بدأت آلة الردح الإعلامية فتح جبهات تضليل للناس، بأن المملكة تحارب الإسلام. وهذا، طبعا، محض افتراء، مثل كل الافتراءات التي تختلقها ماكينات الدجل الصفوية والإخوانية والليبرالية والشللية الحزبية.
المملكة تبدأ مرحلة جديدة من مهمة «تنظيف» الفكر الإسلامي، وهذا ليس جديداً، وإنما تتخذ بعداً أكثر وضوحا، وبلا مجاملات أو مهادنات، كما في السابق، لتنقية الدين من الشوائب والتطرف والتعصب والغلو، والأهم مواجهة «موضة» تسييس الدين، التي أصبحت تجارة وسوقاً، وتفصيلا للدين على مقاسات أشخاص.
وترمي مهمة التنظيف إلى أن يعود الفهم الإسلامي نقياً صافياً رحيماً وإنسانياً كما كان في عهد الصحابة والتابعين، بل إن المملكة الآن تواصل مهمة تطبيق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي نهى عن «الغلو» الذي ينتهجه الحزبيون لجعل الدين مطية لغاياتهم وطموحاتهم الشخصية، وحتى وسيلة لدسائسهم الدنيئة وسوءاتهم وفسادهم (ألم يقل فاسد سرق مئات الملايين إنه قد تلبسه الجن؟ ليجد لنفسه ذريعة غبية للتملص).
والمملكة بدأت خطوات مرحلية لمكافحة الغلو والتطرف منذ مواجهتها الميدانية لمنظمة القاعدة الإرهابية قبل 15 عاماً، ثم داعش، وحققت قوات الأمن نجاحات باهرة. وتبدأ المملكة الآن في القضاء على «موضة» توظيف الدين وأدلجته وركوبه مطية لغايات سياسية وحزبية.
ويجب أن يعرف الناس أن «الصحوة» المذمومة هي التي رفعت شعار الدين ليكون غطاء دنيوياً للموبقات المنافية للدين ورسالته، مثل التوظيف الحزبي والسياسي وحتى الاستثمار التجاري. ولنتذكر أن «الحبة السوداء» وتوظيف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بشأنها، استخدم دعاية تجارية للإثراء الشخصي، وليس حباً في نشر الدين وتعاليم المصطفى الأمين.
والتسييس والتوظيف التجاري اختطفا الصحوة وأصبحا هوية طاغية لها وهمشا الأصوات الصحوية الراشدة التي تسعى إلى نشر كلمة الله صافية نقية بغية نشر الخير وإصلاح البلاد والعباد. بل إن أغلب (وليس كل) الصحويين، تركوا كل هموم الحياة، وانشغلوا، على هدي الإخوان، حذو القذة بالقذة، بالسياسة والسياسيين، وخلقوا رموزاً جعلوها آلهة تطاع وتبجل ولا تمس. واجتهدوا في تحزيب الناس وتكوين شلليات باسم الدين الذي يضاد الحزبيات والشلليات والعصبيات.
والدليل على الحزبية المقيتة وتسييس الدين أن المفكرين الإخوان مثلاً، يحصرون الدين في موضوع واحد فقط من الحياة هو السياسة والحاكمية والحكام، بينما لو قرأت لعالم صادق مثل الشيخ محمد بن عثيمين، رحمه الله، تجده يناقش كل شؤون الحياة، التراحم، والبيوع، والعبادات، والعلاقات الأسرية والاجتماعية والدنيا والآخرة.. إلخ. ولا يختص بموضوع واحد فقط، ليحظى بدعايات سياسية وتبجيل حزبي.
الذي شوه الصحوة هم الصحويون أنفسهم، إذ جعلوها دنيوية ذميمة ومنغلقة وحزبية وشللية، وجلبت معها شروراً أولها وأخطرها تشويه الدين القويم، وتقزيمه ليكون بمقاسات أشخاص يجري تكبيرهم وتبجيلهم ومنحهم صكوك البراءة، وأعطت للإرهاب مبررات وأعذاراً، وروجت لكره الناس، وتسببت في تكالب الأمم على البلاد. وبسبب هذه الانحرافات واجهت المملكة ابتزازات دولية وقحة، حتى تجرأت علينا دول هامشية وسفهاء ومغرضون وبياعو شعارات.