقبل بعلمه وجرأته الأدبية على الكتابة وبإخلاصه وهمته ووطنيته المتدفقة على العمل. ودعا سهيل في نهاية حديثه من يحبون غازي أن يقتدوا به في أهم صفاته وهي الايمان العميق بمبادئ ديننا الحنيف وفهمه لأصول الدين الحقيقية بعيدًا عن التعصب والتشدّد والتكفيّر.
وشهدت الأمسية في بدايتها فيلما وثائقيًا قصيرًا عن الراحل، بحضور كبير ومشاركة نسائية واسعة، وحفلت بمشاركات شعرية ومداخلات ثرية وأسئلة متنوعة طرحها الحاضرون ما أثرى أجواء الأمسية التي أهدته فيها د. صباح العرفج رسالتها في الدكتوراة التي كان لوالده اثر إيجابي على اختيار موضوع الرسالة. وطالب متداخلون ضمن الأمسية بضرورة إطلاق اسم د. غازي القصيبي على أحد معالم أو شوارع الأحساء مسقط رأسه، كتقدير بسيط يمكن من خلاله تخليد هذه الشخصية لرصيده الهائل وإسهاماته الفعالة.
وشدد المشاركون في الأمسية على أهمية جمع ما خلده الراحل الكبير، من كتب في مجال الإدارة أو الأدب والشعر وما كتب عنه في الصحف والمجلات المحلية والعربية وتوثيقها في موسوعة تحت عنوان «موسوعة غازي القصيبي» لاطلاع واستفادة الأجيال من نتاجاته المختلفة، إلى جانب نشر مخطوطاته التي لم تطبع إن وجدت، حيث أكد سهيل ردا على مداخلة في هذا الجانب بأنه توجد مخطوطة واحدة لم تطبع لأسباب خاصة.