أنا على استعداد لأراهن بأن صانع رؤية 2030، سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يفاجئ كل حين بالمنجم السياحي السعودي الذي يكتشف إمكانياته وثرواته الظاهرة والباطنة كل يوم. وما موقع مشروع «القِدِية» الذي وُصف بأنه أضخم مدينة ترفيهية وتثقيفية في العالم إلا جزء يسير من هذا المنجم الذي أهمل. المملكة بحجم قارة تطل على بحرين، ومناطقها متنوعة أجواء وبشرا وتاريخا وجغرافيا، بل إن تاريخا حضاريا سحيقا منه تاريخ العرب القديم مدفون تحت أراضيها الشاسعة، حيث لم يكن مسموحا أن يطفو من هذا التاريخ فوق السطح سوى الشعر وكمد المحبين القدماء. تخيل لو أنك قلت للناس في كل العالم هنا صخرة عنترة ومن هنا مر امرؤ القيس في طريقه إلى بلاد الروم، وهناك بكى كثير عزة حتى مات وهنا وهنا إلى آخره من مغريات تاريخ أجدادنا وجداتنا الذين تركوا لنا كل هذا المجد الرومانسي العظيم.
دعونا نقل إننا سنؤخر نبش تاريخ الأجداد الرومانسيين وغزواتهم للمجد والحب، ونكتفي بإنشاء مشاريع سياحية حديثة حقيقية تقوم على نفس قواعد السياحة المعروفة حول العالم من خيارات وخدمات وتسهيلات. لو فعلنا ذلك فقط صدقوني أننا سننافس إسبانيا في عدد السياح وسنفاجأ بثروة سعودية مهملة لا تساوي أمامها ثروة النفط شيئا. هذا حلم كبير ومشروع وممكن. المهم هو أن نعزم على تحقيق هذا الهدف ونوفر له أسبابه الحقيقية، حكومة وشعبا.
لست أرى مجالا للثروة والتوظيف وتعزيز مداخيل المواطين مثل مجال السياحة والترفيه المجرب والناجح في دول كثيرة تعد معالمها وعناصر جذبها السياحي ثروتها الطبيعية، إلى درجة أن دخلها القومي يصعد ويهبط بحسب تدفق السياح والمستثمرين إلى أراضيها. علينا، بلا تردد أو مواربة أو مجاملة، أن نستثمر ما حبانا الله من ثروات سياحية، وأن نعتبر ذلك من ضمن أولوياتنا التنموية لمستقبل بلادنا وأولادنا.