اجتمعت في الرياض أربعون دولة عربية وإسلامية لتطلق جملة مبادرات فكرية وإعلامية وعسكرية لمحاربة الإرهاب الأسود الذي يضرب هذه الدول ويضرب غيرها بلا هوادة. وليس هناك، بالمناسبة، دولة يمكن أن تقاوم الإرهاب منفردة أو بالنيابة عن المنطقة والعالم، فالإرهاب كما يهدد الجميع يحاربه الجميع؛ ويفترض، عبر التحالف الإسلامي العسكري، أن تنسق الدول بشأنه وتتبادل المعلومات الاستخباراتية التي تحد من اتساعه وتقود إلى مقاومته عسكرياً بالدرجة الأولى ثم مقاومته من خلال جملة إجراءات أهمها تجفيف منابع تمويله وتأييده من بعض الدول والجماعات والجمعيات التي طالما خدعتنا بمظاهرها الخيرية وشعاراتها الإنسانية.
المملكة بادرت إلى إنشاء هذا التحالف وهي تقوده الآن، وسوف تتولى إنشاء مقره في الرياض وتوفير كل السبل التي تضمن نجاح مبادراته وأعماله وتحركاته على كل الأصعدة. والمهم، في هذا الصدد، أن يوضع الإرهاب المحسوب على ولاية الفقيه الإيراني على طاولة التحالف، كما توضع القاعدة وداعش وغيرهما من التنظيمات.
الأذرع الإيرانية في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين وبعض فصائل الحشد الشعبي وما إليها كلها تمارس الإرهاب باسم دعم المستضعفين في مناطق الاستكبار وتحارب من تعتبرهم كفاراً.. أي أنها تركب نفس المركب الديني الذي تركبه القاعدة أو داعش. وبالتالي يجب على كل دول التحالف، وعلى دول العالم أجمع، أن تضعها في نفس الخانة وتحاربها لنفس الغرض وهو محو هذه التنظيمات من على وجه الأرض كما قال سمو ولي العهد في كلمته الافتتاحية لمؤتمر التحالف ضد الإرهاب. لقد بلغ الإرهاب حدوداً غير مسبوقة من الجرأة والإجرام والبشاعة، والدليل الماثل أمامنا ما حدث في مسجد الروضة في سيناء من قتل المصلين بالقنابل والرشاشات ومطاردتهم حتى أثناء هروبهم من المسجد للنجاة بأنفسهم. وعليه لا خيار أمام الدول العربية والإسلامية سوى أن تصدق نواياها مع بعضها وتتضامن تضامناً حقيقياً للتخلص من هذا الوباء الذي يتهددها ويعطل مساراتها الأمنية والتنموية. وبعد أن نفرغ من الإرهاب والإرهابيين يمكننا أن نختلف كما نشاء. نحن أمام هذه البشاعات لا نملك ترف الاختلاف والتزيد على بعضنا.