يكثر المحرضون ومثيرو الفتن والناعقون على أطلال الطائفية المنهارة والمنهزم ظلامها، أمام أنوار الوعي لدى المواطن، وإدراكه أهمية المحافظة على الوحدة الوطنية، والتصدي لمن يحاول الإساءة للمكتسبات الوطنية، أو تشويه جهود البناء المباركة التي يبذلها الأوفياء من أبناء هذا الوطن الغالي. وما من مواطن مخلص لوطنه إلا ويدرك من خلال قراءته للأحداث في دول عربية معروفة، أن العبور إلى أفياء التنمية الشاملة لن يتحقق إلا بالمحافظة على أمن الوطن وازدهاره، وبذلك يمكن تجاوز الظواهر السلبية والمعوقات التنموية والأزمات الاقتصادية الطارئة، وهي ظروف تمر بها معظم دول العالم، وبالحكمة والتخطيط السليم يمكن تجاوز كل هذه العقبات، وبمعرفة الواقع والتفاعل الإيجابي مع معطياته، يمكن التأسيس لمستقبل أفضل، وكثيرة هي تلك الدول التي بنت نهضتها الاقتصادية وازدهارها التنموي في خلال سنوات وجيزة، بعد أن كانت من الدول المتخلفة في مجالات كثيرة، لكنها بسياساتها المتوازنة، استفادت من مصادر دخلها، في بناء المواطن الذي حقق لها النهضة والازدهار التنموي. وقد أثبتت أساليب الإثارة والتحريض فشلها في تحقيق أي هدف إيجابي، وغالبا ما تعود بالضرر على من يتبناها أو يقف منها موقف المتفرج، فهي سلاح فاسد يرتد دوما على من يستخدمه، وغالبا ما يكون هذا السلاح وسيلة العاجز عن مواجهة الحقيقة، وأسلوب الهارب من مسئولية البناء الوطني، وملاذ المرتمين في أحضان القوى الخارجية، والمخدوعين بما تردده أبواق الأنظمة السياسية المغضوب عليها من شعوبها، والتي لم تجد وسيلة لإلهاء شعوبها عن خيباتها، سوى الاستعانة بالسذج وأصحاب النفوس الضعيفة، لإغرائهم بالمال وتجنيدهم بالسلاح، تحت شعارات طائفية مستهلكة، وحروب عدوانية مفتعلة، لإثارة الفتن في الدول المنصرفة لبناء نهضتها وازدهار شعوبها. وللتحريض وجوه قبيحة لا تخفى على المواطن العادي القادر على التمييز بين من يريد البناء والاستقرار، ومن يريد التخريب والإثارة، ولا يمكن القول إن التحريض هدفه البناء والاستقرار، وإنما هو تخريب متعمد وإثارة واضحة، فالخطب الملغمة، والكتابات المبطنة، والشعارات المزيفة، وجه من تلك الوجوه القبيحة، وكذلك «التغريدات» المشبوهة، والمشاركات التي تظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأساليبها المعوجة، وأهدافها الخبيثة، وتشويهها المتعمد للواقع، هي أيضا وجه من وجوه ذلك التحريض الهادف لزعزعة ثقة المواطن بقدراته، وإرباك طموحاته، وعرقلة تطلعاته المستقبلية. هذه الظواهر السلبية لا يمكن توقع حسن النية من أصحابها، وما من وسيلة للتخلص منها سوى مواجهتها بنظام صارم، رادع لمن يرتكبها، ومانع لمن تسول له نفسه التفكير في ارتكابها، وإذا كانت شعوب العالم، تعيش الدول منها بأمن مع تعدد المذاهب والأديان والعرقيات واللغات، فكيف لا نأخذ من هذه الدول عبرة في التعايش، بعيدا عن التحريض الطائفي المرفوض من الجميع؟!. وفي ديننا ما فيه من توجيهات تجنب الفتنة، والتعاون الدائم على البر والتقوى.